قبل مراجعة مسلسل تحت الوصاية تجدر الإشارة إلى إنه اكثر الأعمال التي نالت انتقادات واسعة قبل حتى صدور الإعلان التشويقي الخاص به، وعلى الرغم من ذلك فقد التزم جميع صانعوه الصمت، وذلك لثقتهم الكبيرة في أن ما سيقدموه في العمل سيعود وينال الإشادة.
وهذا ما حدث بالفعل، فأكثر الأعمال التي هوجمت قبل السباق الرمضاني، هو العمل الذي بات الكل يتحدث عنه منذ بداية عرضه في النصف الثاني من شهر رمضان كواحد من الأعمال التي ستظل عالقة بذاكرة محبي الدراما.
مراجعة مسلسل تحت الوصاية :
تدور أحداث العمل حول حنان التي يتوفى زوجها ويترك لها ولد وبنت، وبسبب وصاية الجد عليهما لا تتمكن من ادارة مركب الصيد الخاصة بزوجها وتصبح تحت سيطرة صالح عم أولادها، فتقرر الهرب من الاسكندرية بمركب الصيد والتوجه إلى دمياط بعيدا عن أهل زوجها لتحاول بدء حياتها من جديد ولكن صالح يحاول العثور عليها بشتى الطرق لإسترداد المركب والسيطرة على ورث الاطفال.
السيناريو والحوار:
مشكلة الاعمال بعض الاعمال التي تتطرق لأحد قضايا المرأة هو الاهتمام بالجانب الخطابي وبجانب القضية دون صياغتها في قصة محبوكة، ولكن في تحت الوصاية الامر مختلف فهناك قصة نسير معها بتطوراتها بشكل رائع.
خالد دياب وشيرين دياب كتبا سيناريو محكم للغاية، كان يبحث منذ اللحظة الاولى عن حل مشكلة تتعلق بوصاية أهل الزوج المتوفي على اولاده، وذلك من خلال شخصيات واقعية إلى حد كبير في تفكيرها وفي دوافعها، فكان السيناريو متقن من دوافع الشخصيات الواضحة، تسلسل الأحداث المنطقي، رسم الشخصيات على أفضل ما يكون.
مراجعة مسلسل الهرشة السابعة .. عمل راقي احترم عقلية المشاهد
حتى بعض الأخطاء التي تقع فيها الشخصيات خاصة شخصية حنان تم توظيف تلك الأخطاء بشكل منطقي ومقنع بإنها لا تملك ذكاء خارق بل هي شخصية عادية من الواقع تصيب في بعض قراراتها وتخطيء في بعضها الأخر، وذلك الأمر كان واضح في كل الشخصيات.
حتى شخصية صالح الذي يرغب في السيطرة على مركب أخيه المتوفي لم يكن شرير لمجرد الشر بل رسم شخصيته كان يمنحها شر قادمًا من ضعفه وعدم قدرته على القيام بأي أمر بصورة كاملة سوى مركب العمل على مركب الصيد التي استولى عليها.
استطاع السيناريو طوال الوقت خلق حالة من التعاطف مع حنان وابنها وابنتها، العلاقات الانسانية بناها السيناريو بأفضل صورة ممكنة تمنحها قرب واضح من الجماهير نتيجة للتأثر بها والتأثر بما تمر به، وذلك من خلال شخصية حنان واختها سناء وشخصية ربيع.
واهتم السيناريو كذلك بشخصية ياسين الابن الأكبر لحنان الذي يتولى مسئولية اخته الرضيعة فرح، وتجلى ذلك الاهتمام في انفجار ياسين وضيقه من رعايته المستمرة بأخته وصعوبة أن يعيش كطفل عادي، وهو ما كان نقطة إيجابية للسيناريو فأظهر طفل طبيعي يحتاج أن يعيش طفولته وليس طفل غير تقليدي يتحمل المسئولية دون ضيق.
ومع الجانب الرئيسي للمسلسل تواجدت خطوط فرعية لعلاقات او قصص درامية ربما يكون تأثيرها على الاحداث ليس بالقوي ولكنها تحمل رسائل مميزة، منها على سبيل المثال علاقة سناء بزوجها التي تحمل تقدير بينهم على الرغم من التوترات التي يعيشون بها.
وكذلك العلاقة الانسانية الرائعة بين حنان والريس ربيع، والذي كان من أفضل الشخصيات المكتوبة في العمل.
ربما عانى السيناريو في بعض الاوقات من أن تظل الأحداث كما هي، فكل حدث تمر بهه حنان يتم التوصل إلى حل له ولكن تظل الأمور كما هي ولا تختلف الشخصيات، ولكن السيناريو انتصر على ذلك قليلاً بمحاولته تكثيف الاحداث والصعوبات التي تتعرض لها حنان.
ولكن ذلك الأمر لم يطول خاصة مع أكثر من حدث استطاع بهم السيناريو أن يغير من أشكال الصراع، ويغير من ولاء بعض الشخصيات وعلاقتهم بالشخصية الرئيسية.
