نهار داخلي – قاعة المحكمة – زين (١٢ عاماً) يخاطب القاضي.
القاضي: لماذا قررت أن تُقاضي والديك؟
زين: لأنهما منحاني الحياة.
– بدي اشتكي على أهلي
= ليش؟
– لأنون خلفوني.
“في عالم بلا وجه. مشوّه، حقير، بلا رحمة ولا جريرة، منذ ٢٠١١ ربيع لم يمر من هنا، أزمة نفايات، انتخابات فاشلة. أولويات تغيّرت. بهذا المعنى خرج لنا فيلم “كفرناحوم” أكثر نضجاً من كلّ ما سبق. فيلم مأسوي، هو الأشد إيلاماً وعبثية وشجناً وغضباً، فيلم تلفّه السوداوية، فلا يحاول حتى البحث عن أيّ مَخرج للوضع الذي فيه وإذ لا يحاول، فلأنّه يعي بأنّ كلّ الطرق تؤدّي إلى مكان واحد: اليأس. طفولة مُعذّبة، عمالة أجنبية تسيء معاملتها، بؤس، عنف أسري، زواج قاصرات، اتجّار بالبشر لا يمكن إنقاذ أي شيء في هذه اللوحة التي يرسمها الفيلم بألوان قاتمة شاجبة. لا مكان للحبّ والعطف والأمل هنا، لا مكان للطفولة والأمومة، للتربية والحنان، لا مكان للخلاص والتوبة، للكرامة والفرح. وحينها تظن أن العالم على وشك الإنهيار من فرط قسوته، وأن الله على وشك أن يبعث الناس من جديد لينقذ أولئك المساكين مما هم فيه من شقاء”.
كفر ناحوم فيلم لبناني عربي بإمتياز بيظهر واقع الطفولة المهمّشة وبيسلط الضوء على حياة المهمّشين فـ لبنان وخاصة الأطفال، أبطال فيلم نادين لبكي أبطال بجد، ماسبقش ليهم انهم وقفوا قدام كاميرا، وهنا استحقوا البطولة ونقلوا الواقعية بكل سلاسة.
– بداية من “زين” بطل الفيلم لـ” راحيل” العاملة الإثيوبية لطفلها الصغير. فيلم واقعي حقيقي بأدّق تفاصيله.. أصرت مخرجة العمل “نادين لبكي” يكون الممثلين غير محترفين لتأدية دورهم بشكل عفوي وقريب من حياتهم العادية، وده هتلمسه طول الفيلم وواضح جداً أنهم عكسوا واقعهم المرير، بكينا.. وضحكنا معاهم.. مش عليهم.
– فيلم مُحمّل على كتف هزيل لطفل عمره ١٢ سنة، زين اللي من عائلة وبيئة ومحيط قاسي وبائس، ضحيّة أوضاع اقتصادية معدومة وأهل بلا مسؤولية ووعي اجتماعي غائب وسُلطة ناقصة. زين اللي بياخدنا لعالم نكاد نسمع عنه لكن ماعيشناش مرارته.. العشوائيات وأطفال الشوارع وفوضى العيش والتلوّث السمعي.
– هتتفاجئ لما تعرف إن الطفل اللي عمل دور زين مش ممثل.. ده لاجئ من مخيمات اللاجئين فـ سوريا وده إسمه الحقيقي.. المخرجة عملت كاستينج لكل أدوار الفيلم مع اللاجئين و تقريباً كلهم مش ممثلين.. علشان كده الفيلم واقعي جدًا. تم اختياره للمنافسة على السعفة الذهبية فـ مهرجان كان السينمائي لسنة 2018. وأعلن فـ يناير 2019 عن ترشيح الفيلم لجائزة الأوسكار عن فئة أفضل فيلم أجنبي.
العالم قاسي ومؤلم في النهاية، ولكنّ من يأتي به على صورة شريطٍ سينمائي يتفوق على أوجاع واقعه يستحقُّ كل التقدير.. ونادين لبكي واحدة منهم.. فيلم “كفرناحوم” من أعظم الأفلام الروائية الطويلة اللي هتشوفها وهتسيب فيك أثر.