مراجعات

مراجعة فيلم Cyrano – حكايةٍ عن الحب والعشق الصادق

فيلم Cyrano

وما الحب إلا نورٍ للظلمات، ودواء القلوب، وسحر أيام جميلة ستتوالي شاعراً بالأنس والترابط مع نصفك الأخر حيث السكينة والإٍستقرار وحياة يملئها العشق والقرب ممن تهديه قلبك فيحتويه، وتشكو إليه آلامك فينسيك كل الهموم، وتقترب منه أكثر فيبعد عنك وحشة الماضي ومرارة الوحدة وهوان الواقع الذي يميت أية فرصةٍ للبقاء بنفسيةٍ نقية سليمة لا تفتقد لمتعة الحياة مثل الآخرين والتمتع بأسمي معانيها وأرق واجمل مشاعرها.

افلام رومانسية مميزة يمكنك مشاهدتها في عيد الحب

صور الحب تلك نجد ما يشابهها في فيلم Cyrano من إنتاج سنة 2021، حيث يختار المخرج “جو رايت” أن يعيد سيرةٍ من وحي التاريخ تجسد الحب حينما يكون صادقاً وكيف هو السعي إليه مهما كانت الطريقة حتي ولو كان من علي بعد وما يسببه ذلك من إفتقار لخصوصية الموقف وضمان الحصول علي تلك الغاية، معزوفة سينمائية علي أوتار الموسيقي وألحان الحب والكلمات الشاعرية تروي بسياقٍ سينمائي خالص ولكن يبقي تفاصيله هي ما ستصل بكل تأكيد لقلوب المتلقيين وبتأثير كبير من البداية للنهاية.

قصة فيلم Cyrano

تدور أحداث فيلم Cyrano عن “سيرانو دي بيرجيراك” المفتون بسيدة جميلة تدعي “روكسان”، ولكن بسبب ضئالة حجمه لا يستطيع التعبير عن حبه لها، ولكن حينما تقع “روكسان” في حب الشاب “كريسيتان” في صدمة ل”سيرانو”، يقرر الأخير إستغلال الفرصة وبعث رسائل حب تلقي علي لسان “كريستيان” نفسه.Joe Wright Wanted to Make Something “Really Beautiful” During a Pandemic—So Here Comes 'Cyrano' | Vanity Fair

مراجعة فيلم Cyrano

يتميز سيناريو فيلم Cyrano بالسلاسة في طرح القصة وبناء الأحداث بطريقة تصاعدية تهيمن عليها عناصر الرومانسية والدراما في آنٍ واحد، هناك بالطبع مساحة معطاة لبعض اللمسات الموسيقية الجميلة التي تفيض بأسمي مشاعر الحب وبكلماتٍ مكتوبة ببلاغة عذبة المعاني.

كما يساهم السيناريو في توطيد الرابط بين المشاهد والشخصيات من أجل التأثر بهم والتعايش مع لحظاتهم المتسمة بالرومانسية والحب، فيسهل تماماً التعاطف مع “سيرانو” الذي يبدو عليه تماماً آثار الحب المحتدم والولع ب”روسكان” التي صدمته بمحبتها لشخصٍ آخر، في الوقت الذي نفتتن بجمال “روكسان” ورغبتها في معايشة الحب وسماع أجمل ما قيل عنه علي لسان حبيبها “كريتسيان” نفسه الذي بالرغم من عدم إبتدعاه للرثاء الرومانسي من وحي أفكاره، إلا أننا نحترم مشاعره ل”روكسان” حتي ولو يكن طلق اللسان مثل “سيرانو”.

فيلم Cyrano

أيضاً ما يجعل النص الذي كتبته “إيريكا شيمت” (وهي زوجة بطل فيلم Cyrano “بيتر دنكلايج”) يحظي بتلك القابلية الكبيرة نقدياً وجماهيرياً هو الزخم الكبير من المواقف التي يصعب إنتقاء أيهم الأفضل أو بمعني آخر الأكثر قدرة علي ترك أثره علي المشاهد لما بعد إنتهاء الفيلم.

ولكن من وجهة نظر شخصية يبقي النصف الثاني هو الأفضل لما قدم فيه من مشاهد درامية وأغاني موسيقية ذات شجنٍ وحزنٍ مبرر بكل تأكيد داخل أحداث الفيلم، ولكن ذلك لا يعني أن العمل يعاني من قصورٍ أو عيوب، هو ليس بالفيلم الذي يتم التفكير فيه والتعمق فيه، بل هو مصاغ للإحساس والإستمتاع بتفاصيله و لإلهام الغير بطرقٍ فائقة الروعة في الحب والمدح في المحبوبين لدينا.

فيلم Cyrano

إخراجياً، كما فعل فيلمه الشهير “Atonement”، يتمكن المخرج “جو رايت” من إستحضار روح الفترة الزمنية التي تدور من خلالها أحداث فيلم Cyrano من ناحية الديكورات وتصميم الملابس والمكياج، بالإضافة إلي كادرات التصوير الواسعة والقريبة “Close up” مثلما كان في أحد المشاهد البديعة بالفيلم، وتلك النوعية من طرق التصوير تتجلي بكثرة داخل الأحداث، بما يعكس حالة الشخصيات الحسية ومظاهر الحوار بين بعضهم البعض وخصوصاً وهم في أعلي مستويات الرومانسية والدراما.

Cyrano' Director Joe Wright Talks Crafting MGM Musical – Contenders New York – Deadline

الممثل البارع “بيتر دينكلايج” يبرهن بأداء مثالي وأوسكاري لشخصية “سيرانو” علي أنه صاحب موهبةٍ فذة لا يمكن نسيانها عقب إنتهاء عروض مسلسل “Game Of Thrones” ، فهو يقدم هنا تجسيد حقيقي صادق للشخص الذي يقول بأن غايته في الحياة هي محبة “روكسان” للأبد من خلال قلمه البليغ وإحساسه العالي المتيم بحبيبته، وأيضاً في اللحظات الدرامية نجده متأثر بمشاعر الشخصية ويبرزها كأنه يتعرض لمثل هذا الموقف فعلياً، وبالتالي لا يمكن أن تتغافل الأكاديمية عن هذا الأداء في ترشحيات الأوسكار لأنه من الظلم دم الإنتباه لإبداع “دينكلايج” الذي لم ينضب بعد إنتهاء الصراع ضد تنايين اللانسترز.

فيلم Cyrano

بالإضافة للأداء الرائع أيضاً لكلاً من “هايلي بينت” و”كالفين هاريسون جونيور” خصوصاً في الأغاني، يمكن القول في الختام بأن فيلم Cyrano دعوة لعشاق السينما من أجل تذوق الأعمال الرومانسية من جديد في وقتٍ نحتاج فيه لمثل هذه النوعية التي تترك إنطباعاتٍ جيدة ومشاعر جميلة عن الحب ربما يفتقدها البعض الآن في مثل هذه الظروف العصيبة.

اسامة سعيد
كاتب وناقد سينمائى بموقع بيهايند وطبيب بشرى، محب للفن بشكل عام والسينما بشكل خاص.

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *