– علي مدار التاريخ، نجح الكثير من المخرجين في استيعاب مبادئ تلك المدرسة واستغلوا مساحات الإبداع المتاحة لهم لتقديم أفضل تصورات لحياة شعب غرب أمريكا وكانت النتيجة ولادة عدد كبير من الأفلام الهامة ك(UNFORGIVEN) و (BUTCH CASSIDY AND THE SUNDANCE KID) و(MAGNIFICENT SEVEN) يعتبروا حتي الان من الكلاسيكيات الخالدة في اذهان عشاق السينما وباكورة افلام الويسترن التي كانت ولا تزال نبراسا للعاملين بالصناعة ممن يريدون احياء ذلك تراث السينمائي كان في قمة توهجه سابقا وتقديم رؤيا مختلفة و منعشة لتلك الفئة كمخرج الفيلم الذي نحن بصدد الحديث عنه (جاك اوديار) صاحب الاصول الفرنسية الذي قرر خوض التجربة وقدم عرض قوي نال عنه اشادة كبيرة منذ عرضه في مهرجان تورنتو العام الماضي.
– فيلم The Sisters Brothers للمفارقة فيلم شخصيات في المقام الأول رغم تواجد بضع التفاصيل التي لا تخلو من أي فيلم ويسترن لكن بدرجة اقل عن ذويها كمشاهد الاشتباكات بالسلاح والظهور النسبي لبعض النزاعات المشحونة والتفاصيل الفرعية التي اعطت زخما بعض الشئ للأحداث رغم غياب فاعليتها مما عكس اهتمام (اوديار) بابراز تلك العلاقة المعقدة بين شخصياته خصوصا بين الأخوة (ايلي وتشارلي سيسترز) المتناقضين في الطباع والدوافع الداخلية مما ادي الي ظهور حالات من التجاذب بينهما ومواجهات نفسية قوية كانت حجر اساس نص السيناريو و تعكس ما يدور في عقل منهما تجاه الآخر ومبررات أفعالهم لكن مع التزام السيناريو بالحفاظ علي مبدأ (الأخوة) فالثنائي كانا يعيا أنهم أخوة يجب أن يتعاونوا مع بعضهما البعض كوحدة واحدة للتغلب علي المصاعب مهما تصاعدت المشكلات او ظهور اية نوايا شخصية تعرقل من صفو علاقتهما.
ولا يمكن التغافل عن الإشادة بثنائية جاك موريس (يجيك جيلنهال) و هيرمان وورم (ريز احمد) التي زينت بمشهد او أثنين أظهرت التناغم الواضح بينهما أسوة بتلك التي كانت بينهما في (NIGHTCRAWLER) ولكن هنا بدرجة أقل لكن يبقي التميز وبراعة التجسيد حليف الثنائي الشاب حتي وإن كانوا تحت ظلال نجوم مثل (خواكين فينيكس) و (جون سي رايلي).
– بالحديث عن خواكين فينيكس فهو بلا شك صاحب مسيرة حافلة بالاداءات المميزة التي اثقلت من رصيده السينمائي وتسببت في إقبال الكثيرين علي مشاهدة افلامه وقد أجاد (فينيكس) في اظهار مشاعر الغضب الدفين بداخل (شارلي سيسترز) وابراز نقاط القوة والضعف عنده ليؤكد علي انه مازال في افضل عطائته السينمائية و قادرا علي اختيار الدور المناسب للقيام به وهذا يزيد من رغبة الجمهور بمشاهدته وهوا منتحلا شخصية (الجوكر) وما سيقدمه خلف مكياج المهرج ملك الجريمة في أكتوبر من العام الحالي.
لكن الثناء الأكبر يذهب مباشرة الي (جون سي رايلي) الذي برهن علي أن 2018 سنة إستثنائية بالنسبة له فقد قدم خلالها أربعة افلام دفعة واحدة برز خلال ثلاثة منهما لكن ربما اداءه هنا يعتبر الافضل في مسيرته علي الاطلاق وهو الذي يقدم نقيض أخيه (تشارلي) بأحلام بسيطة للتغير ومسؤولية تجاه أخيه الذي يراه يتصرف بدون عقلانية ونية للهروب من الواقع المرير المفروض عليه وعلي اخيه ف(رايلي) ببساطة أجاد في إبراز كافة نواحي الشخصية باداء بديع من الممكن ان يعطيه دفعة هائلة للتواجد ضمن دائرة نجوم الصف الأول في هوليوود.
– في المجمل، يمتلك فيلم The Sisters Brothers بعضا من رمزيات الغرب الأمريكي المعتادة والمقدمة بشكل جيد في ظل قلتها مقارنة بأفلام تلك الفئة السينمائية لكنه يقدم ما هو أفضل من ذلك من جوانب إنسانية عدة وتحليل قوي ودقيق للشخصيات مما يعزز صفة الاختلاف التي أجمع عليها الجميع واثنوا عليها بشدة وقت عرضه بالمهرجانات الكبري وفي صالات السينما.