قدمت السينما المصريه على مدار تاريخيها العديد من الأعمال التى تناولت فكره المرض النفسى ولكن كانت تلك الافكار دائما ما تسخر من المرض النفسى بأنه شئ مثير للسخريه والتهجم لاضحاك المشاهدين بهذا ( المجنون ) كما حدث في فيلم ( اسماعيل ياسين فى مستشفى المجانين ) وغيرها من الأعمال التى طالما سخرت من المريض النفسى بأنه شخصيه مجنونه ربما يطارد بعض الاشخاص او انه هرب للتو من المستشفى مما يستوجب الحذر والفرار منه حتى اقدم المخرج العبقرى ( يوسف شاهين ) وكسر تلك القاعده وقدم لنا فيلم ( باب الحديد ) وقدم لنا شخصيه عن دراسه حقيقيه عن المريض النفسى وتوالت من بعده العديد من الاعمال التى تناولت تلك الفكره بمنظورات مختلفه حتى عام( 1974) عندما قدم لنا المخرج الكبير ( عاطف سالم ) عن قصه للكاتب الكبير ( احسان عبدالقدوس ) وسيناريو للمبدع ( رافت الميهى ) فيلم الذى يعتبر من اجرأ الافكار فى تاريخ السينما المصريه التى ناقش قضيه مهمه جدا ربما تعتبر من الثوابت لدى المجتمع الشرقى بكل اطيافه واختلافاته الدينيه والفكرية وهيا ( عذريه الفتاه الشرقيه )
تدور احداث فيلم اين عقلي عن الدكتور ( حسن _ محمود ياسين) الذى عاش تربى فى بيئه ريفيه محافظه جدا تحكمها العادات والتقاليد يسافر حسن لباريس ليقضى بها فتره ليست بالقصيره ليندمج مع العادات والتقاليد الغربيه ويصبح اوروبيا الفكر كما اراد وعندما يعود الى مصر مره اخرى يلتقى بالفتاه ( عايده _ سعاد حسنى ) الفتاه المتحرره الفكر المتفوقه دراسيا ورياضيا والتى كانت ايضا على علاقه مع زميلها وحبيبها ( شريف_مصطفى فهمى ) الذى دخلت معه فى علاقه اثمه ادت الى فقدانها لعذريتها وقبل الزواج منه بيومين يلقى مصرعه فحادث سياره تتازم عايده كثيرا وتعيش فى حيره وخوف من اكتشاف سرها انها لم تعد تلك الفتاه العذراء تتعرف على الدكتور حسن ويتعلقوا ببعضهم ويطلب منها الزواج وفى كل مره تحاول ان تخبره بماضيها وانها كانت على علاقه بزميل لها ينهرها ويرفض ذلك ويخبرها بأن ماضيها هو ملك لها وانه ليس من حقه ان يحاسبها عليه متأثرا بذلك بحياته الغربيه والفتره التى قضاها فى باريس وانه اصبح غربيا التقاليد وبالفعل يتزوجا وليله الدخله يكتشف حسن ان زوجته ليست عذراء ليجن جنونه ويعيش فى صراع نفسى كبير داخله ما بين العادات والتقاليد التى تربى عليها وما بين الحياه الغربيه التى عاشها والتحرر الذى صار يؤمن به يحاول حسن بأن يوهم زوجته بانها مجنونه لارضاء نفسه ويتهمها بنسيان الاشياء معتمدا يذلك على كتاب كان يقرأ منه وهو ( كيف تصنع مريضا ) ذلك الكتاب الذى كانت تستخدمه المخابرات لتعذيب المعتقلين …
تتعرف عايده على الدكتور النفسى ( زهدى _ رشدى اباظه ) الذى بدوره يكتشف الاعيب حسن الذى كان يحاول ان يوهم زوجته بالجنون يعمل الدكتور زهدى على حاله حسن ويكتشف ذلك الصراع الكبير فى داخله ما بين فكره التحرر وثوابت العادات والتقاليد يكتشف الدكتور زهدى بحقيقه مرض حسن بعد ان يخبره سائق حسن ( سيد زيان) بان الدكتور حسن ياتى بفتيات الليل ليمارس معهن الرذيله وبعد ذلك يضربهن ويتهمهن بالعار بسبب التفريط فى بكارتهن ولكن هنا اراد حسن وصور له مخيلاته انه يريد يثبت لنفسه ان جميع السيدات مثل زوجته عايده وان العادات والتقاليد ما هى الا قيود متأثرا بذلك حياته فى اوروبا وانه قام بالعديد من العلاقات من غير زواج ولكنه يدرك ايضا ان لكل مجتمع عاداته وتقاليده وأفكاره واننا كمجتمع شرقى يحكمنا ( الدين ) اولا قبل كل شى صراع نفسى رهيب قدمه الفنان العبقرى ( محمود ياسين ) على شاشه السينما ليوضح لنا مدى ازدواجيه الرجل الشرقى.
كعاداتها قدمت سعاد حسنى دور من اجمل ادوارها بدايه من تلك الفتاه المتحرره الضاحكه السعيده التى تصبح بائسه حزينه بسبب موت حبيبها وذلك السر الذى تخفيه الذى يجعلها فحيره دائما لذلك الزوجه التى تعانى مع زوجها المريض حالته التى اصبح يمثل خطوره كبيره لها وقدم رشدى اباظه دور الدكتور النفسى فى اجمل ما يكون ليشرح لنا ماهيه حاله حسن وما مدى خطورتها ليكشف ويحل اسرار الشخصيه المعقده التى يصل بالنهايه فيها لعلاج الدكتور حسن اما محمود ياسين لايوجد شك انه من اعظم فنانين الوطن العربى الذى قدم دور من اجمل ادواره عن الشخصيه الازدواجيه المعقده نفسيا ليثبت للجميع انه بالفعل يستحق لقب فتى الشاشه الاول فى ذلك الوقت.
يعتبر فيلم اين عقلي من أجرأ الافكار التى قدمت تاريخ السينما لانه يناقش قضيه حساسه جدا ممنوع الاقتراب منها لانها تسبب شرخ كبير فى ثوابت المجتمعات الشرقيه .
فيلم اين عقلى 1974
عن قصه قصيره بعنوان ( حاله الدكتور حسن ) لاحسان عبدالقدوس.
سيناريو ..رأفت الميهى.
إخراج ..عاطف سالم .
بطوله..سعاد حسنى ومحمود ياسين ورشدى اباظه ومصطفى فهمى وعماد حمدى وكوكبه كبيره من عمالقه التمثيل فمصر.
بقلم : اسامه عمران
