مراجعة فيلم escape from mogadishu
من بين جميع المدارس الفنية الأجنبية بجميع أنحاء العالم، تحظي السينما والدراما الكورية بنصيب الأسد من الإهتمام الشعبي والجماهيري، وباتت لا تخلو النقاشات المختلفة عبر مواقع التواصل الإجتماعي من الحديث عن أحدث وأهم ما تقدم دولة “كوريا الجنوبية” علي وجه التحديد من أفلام أو مسلسلات تعرف كيفية إحداث ذلك التأثير الكبير علي كل متلقي لهم، الذي يمكن تصنيفه علي أنه إبداعٍ حقيقي في الكيفية التي يقدم بها صناع تلك الأعمال رزنامة من أفضل وأعجب المحتويات الفنية التي لا يوجد مثيل لها في “هوليوود” علي وجه التحديد بما أنها المنبر الوحيد عند الأغلبية.
أفضل مسلسلات كورية مشوقة يجب ان تشاهدها
الكل بلا أدني شك رصد ذلك النجاح الساحق الذي حصده المسلسل الجنوني “squid game وتمكنه من إعتلاء مقدمة الأعمال الأكثر مشاهدة علي منصة “نتفليكس”، ومن قبله فيلم “forgotten” علي نفس المنصة، وبكل تأكيد الثناء النقدي والأوسكاري الذي ناله فيلم “parasite” للمخرج الفذ “بونج جون هو”، كل ذلك وأكثر كان يستحق كل حققه وعن جدارة وينم عن الوعي الكبير من قبل القائمين علي تلك الأعمال بما يحب الجمهور أن يتابعه.
الفارق الوحيد هو تلك الإضافات المذهلة والعجيبة التي تزيد بدرجاتٍ كبيرة من رصيد هذه الباقة من الأفلام والمسلسلات الدرامية عند المشاهدين الذين لم يتوقعوا أنه سيكون هناك تخطي لحاجز التوقعات المعينة التي وضعهوها، وبنتائج مبهرة في النهاية أفادت جميع الأطراف وحققت المتعة والمال، والشهرة والتقدير، وأيضاً الحب المتزايد والحماس لتقديم المزيد.
في فيلم escape from mogadishu لا يختلف الأمر كثيراً عن الأسماء المذكورة سلفاً من ناحية جودة العمل والمتعة الهائلة التي يقدمها، فيلم أكشن وحركة يمتلك بضعة لحظاتٍ من خفة الظل لم يكن مفاجاة ترشحه لكي يكون ممثل “كوريا” في ترشيحات الأوسكار لأفضل فيلم ناطق بلغة أجنبية، فهو ملم تماماً بالعناصر التي ينتظرها الجمهور من أي عمل كوري، وأجواءه العامة تهيأ بفاعلية للجزء الحركي والملحمي القادر علي دفع العمل لبوابة الإستمتاع التي يقف عند الكثيرين من أجل أن يحظوا بساعتين من الوقت مع عملٍ غير هوليودي بات يتوازن مع نظيره الأمريكي في الأهمية في الوقت الحالي.
قصة فيلم escape from mogadishu
تدور أحداث فيلم escape from mogadishu قصة هروب سفراء دولتي “كوريا الشمالية” و”كوريا الجنوبية” من “مقديشيو” بدولة الصومال عقب إندلاع الحرب الأهلية بين الثوار والسلطة الحاكمة في البلاد، وإتحادهم مع بعضهما البعض من أجل محاولة النجاة بالرغم من المشاكل العديدة الواقعة بينهما.
بداية فيلم escape from mogadishu كانت متعثرة بعد الشئ، خطاب سياسي وإنعكاس الخلافات الدائرة بين طرفي “كوريا” الشمالي والجنوبي لم يكن جذاباً بشكلٍ كبير، ومرتكز علي عديد المواقف الحوارية التي يصعب التواصل معها في ظل إمتلاء تلك المشاهد بالمفردات المعقدة في الفهم وإدراكها بالشكل المطلوب، بالرغم من ذلك كان منطقياً تواجد مثل هذه التسلسلات بالعمل بالرغم من تصنيفه كفيلم أكشن في المقام الأول ثم يأتي بعد ذلك الجزء الدرامي ليشغل بعض فتراته.
وذلك لأن محرك الأحداث التالية يعتمد في الأساس علي النزاع الذي تم ترسيخه في البداية إلي أن تشتعل الحرب علي أراضي الصومال، وهنا يبدأ الرتم العام للأحداث في التصاعد تزامناً مع المنحني الذي تأخذه القصة إلي جانب الأكشن المقدم هنا الناتج عن المواجهات الضارية بين طرفي الصراع في “الصومال”، وهنا يمكن القول أن السيناريو بدأ في تعويض المشاهد عما سبق من تفاصيل، وترميم تلك الفجوة التي صنعتها البدايات حتي يصبح للفيلم وهو ما حدث فعلياً القابلية الكبيرة شانه شأن أي عملٍ كوري آخر.
علي ذكر مشاهد الأكشن، فقد جائت متسارعة ومدوية وتتصاعب كل مرة علي الأبطال وقت تطور وتشابك المواجهات علي الأراضي الصومالية التي تعلو فيها لغة السلاح وتراق علي إثرها الدماء بلا هوادة، و هنا يسهل علي الشخصيات تسليط آدائاتهم التمثيلية من أجل عكس مشاعر الخطر المحيط عليهم في إنفعالاتهم وأحاسيسيهم الهائجة بضروة النجاة والبحث عن منفذٍ للفرار من هذا الجحيم المستعر في الصومال.
تلك الأدائات التي لم تكن جذابة في البداية كما تم الإشارة إلي ذلك الشق بالتحديد في الفقرات السابقة، قد يشعر المتلقي بأن هناك تسميع للحوار وإلقائه كلماتٍ تلو الأخري من أجل الإنتهاء من تلك المشاهد فحسب، ولكن الوضع يختلف كليتاً في النصف الثاني من الفيلم وتبدأ الشخصيات في الدخول فعلياً إلي أرض الأحداث، وتظهر أهميتها الحقيقية خصوصاً قرب النهاية في أحد أفضل مشاهد الأكشن بالفيلم ككل.
في الختام، قد يصعب علي فيلم escape from mogadishu الترشح لأجائزة الأوسكار هذا العام بالرغم مما فيه من إيجابيات، ولكن يكفي أن محبي السينما الكورية سيكونون علي موعد مع فيلم جديد يضاف إلي الرصيد الزاخر بالأعمال الجيدة التي إستطاعات جذب سريحة عريضة من الجمهور الغير مهتم بإعتبارات الجوائز وغيره