مراجعة فيلم army of thieves
لقد كان من المتوقع حماس “نتفليكس” لإستمرارية ذلك العمل الذي قدمه المخرج “زاك سنايدر” في فيلم “army of the dead” بعدما تمكن من تحقيق المراد منه سواء علي مستوي المشاهدات أو حصاد الثناء النقدي والجماهيري، فذلك لم يكن نجاح “زاك سنايدر” في محو آثار خيبات عالم “دي سي” السينمائي فحسب، بل هي كانت بداية لسلسلة من الأعمال الترفيهية الجيدة التي تعرف ترسيخ أجواء المتعة والإثارة حتي ولو كانت من المنزل بعيد عن صالات السينما المختلفة.
مراجعة فيلم army of the dead – زاك سنايدر يقدم ما يستحق النجاح عليه
فإن المميز في أفكار “زاك سنايدر” التي تابعناها في الفيلم السابق وهنا في إحدث إصدارات “نتفليكس” فيلم army of thieves يعكس تيمةً مختلفة في عناصرها المتعلقة بأعمال السطو والسرقة، وكذلك في طبيعة مخلوقات الزومبي التي تشكل نداً حقيقياً لأبطال المشاركين، ولكن دعونا نتكلم بشكل خاص عن فيلم army of thieves الذي يمنح فيه “زاك سنايدر” الفرصة للممثل والمخرج الألماني “ماتياس شفايجفوفر” بعدما رأي فيه الرجل المثالي لتولي زمام المشروع بعدما ظهر بشكلٍ لائق في شخصية “ديتر” في “army of the dead”.
وبالفعل كان ظن “زاك سنايدر” في محله حينما تمكن “شفايجفوفر” من إستثمار تلك الفرصة وتكوين نسخة مختلفة تماماً عن ما قدم من قبل في أفلام السرقة، وفريدة كليتاً في تفاصيلها الداخلية، وتحمل القدر الكافي من الترفيه والجنون التي يسهل تكيف المشاهد معها حتي وإن كانت لا تغزو أرجائها مخلوقات الزومبي نظراً للبعد الزمني الموجود بين فيلم army of theives ونظيره of the dead.
قصة فيلم army of thieves
تدور أحداث فيلم army of thieves ست سنوات قبل “army of the dead”، وتتناول شخصية فاتخ الخزن “ليدويج ديتر” الذي يتم تجنيده من قبل اللصة المحترفة “جوندولين” للمشاركة في مجموعة من عمليات السرقة لخزاناتٍ يصعب فك رموزها وممتلئة بالمال تتواجد في أماكن متفرقة عبر قارة “أوروبا”.
إهتم سيناريو فيلم army of thieves بتصميم فكرته بعيدة بالكامل عن سابقه، فنجد تعريف كامل بشخصية “ديتر” وأصل ولعه بفتخ الخزائن وتاريخها القديم (تجلي ذلك في واحدٍ من أفضل مشاهد فيلم army of thieves لم يكن من السهل توقع تقدميه بهذه الطريقة المثالية)، ومثال حي علي براعته بتلك الهواية، إلي أن ندخل سريعاً في صلب الحبكة وتتسارع أحداث الفيلم بطريقة حماسية يسهل تماماً التفاعل معها.
من يتمعن في قراءة الفقرة السابقة، يجد أنه تم التطرق إلي قدرة السيناريو علي عكس ما يريد الإشارة إليه بصرياً دون مباشرة في عملية طرح الأفكار، فإن فيلم army of the thieves فعل مالم يخطر علي بال أي صانع لأفلام السطو والسرقة أثناء عملية الإنتاج، وهي التركيز الداخلي علي التفاصيل الصغيرة وتصوير تتابعتها بدقة، هنا نجد تصورٍ مضبوط ودقيق لكل ما يحدث حينما يشرع “ديتر” في فك رموز الخزانات التي تقف حاجزاً بينه وبين الكاش الوفير.
مؤثرات بالغة الإتقان إبتدعها “ماتياس شفايفوفر” مخرجاً هذه المرة لكل صغيرة وكبيرة تخص خطواط فتح الخزانات يسبقها الطقوس الخاصة ب”ديتر” قبل الإقبال علي تحقيق شغفه الطويل، و هذا يعد فكر إبداعي غير عادي في فيلم تجاري ترفيهي يعكس حيوية أفكار صناع الأفلام الشباب الذين يحاولوا التجديد والبحث عن ما ينعش نوعيات الأفلام المختلفة، بخلاف ذلك هناك تسلسلاتٍ من الأكشن والحركة المتنوعة التي بالرغم من كونها تقليدية بعض الشئ، إلا أنها تساهم بشكلٍ كبير في جمالية التجربة ككل علي المستوي الفني والإخراجي.uuud
تكمن مشكلة فيلم army of thieves الوحيدة في بعض السرحان البسيط من السيناريو في توطيد العلاقة بين شخصيتي “ديتر” و”جوندولين” أكثر من الازم بما يشغل مساحةٍ من الوقت غير مفيدة علي الإطلاق، لإن ذلك كان بإمكانه التأثير علي إيقاع الفيلم المتسارع وأجوائه الجذابة التي تجمع بين عديد العناصر من كوميديا وأكشن ودراما وبتوازنٍ ملحوظ بينهم.
بخلاف ذلك، تميز عمل “ماتياس شفايجفوفر” الإخراجي بالقدرة علي إبتكار المشاهد بطريقة حديثة وعصرية، وتكثيف تفاصيل مشاهد الأكشن وبتعقيدات متوالية، بالإضافة لدمج بضعة مؤثراتٍ بالفيلم تشبه نسبياً ما قدم في “army of the dead”، والإتكاء علي مشاهد الفلاش باك لتقديم الشخصيات بطريقةٍ كرتونية اي نعم، ولكنها تناسب الطابع العام للفيلم وبتأثير فعالٍ أيضاً عليه.
تمثيلياً، يتمكن “ماتياس شفايجفوفر” من عكس طباع شخصية “ديتر” المهووسة بتلك الهواية التي يعشقها منذ الصغر، وإضفاء أجواء من خفة الظل النابعة من مشاهدة أفلام الأكشن والسرقة المختلفة، وأيضاَ المساهمة في القليل من الحس الدرامي الموجود بالحبكة، والتفاعل بجنون كرتوني مع تعرضه للخطر أثناء القيام بعمليات السرقة.
أيضاً إستطاعت النجمة الجميلة “ناثانيال إيمانويل” أن تظهر تناغماً كبيراً مع “شفايجفوفر” خصوصاً في اللحظات العاطفية التي جمعت بينهم، بالإضافة إلي القدرة المهولة والجهد البدني الكبير في مشاهد الإشتباكات التي يتضح أنها قامت بها دون الإستعانة بدوبلير، إلي جانب التجسيد الدرامي الجيد خصوصاً في الفصول الأخيرة من الفيلم الذي تشير إلي موهبة “ناثنايال” الكبيرة التي يجب الإهتمام بها في قادم المواعيد السينمائية.
في الختام، ربما كان مناسباً بكثير طرح فيلم army of thieves وكذلك “army of the dead” في السينما أفضل من صدورهما علي منصات المشاهدة الرقمية مثل “نتفليكس”، فالجودة العالية في عمليات التنفيذ والمنظور الفني والترفيهي الذان يتمتعان بها كلا العملين يناسبان كلياً العرض السينمائي الذي سيحمل بكل تأكيد رصيداً غير طبيعي من المتعة لعشاق تلك النوعية من الأفلام.