مراجعات

مراجعة فيلم house of gucci – حينما يكون للسلطة آثارها الجانبية

فيلم house of gucci

فيلم house of gucci

“بسم الأب والإبن ومنزل جوتشي”…..باتريسيا ريجياني 1978

هكذا تعلن “باتريسيا ريجياني” الولاء التام لتلك العائلة صاحبة الصيت الكبير في إيطاليا ساعيةً أن تحقق الكثير وتمتلك الكثير ،وأن تكون الأولي والسيدة والأمرة والناهية داخل ذلك الوسط الإجتماعي الراعي للسلطة والتحكم في عالم المال والأعمال والأزياء وصيحات الموضة المختلفة، “باتريسيا” التي أحبت وكان طموحها الأول، وخطت بقدميها أبواب الثراء فتزايدت الطموحات أكثر فأكثر.فيلم house of gucci

ولكنها لم تدري أنها كما يقول المثل الشهير “كلما كنت عدوانية، كلما كنت علي حافة الأخطاء”، وأن لكل فعل خاطئ ردود أفعال مغايرة ومضادة في الإتجاه ستقلب الطاولة عليها وتبعدها عن الصورة مسافاتٍ طويلة، وحينها حدث ما هو أسوء وما نتج عنه قضاء “بارتيسيا ريجياني” أغلب حياتها خلف الأسوار عقاباً علي جريمةٍ قتل زوجها “ماوريسيو جوتشي” المسالم الذي تحول بعدها إلي شيطانٍ ساعيٍ للسلطة كما وجد عليه أفراد عائلته.فيلم house of gucci

تلك الحادثة وما قبلها من تفاصيلٍ أدت إليها هي محور أحدث أعمال المخرج البريطاني الكبير “ريدلي سكوت” فيلم house of gucci، وهو الذي يعد المجدين في تقديم الأعمال المبنية علي قصصٍ حقيقية حدثت في الواقع، ويعرف كيف يختار القصة المناسبة التي تصلح لتتحول إلي عملٍ سينمائي ونتج عن ذلك الكثير من الأعمال الجيدة تنفيذاَ ومضموماُ مثل “all the money in the world” و “the last duel” هذا العام أيضاً.

هنا في فيلم house of gucci، نجح السير “ريدلي سكوت” في أن يقدم عملاً متماسك درامياً يتناول بشكلٍ غير كامل لكافة تفاصيل الحدث الحقيقي ويغطي أغلب جوانبه الهامة، وكذلك يستخدم أدواته الإخراجية بعناية ووعيٍ كبير كي يخرج العمل بالكثير ومن الإيجابيات التي من الممكن أن توفر له الفرصة الازمة في الأوسكار هذا العام من أجل الترشح في أغلب الجوائز الرئيسية من المهرجان.Murder at the house of Gucci: the true story behind the Ridley Scott film |  Magazine | The Times

قصة فيلم house of gucci

تدور أحداث فيلم house of gucci سنة 1978 عن “باتريسيا ريجياني” الفتاة الإيطالية الجميلة التي تقابل صدفة “مارويسيو جوتشي” إبن “رودولفو جوتشي” أحد أكبر أعضاء منزل “جوتشي” الرائدين في عالم الأزياء والموضة، وحينما تدخل “بارتيسيا” عالم “ماوريسيو” الذي بالرغم من ذلك أراد أن يتجنب التدخل في شؤون العائلة،يبدأ طموحها الجامح في التوغل أكثر داخل شؤوون العائلة، وتتسبب في دوامةً مهولة من الخيانة والطمع والإنحلال والقتل أيضاَ كما يعرف الجميع الحادث الأصلي.فيلم house of gucci

                  مراجعة فيلم drive my car – لمحات درامية عن معاني كثيرة بالحياة

مراجعة فيلم house of gucci

علي الرغم من أن السيناريو تكفل بتقديم غالبية الأحداث والتفاصيل التي أدت في النهاية لجريمة القتل، إلا أنه كان هناك بعض الطول النسبي في الوقت المقدر بساعتين و أربعين دقيقة، هيا ليست بالمشكلة الكبيرة التي تنقص من قابلية فيلم house of gucci، لأن المخرج “ريدلي سكوت” يحترم مشاهديه ويقدر بميزانٍ معين كمية الأحداث التي يجب تقديمها من أجل المعرفة والدراية التامة بسياق الحكاية الأصلية، ولكن إن كان هناك إمكانية لقص بعض المشاهدة الزائدة عن الحاجة، فكان لابد منها كي لا يحدث هبوط في الإيقاع العام لفيلم house of gucci عدة مرات.فيلم house of gucci

