“جتلك وأنا مش محتاج وإدتني، ودلوقت جايلك وأنا جعان وبتبخل عليا.. ده ظلم ولا فوضى”
“بحس المزيكا لازم الواحد يتعب عشان يسمعها.. لازم يبذل مجهود وميبقاش عارف النتيجة”.
“العالم هنا بقى صغير أوي عليا”.
“أنا بتهته وانا بتكلم مع الناس، لكن مش بتهته وانا بتكلم مع نفسي”.
“شيء مايمنعكش من الحب.. بس ما يخليهوش يكمل!”
” ممكن تبقى رسالة بَحار لأهله أو قصيدة شِعر، وممكن تبقى صلاة راهب، الحاجة الوحيدة المؤكدة إنها رسالة من البحر ليك”.
– الفيلم بيبدء بإزازة فـ عرض البحر مُحكمة الغلق فيها رسالة بتُطيح بيها موجة فتسلمها للي بعدها لحد مابتوصل فـ إيد بَحار عجوز بيرعبه منظرها.. فبيرميها وهو يقول “بسم الله الرحمن الرحيم”.. حيلة درامية بيبدأ الفيلم بالبسملة وكأنه بيقولك إنك بصدد عمل مُقدس.. فقط أربط حزامك وأمتعتك وسَلّم كل حواسك.
إسكندرية.. الوِحدة والحنين
الإزازة بتفضل تترنح بين الأمواج لحد ما بتوصل لـ “يحيى” فـ وقت كُربة.. مابيرميهاش وبيحاول فك طلاسمها.. رسالة بيحاول يترجمها لكنه مابلاقيهاش فـ أي لغة من أهل الأرض.. الفيلم بيخلص وإنت مش عارف الرسالة فيها إيه لكن هتلاقي رسايل كتير فـ الفيلم.
– دور “يحيى” قدر يجسده آسر بعبقرية تمثيلية لدور مُعقد رغم قلة خبرته إلا أنك مش هتلمح أي إفتعال أو أڤورة فـ أدائه!. ده بجانب عبقرية إختيار المكان.. إسكندرية مُلهمة المُبدعين ومهد السينما.. “يحيى” إسم استعان بيه المخرج العبقري “داوود عبد السيد” تلميذ يوسف شاهين ومخرج فيلم الكيت كات.. يحيى خريج طب.. الدكتور اللي ساب مهنته لأن المرضى والممرضات كانوا بيضحكوا من طريقة كلامه.. بسبب تلعثمه الشديد فـ الكلام.. بيموت أبوه وأمه ومابيفضلّوش حد من أهله غير أخوه الكبير اللي بيقرر يهاجر ويسيبه بعد ما رفض يمشي معاه وبيقعد لوحده رغم ظروفه المادية اللي بقت سيئة جداً بعد ما تناقصت إيرادات الأرض.. ففضّل يروح يستقر بشقة إسكندرية المهجورة ويرجع لذكرياته وجيرانه وريحة يود البحر.. وهناك بيلاقي جارته اليونانية العجوز اللي بتُقيم مع بنتها “كارلا” صديقة طفولته.. وبعد تبادل الأحضان وإسترجاع الذكريات.. بتحكيله “كارلا” إن حاجات كتيرة إتغيرت فيها.. كان من ضمنها ميولها الجنسية.
“المزيكا”
– خليني أفاجئك واقولك عازف البيانو مجهول الهوية طول الفيلم واللي بياخدك الفضول تعرف مين! هو “راجح داوود” ? اللي بيقدم وجبة موسيقية رائعة طول الفيلم.. واللي كان يحيى بيرجع من البار وبيقعد قدام البيت اللي خارجة منه الموسيقى وبيقف يسمع من شدة سحرها عشان تفضل وقفته من الطقوس اليومية المُقدسة اللي بيعملها.. لحد ما بيقابل “نورا” اللي بتظهرله من عدم.
