طرحت نتفليكس فيلم Ma Rainey’s Black Bottom ، وهو أخر فيلم شارك فيه النجم الراحل تشادويك بوسمان الذي اشتهر بشخصية Black panther ووافته المنية في أغسطس الماضي جراء الإصابة بالسرطان.
نرشح لك ايضا: افضل افلام تشادويك بوسمان
ولكن هل تمكن فيلم Ma Rainey’s Black Bottom أن يكون خاتمة جيدة لمشوار شادويك بوسمان السينمائي؟؟ .. الإجابة بكل تأكيد هي نعم، وللك فعلينا الدخول في تفاصيل الفيلم أكثر
مراجعة فيلم Ma Rainey’s Black Bottom
الفيلم مستوحى من أحد مسرحيات أوجست ويلسون الحائزة على جائزة بوليترز، وتدور أحداث فيلم Ma Rainey’s Black Bottom في عام 1927 حول المطربة “ما ريني” التي تعد من أوائل مطربي البلوز المحترفين من أصل أفريقي، التي تتوتر علاقتها بالإدارة الأمريكية التي تعمل على تسجيل أسطواناتها، نتيجة لرغبة شركة الأسطوانات في السيطرة عليها رغمًا عن “ما ريني” التي ترفض تحكم أحد بها، ومن جهة أخرى يحاول العازف الشاب “ليفي” أن يثبت موهبته الموسيقية وإنه ليس مجرد تابع لفرقة “ما ريني” ويملك أسلوب مميز، لتتوتر الأحداث خلال تسجيل أحد الأغاني
السيناريو والحوار :
السيناريو الذي صاغه روبن سانتياجو-هدسون كان يسير على جهتين، فمن جهة نرى المطربة “ما” تحاول دائمًا إظهار قوتها ورفضها لأي سيطرة عليها من الإدارة البيضاء، فهي كانت ترى أنه لولا تفوقها الغنائي ما كان أحد ليهتم بها، وبالتالي فهم يسعون للسيطرة عليها وعليها مواجهة ذلك الأمر بقوة شخصية غاضبة عنيفة في ردود الأفعال في كثير من الأوقات لتخفي ما يعتمل في نفسها من ألم لأن صوتها وتفوقها الغنائي هم مصدر قوتها، وحين يبدأ نجمها في الأفول فإنها ستعاني.
وعلى الجانب الأخر نرى العازف الشاب “ليفي” المتمرد على عزفه لأغاني قديمة وموسيقى إرتجالية ويرغب في عزف موسيقى حماسية وحقيقية، وهو ما يخلق بينه وبين زملائه العازفين حالة من التوتر، وكذلك مع “ما ” نفسها.
وقد سيطر السيناريو على الجانبين بشكل تام وإن كان التحدي الأكبر الذي واجه السيناريو، هو كون تلك الأحداث تقع في يوم ومكان واحد وهو الأستودي الذي تقوم فيه “ما” بتسجيل الأغاني.
وأستطاع السيناريو التغلب على ذلك التحدي ببراعة، كما إن السيناريو تمكن بالإضافة لذلك من إظهار حالة العنصرية التي كان يعاني منها السود في أمريكا خلال تلك الحقبة الزمنية، من خلال مشاهد أو جمل قصيرة، أو مواقف لا تتعدى الدقيقة مثل قيام أحد العازفين بشراء زجاجة مياه غازية
وظهر من خلال أحداث الفيلم الكثير من الأفكار والمعاناة من العنصرية من خلال تواجد الأربعة عازفين في غرفة واحدة ينتظرون وصول “ما” ليبدأوا العزف، وهم يتناقشون عدة نقاشات على الرغم من إختلافهم فهناك من يمتاز بالحكمة والأخر بالتدين ومحاولة الحفاظ على هدوء الأوضاع، والذي يحاول أن يبقى على الحياد من كل المواقف، بالإضافة للشاب الطموح المتهور.
وكل تلك الشخصيات حينما إجتمعت في غرفة واحدة رأينا عدد لا بأس به من الحوارات التي كان بعضها فلسفيًا ولكن دون أن تصل لدرجة عالية من التعقيد، بالإضافة لمشاهد تحمل رسائل بشكل غير مباشر.
الأداء التمثيلي:
كان الكثيرين ينتظرون رؤية أخر أعمال تشادويك بوسمان والذي أدى شخصية “ليفي” بنجاح كبير، فالشخصية تملك العديد من التقلبات والإنفعالات النفسية، وهو ما أداه بوسمان ببراعة منقطعة النظير لتلك الشخصية المتهورة والطموحة في آن واحد.
وتجلت قوة أداء بوسمان حينما قام بشرح أحد المواقف التي عاشها في طفولته وأثرت عليه حينما تم إتهامه بالخوف من الأشخاص البيض، وكان أداء بوسمان في ذلك المشهد مميز ليكمل سلسلة أداءه الرائع في الفيلم والذي قط يمنح البعض حزن لفقدان ممثل بتلك القدرات كان من الممكن أن يمنحنا الكثير من الأداءات المميزة.
أما فيولا ديفيز في دور “ما” فقد تفوقت على نفسها بتقديم تلك الشخصية الغاضبة والعنفة التي تكره السيطرة عليها، وقد تبغض طريقتها في بعض الأحيان، ولكن مع حديثها مع أحد العازفين ورؤية مزيج الألم والحزن عليها تصبح مجبر على التعاطف معها.
فقد أدت الشخصية بنجاح من الحزن والألم والإجهاد اختفى وسط ملامح الغضب والميكياج الذي أصبح ممسوحًا على وجهها ليخفي ما تعانيه بداخلها من ألم.
كما ظهر الثلاثة عازفين الأخرين بأداء قوي للغاية خاصة كلومان دومينجو في شخصية “كاتلر” وجلين ترومان في شخصية “توليدو” خاصة وأنهما تمكنا من خلال أداءهما الصداق بالتعبير عن الشخصيات التي مثلوها ودفعت الأحداث للأمام.
الإخراج:
تعد الأفلام ذات المكان الواحد أو الأماكن المحدودة تحدي خاص لأي مخرج، فأحداث الفيلم تدور في عدد محدود من الأماكن، بل وفي بعض الأوقات نمكث في مكان واحد فترة زمنية طويلة، ولكن ذلك لم يؤثر بالسلب على الفيلم.
فقد تمكن المخرج جورج س. ولف من التعامل مع ذلك الأمر بنجاح وربما يعود ذلك لخلفيته ككاتب مسرحي، ولكنه أستطاع التغلب على شعور المشاهد بالتواجد في مكان واحد لفترة طويلة، من خلال حركات مدروسة للكاميرا وكادرات موفقة غلب عليها الحركة للتغلب على شعور المشاهد بمكان واحد، ففي بعض الأحيان قد تتناسى إن الكاميرا بقيت في غرفة واحدة لمدة 10 دقائق نتيجة التصوير المميز.
كما كان واضح محاولة استخدام بعض الرمزيات في التصوير كذلك والتي لم تكن كثيرة وغير مقحمة بل جاءت بشكل جيد ومبسط لتمنح المشاهد تواصل أكبر مع الأحداث.
التقييم النهائي:
فيلم Ma Rainey’s Black Bottom ، يستحق تقييم 8\10 لأحتوائه على العديد من العناصر المميزة خاصة على جانب الأداء التمثيلي، ويستحق أن يكون نهاية مثالية للنجم تشادويك بوسمان.