فيلم ابو صدام
علي عكس ما كان متوقع، تم الإستقرار علي طرح فيلم ابوصدام ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في نسخته رقم 43 بعدما تكهن البعض بأن فيلم “ريش” هو من سيكون العمل الذي ستشارك به مصر في المهرجان خصوصاً بعد تحقيق العمل النجاح الكبير في مهرجان الجونة المنصرم، وكذلك كون مرشح مصر في الأوسكار هذا العام وهو فيلم “سعاد” لن يعرض ضمن الفعاليات نظراً لكون منتجه هو “محمد حفظي” مدير مهرجان القاهرة ذاته.
مراجعة فيلم ريش – هل يستحق الفيلم كل هذه الضجة الكبيرة؟
فإنه بالنظر إلي كون العمل علي سبيل المثال إلي فئة الأعمال الواقعية التي ترثي أحوال البشر وأوضعاهم وسط الواقع الحياتي الدائر من حولهم، ما تم تقديمه بفيلم ابو صدام لا يمكنه أن يكون ميسر له نيل الإشادة النقدية والجماهيرية في ظل سطحية القصة، وتردي مستوي السيناريو بكل تفاصيله السردية، وخفوت مستوي التمثيل من كل المشاركين به.
من المفهوم بطبيعة الحال رغبة العديدين من صناع السينما في مطابقة أسلوب الغرب في تقديم الأفلام الواقعية التي تتسم بالقدرة علي رسم صورةٍ حقيقة عن الحياة بصعوباتها أكثر من مفاتنها، ولكن المؤسف وبالحديث مخرجة فيلم ابو صدام نفسها “نادين خان”، هناك إختيار ليس بالمثالي للجوانب التي لا يليق تناولها في عملٍ من المفترض أن يكون واجهة البلاد في محفل كبير مثل مهرجان القاهرة السينمائي.
ويبعد أيضاً كل البعد عن المبادئ الأساسية التي من شأنها صناعة فيلم جيد مبني علي أسس صحيحة ويطرح رسالةٍ معينة تلمس سريحةٍ كبيرة من الجمهور، وبتأثيرٍ كبير بعدها من تفكير وتدبر للموضوع ذاته، و بوعيٍ كبير علي المستوي الفكري.
قصة فيلم ابو صدام
تدور أحداث فيلم ابو صدام عن السائق “أبو صدام” الذي يعود لمهنة القيادة من جديد بعد غيابٍ دائم لخمس سنوات، فيصطحب معه مساعده الصغير “حسن” في المهمة الجديدة التي كلف بها، ومن خلال القصة نتعرف أكثر فأكثر علي شخصية “أبو صدام” والمسببات لتلك الحالة المزاجية و العدوانية والملتوية أيضاً في وقت كبير.
مراجعة فيلم ابو صدام
بالنظر إلي طبيعة أحداث فيلم ابو صدام، فهو يمكن تصنيفه علي أنه ينتمي لنوعية أفلام الرحلات علي الطريق، ولكن هنا يختلف الأمر كليتاً من حيث بُعد السيناريو النسبي عن التوليفة المتعارف عليها بتلك الأفلام من ناحية التحولات التي تطرأ علي الشخصيات، والتأثير الذي يتركه كل واحدٍ منهما علي الأخر، نحن امام شخصية أحادية الأبعاد لا تتغير طباعها وتزداد جرماً وعنفوانية مع مرور الوقت وتعرضه لمنغصات تشتعل من خلالها فضيل الغضب العارم الذي يصل إلي درجة كبيرة من الشهوانية.
وهنا يكمن السؤال عن فائدة ثبات تركيية شخصية “أبو صدام” تلك حتي نهاية فيلم ابو صدام وعدم إحداث أية تغيير علي إثر مواجهتها لمواقف عصيبة كانت علي مقربة من إيقاعها في فخ العقاب علي ما اقترفته، كل ما جاء من أحداث تجلي في شكل إيحائاتٍ جنسية وألفاظٍ بذيئة ومناظر مخلة بالذوق العام لا يمكن تصورها معروضة ضمن مهرجان يرتده أناسٍ من ذوي الحس الفني العالي في مشاهدة أفلام السينما المختلفة.
العيوب أيضاً إمتدت لتشمل تسلسل النهاية الغريب الذي يبرره البعض علي أنه نتاج طباع شخصية “أبو صدام” الوحشية والصدامية مع البشر، ولكن لم يكن هناك داعي لذلك في ظل أنه تم الترسيخ من البداية الكثير الموضح لهوية “أبو صدام” وتصرفاته التي لا تصدر من إنسان سوي لا يطلق العنان لرغباته الوحشية تلك مع الجميع، أيضاً هناك تفصيلةٍ معينة تتعلق بالشاب “حسن” مساعد “أبو صدام” تطرق إليها السيناريو عدة مرات دون أدني فائدة ولم يفهم ما هو المقصود منها حتي نهاية الفيلم.
حتي الأداء التمثيلي لم يكن بالجيد علي الإطلاق، لأول مرة نري “محمد ممدوح” بهذا الكم الكبير من الصراخ والغضب الذي يملئ جنبات الفيلم بأكمله، فيما يوحي بسوء إختيار “ممدوح” الذي يصنف في طليعة أفضل الممثلين في صناعة الفن المصري في الوقت الحالي، كذلك الأمر بنسبة ل”أحمد داش” الذي بات مستواه التجسيدي من سئ إلي أسوء خصوصاً من ناحية الإنفعالات والمبالغة الشديدة في إفتعال طريقة الشخصية في التعبير، فمع الأسف لم ينقذ حتي الأداء التمثيلي فيلم ابو صدام من الإنتقاد الكامل لكل عناصره.
في الختام، جائت أغلب الإنطباعات عقب إنتهاء عروض فيلم ابو صدام سلبية للغاية، وهو بالفعل إختيار غير منطقي لتمثيل مصر في مهرجان كبير بحجم مهرجان القاهرة السينمائي، وسيكون من الغريب فوزه بجائزة المسابقة الدولية والتي إن حدثت فهي مجاملة واضحة وصريحة ستشكك كثيراً من مصداقية القائمين علي المهرجان ولجنة تحكيمه.