– “نورا”
-مبدئياً أنا بحب بسمة جداً.. بسمة تلقائية مش ممثلة خالص!! “نورا” بتعرض عليه يمشي معاها تحت شمسيتها فـ عز المطر وبيتعرف عليها بطريقة فانتازية.. مايقلش تماماً عن اي مشهد أجنبي.. لو ركزت هتلاحظ إن يحيى شخص بيعاني من التهتهة مع أبطال الفيلم كلهم إلا إنه فـ مشاهده مع “نورا” التهتهة بتقل وأحياناً كانت بتختفي!! لأنه كان سعيد جداً طول ماهو معاها.. نورا إدتله سعادة وإطمئنان وحالة من الثقة واليقين.. وتغاضى تماماً عن اللي بتعمله بس لإنه إرتاح معاها نفسياً أكتر من المتعة الجنسية.
“مادية العالم”.
– ودي إتجسدت فـ “الحاج هاشم” مالك العمارة -صلاح عبدالله- اللي بيرمز لمادية العالم من حول “يحيى” اللي حيران يبيع الشقة ويساعد نفسه ولا يتمسك بذكرياته فيها؟ وبيحاول يوضحله ده لكنه بيسخر منه وماعندوش وقت يعرف تفاصيل ذكرياته ولا يسمع تهتهة كتير.. فـ الآخر هو باصص للشقة كأثاث وموقع.. الوقت عنده عشان الفلوس وبس.
“الصداقة”
– ودي إتلخصت فـ “قابيل” اللي بيتعرف عليه فـ البار.. بودي جارد سبق وقتل واحد قبل كده وبعدها أقسم إنه مش هيمد إيده على حد مرة تانية.. “محمد لطفي” ممثل محدود القدرة التمثيلية.. فجأة بتلاقيه وحش تمثيل على إيد “داوود عبد السيد”!.. “قابيل” هيعاني من نوبات صرع ويكتشف إن عنده ورم فـ المخ لازم يشيله.. بيهرب يوم العملية وبيعمل مشهد ياخد عليه أوسكار.
“المهمشون”
– “بيسة”.. صديقة قابيل.. الدور اللي جسدته مي كساب.. إسمها جاي من السلام.. السلام اللي بيعيش فيه معظم المُهمشين أمثالها.. سلام وراحة بال ومتعة وحب للحياة.. الأشياء الصغيرة اللي بتُبقى البشر أحياءً رغم الصعاب.
“السُلّطة”
-وده بيتمثل فـ مشهد ضرب ظابط الدورية ليحيى فـ ليلة رأس السنة.. ظناً منه إنه حرامي لما شاف هدية بسمة اللي كان نازل يجري وراها فـ الشارع يرجعهالها ولما سأله عجز يحيى عن التفسير بسبب ماعنده من تلعثُم ومقدرش يدافع عن نفسه بالكلام فإنهال عليه الظابط والعساكر بالضرب.. وبات الليلة فـ القسم مع سطوع سنة جديدة.. مشهد بيوريك إن الظلم هيفضل قائم حتى وإن كانت بداية جديدة.
أخيراً “الطفولة”.
“يحيى” لسه جواه طفل فاكر إنه يقدر يعمل اللي عايزه من غير قيود ومن غير ماحد يسخف عليه أو يقتحم مساحته الشخصية ونورا حاولت تصدمه علّه يفهم طبيعة العالم اللي عايش فيه.. العالم اللي مفيش فيه مكان لأمثاله المُتلعثمين بكل الطيبة والسذاجة اللي هو فيها.. المشهد الأخير عبقري.. يحيى بيتطرد من شقته وبيخلص الفيلم وهو مالوش مكان غير كتف نورا اللي بيسند عليه وبيوسع الكادر بمركب فـ البحر مفيش فيه غيرهم.. وكأن رسايل البحر ليحيى إتخلصت فـ أهم وأعظم رسالة ليه.. نورا