هل الإنسان شرير بطبعه أم أنه يميل للخير دوما مهما كانت الظروف؟
سؤال يبدو سهل الإجابة جدا عندما نجلس في حالة استرخاء نحتسي الشراب الدافئ فوق مقعد وثير … ولكن ماذا لو وجدنا أنفسنا مكان بطلي قصتنا .
الأول جافين بانيك (بن أفليك) المحامي المرموق في وول ستريت نيويورك صاحب السيارة المرسيدس الفارهة نسيب عائلة غنية وقوية … أما الثاني فهو دويل جبسون ( ساميول جاكسون) المنحدر من أصول سوداء والذي يعمل وكيلا لشركة تأمين ويقود سيارة تكاد تكون متهالكة وعلى وشك فراق عائلته .
ملحوظة … يحتوى على بعض حرق للأحداث
إذن فنحن أمام شخصيتين متناقضتين كل التناقض … ولكنهما سيشتركان معا في الإجابة على السؤال السابق …
تبدأ أحداث فيلم Changing Lanes بحادث تصادم بسيط بين سيارتي البطلين … حادث يمر علينا يوميا دون أن نتساءل هل من الممكن أن يكون حادثا كهذا سببا في انطلاق حرب نارية بين رجلين يظنان كل الظن أنهما من الأخيار ؟ حادث يفقد فيه المحامي أوراقا هامة سيقدمها للمحكمة والآخر سيتأخر عن موعد جلسته في نفس المحكمة … موقف كان من الممكن حله في أقل من دقيقة لولا أنانية كليهما … ولولا أنهما لم يعطيا أنفسهما فرصة للتواصل .
تمر علينا الأحداث ونكتشف أن من نظنهما من الأخيار لديهما من الأسرار السوداء ما يجعلنا نفكر … ماذا لو اطلعنا على خفايا بعضنا البعض ؟ ماذا لو كانت للذنوب رائحة؟ … فنكتشف المحامي المزور الخائن لزوجته … ونكتشف الوكيل السكير غير المسئول …
فقد المحامي أوراقه … وفقد الوكيل موعد قضيته … وتبدأ سلسلة مجنونة انتقامية مثيرة من الأحداث … فيخرج كل منهما ما في جعبته من أفعال لتصل لدرجة تعمد القتل وتعمد سرقة حساب البنك لإشهار الإفلاس … ويطلق كلاهما العنان للشر الكامن في الأعماق حتى نظن أنهما من شياطين الإنس … وكل فعل من أحدهما يتبعه رد فعل أسوأ من الآخر لدرجة تفقدك كمشاهد أي درجة من التعاطف مع أي منهما …
بمرور الأحداث يتكشف لنا معنى Changing Lanes … فهو في أول الفيلم يدل على تبادل الحارات المرورية ولكنه في الواقع يدل على تبادل الأدوار الانتقامية بينهما … هما فعلا طوال الأحداث changing Lanes .
وفي مشهد شديد الهدوء بالغ العمق والصراحة على عكس كل أحداث الفيلم تماما يتواجه بطلينا بحقيقة كل منهما … ويعترف كلاهما أمام الآخر بما فعلاه من آثام وشرور وكأنهما يعترفان للخلاص …
وتنتهي الأحداث ونظل نفكر هل لو كنا مكانهما سنفعل مثلهما أم لا؟ … هل نحن بدورنا أشرارا ونتظاهر أننا أخيارا ؟… دعونا لا نكون قساة في حكمنا عليهما فقد نكون مثلهما ونحن لا ندري … قد نكون مثلهما ولكن لم تأت الفرصة بعد لنخرج الشر الكامن في نفوسنا …
فيلم يطرح قضية بالغة التعقيد بطريقة سلسة للغاية وأحداث مثيرة استغرقت كل عناصر الفيلم فغطت على أداء الممثلين والعناصر الإخراجية الأخرى .