وصولا إلى تسلسل النهاية الذي يعد أبرز نقاط قوة العمل، فهو لم يلجأ للنهايات النمطية بل لجأ إلى نهاية صادمة إلى حد ما، كان الهدف الاساسي منها التأكيد على الرسالة التي يشيرر إليها وهي ما قد تؤول إليه الامور جراء تعرض الأرملة إلى أزمات بسبب الوصاية وما سيؤدي إليه فشلها في محاولاتها ان تكون متحكمة في أموال أطفالها.
وهي نهاية كان الهدف منها أن يكون هناك بحث حول تعديلات في قانون الوصاية نظراً لما قد تسببه جمود ذلك القانون من أزمات للأرملة وأطفالها.
الأداء التمثيلي:
منى زكي قدمت أداء تمثيلي متكامل أهتمت فيه بكل التفاصيل حتى طريقة سير الشخصية، وكان الأداء الهاديء هو السمة المميزة لها بتعبيرات الوجه حتى في مشهد موت أحد الشخصيات لم تلجأ للصراخ والنحيب، بل كان صمتها أكثر تأثيراً، واستطاعت ان تكون مقنعة في كل المشاهد التي قدمتها، خاصة التي جمعتها بأبنها الذي جسده الطفل عمر الشريف الذي سيكون له مستقبل كبير في عالم التمثيل فنادرا ما نشهد طفل بأداء متقن بذلك الشكل.
الممثل دياب مازال يثبت إنه ممثل ذو إمكانيات رائعة لم يتم اكتشاف الكثير منها بعد، فقدم اداء الشر الهاديء الذي يملك نقاط ضعف والذي يظهر خوفه في بعض الاوقات، أداء متمكن مقنع بشكل رائع.
مها نصار كذلك هي من أكثر النجمات اللاتي تسرن خطوات ثابتة فهي دائما تقدم أداء متألق، واستطاعت تقديم دور الأخت صاحبة الشخصية القوية بشكل جيد دون مبالغة فتستطيع تصديقها خلال لحظات قوتها ولحظات إنكسارها.
أحمد خالد صالح قدم واحد من أفضل أداءاته التمثيلية، أداء هاديء طبيعي، وتغير شخصيته خلال أحداث العمل تمكن من تجسديه بإتقان لتستطيع تصديق ذلك التغير الذي حدث له بسهولة.
خالد كمال وعلى صبحي و احمد عبدالحميد، قدموا بروفايل لشخصيات تعمل في البحر وكل منهم قدم الشخصية بشكل مختلف عن الاخرين، بل وحتى التغيرات التي حدثت لشخصياتهم استطعنا تصديقها بسبب صدقها الشديد، والثلاثة كانوا على اقصى درجات التألق والتصديق، والأخيران صبحي وعبدالحميد يستحقان الحصول على فرص أكبر في أعمال قادمة.
رشدي الشامي ممثل من العيار الثقيل جداً، فقد استطاع منذ ظهور شخصيته للمرة الأولى الإقناع بها في طريقة الحركة وطبقة الصوت، واستطاع أن يجعل الجميع يتعلق بشخصيته في العمل فهو من أفضل الممثلين القادرين على التلون.
ثراء جبيل تستطيع دائما تحدي نفسها في أدوار جديدة في كل مرة وتنجح في ذلك، نهى عابدين أستطاعت تقديم ما يجعلك تصدقها بشكل كامل.
الإخراج:
محمد شاكر خضير تمكن من تقديم لوحات فنية إخراجية، فالخروج إلى مشاهد مراكب الصيد ومشاهد دمياط والاسكندرية تم على افضل ما يكون.
تصوير الأماكن الخارجية تم بصورة مميزة ومشاهد الصيد كذلك، كما كان إخراج مشهد هروب مركب الصيد في الحلقة 14 منفذ بشكل متقن وجيد وغير تقليدي.
وعلى جانب المشاهد الدرامية فقد تم تقديمها بصورة تمكنت من إيصال مشاعر الشخصيات بشكل واضح.
كما أن الموسيقى التصويرية للرائعة ليال وطفة تم توظيفها بأكثر الاشكال ملائمة وانسجام مع الاحداث.
التقييم النهائي:
تحت الوصاية عمل يستحق تقييم 9\10 لما قدمه من قضية في قال درامي إجتماعي مميز، تضافرت جميع عناصر العمل لظهوره بأفضل شكل ليكون أفضل الاعمال الرمضانية التي ستعيش لفترة طويلة وليس مجرد تريند لمدة معينة.
كما تجدر الاشارة مرة أخرى بمهنية صناع العمل على صمتهم خلال الانتقادات التي تعرض لها العمل تاركين الحكم للجمهور بعد مشاهدة العمل، لينال العمل تصفيق واشادة الجميع.