النقطة الأخري التي غابت عن الثنائي “بيكي جونستون” و “روبرتو بينتيفينا” في السيناريو هو مقاربة بعض اللحظات الهامة بالفيلم بما قبلها من ممهدات وقرارتٍ تم إتخذاها كل يحدث ما حدث، علي سبيل المثال في منتصف فيلم house of gucci فجأة نجد تحولٍ مفاجئ متعلق بأحد الشخصيات (لن يتم الخوض في التفاصيل لتجنب الحرق) وقبله مشهٍد آخر لا علاقة له بما يليه، وقد تكرر ذلك مرتين أو ثلاث إلي جانب سلبية أخري متعلقة بلحظات النهاية التي إختارت الختام الأسهل في الكشف عن مصير بعض الشخصيات الهامة التي لعبت دوراً كبيراً في القصة ككل.Here's Where You Can Watch House Of Gucci At Home

ولكن علي الجانب الأخر، هناك بناء درامي محكم للقصة من ناحية التمهيد وتصاعد الأحداث ولحظة الزروة قرب النهاية والختام نفسه،حيث تتبع القصة الترتيب المثالي لتفاصيلها بحسب ما جاء في المرجع الأساسي للفيلم، ويسهل علي الجميع فهم المعاني المتضمنة بالقصة من خلال أفعال وقرارات الشخصيات الرئيسية والمساندة، والمبنية بكل تأكيد علي مفاهيم السلطة والقوة والأطماع البشرية، ويحسب للعمل أن تناوله لتلك الرمزيات لم يكن مباشراً، بل هو ملحوظ من خلال عديد الأدوات السينمائية مثل القصة والأحداث والشخصيات أيضاً، وذلك إنجازٌ سينمائي مهم يضاف إلي قائمة أفلام السير الذاتية رفية المستوي حتي ولو كان هناك بضعة عيوب لا تنقص من جودة العمل علي الإطلاق.فيلم house of gucci

أيضاً تكفلت الأدائات التمثيلية من قيادة فيلم house of gucci لنجاحه تزامناً مع السيناريو بتجسيداتٍ بارعة من الجميع بلا إستثناء، هنا نجد “آدم درايفر” متمكن من عكس طباع “ماوريسيو جوتشي” الهادئة الطموحة بعيداً عن مغريات العمل تحت لواء “جوتشي” دون أن يكون حاملاً للقب نظرياً ، ومتمايل كليتاً مع التغييرات الجذرية التي أطلقت الوجه المغاير عما كان عليه سابقاً، أيضاً هناك حضورٍ قوي للمخضرمين “أل باتشينو” و”جيريمي أيرونز”، وخصوصاً الأول المتقن للغة الإيطالية وطباع الطليان في الحديث والتكلم.فيلم image

أما عن أبطال فيلم house of gucci الحقيقين فهما النجمة “ليدي جاجا” والنجم “جاريد ليتو” المتوقع ترشحهما للأوسكار هذا العام عن جدارة، “ليدي جاجا” التي إستطاعت إرتجال الطريقة المثلي لإبراز هوية “باتريسيا ريجياني” التي تتوق للسلطة والتربع علي عرشها كالملكة حتي وإن كانت لا تحمل لقب “جوتشي” في الأساس، حتي حينما حدث بداية الإنهيار التام لكل ما كانت تحلم به “باتريسيا” فيما بعد، نجد “جاجا” تغير من نمط الأداء إلي آخر مغاير دراميٌ في بعضه وعدوانياً في البعض الأخر، ولكنه قريب من الصورة المتخيلة عن “باتريسيا” الحقيقية التي لا يعرف أحد تفاصيل حياتها الشخصية.

أما “جاريد ليتو” فقد أجاد من خلف المكياج في تجسيد بلاهة “باولو جوتشي” وتصرفاته الطائشة وإنفعالاته الجنونية التي لا تدل علي عقلانيته بعكس والده “ألدو جوتشي”، قد يبان للبعض بأنه أداءٌ كرتوني يشبه كما قال المصمم “توم فورد” بإسكتشات “Saturday night live”، ولكنه علي العكس تجسيد مشابه لتصور الشخصية داخل تلك الأحداث وحتي بعيداً عن ذلك هو مثال علي طبيعة بشرية فاترة العقلانية ولا تعرف كيفية التصرف بطريقة حكيمة.فيلم house of gucci

في الختام، كان علي السير “ريدلي سكوت” التريث قبل أن يطلق أحكامه علي الجمهور ويهاجمهم علانيةً عقب فشل فيلمه الأخير “the last duel” علي مستوي شباك التذاكر، فما قدمه هنا في فيلم house of gucci لاقي إستحسان الجمهور في عرضه بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وأيضا جماهيرياً بتحقيقه ما يقارب 36 مليون دولار بعد عرضه بإسبوع واحد فقط، وإن ذلك علي شئ، فهو يدل علي القابلية الكبيرة التي تمتع بها العمل، وسوف يعد إضافة كبيرة لمسيرة “ريدلي سكوت” الحافلة بالإنجازات السينمائية المتميزة.

اسامة سعيد
كاتب وناقد سينمائى بموقع بيهايند وطبيب بشرى، محب للفن بشكل عام والسينما بشكل خاص.

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *