مراجعات

احيانا قد ننسج من اليأس خيوطاً للأمل .. مراجعة فيلم the sea inside

فيلم The Sea Inside

هل تتوقف الحياة بالموت ؟ .. أم أن هناك مظاهر أخرى لتوقفها !! … ماذا إذا أصبح الإنسان سجيناً لجسده ، طريحا لفراشه ؛ أقصى أمنياته حركة يد بسيطة او بضع خطوات معدودة ، ماذا إذا فقد قدرته على تحقيق الأحلام بل و عجز عن استبدالها بأخرى ؟! ..

-هل يحق له أن يركض وراء الموت ؟! .. ام أنه هناك دائما أحلاماً جديدة يراها البعض ولو فى أفق بعيد ، و البعض الآخر يغفل عن رؤيتها ولو بين يديه لتتجمد حياته عند ذكرياته الأليمة فلا يتخطاها أبداً…مراجعة the sea inside 2004

-ماذا إذا منح البحر شخص ما كل الحياة وعلى حين غفلة سلبها منه، بضع نسمات رقيقة تهب من عالمه لتداعب وجهه هى كل ما تبقى له بعد أن كان كلاً منهما بداخل الآخر..

-تجربة إنسانية نخوضها من خلال هذا الفيلم الذى يسرد السيرة الذاتية للاسبانى ” رامون سامبيدرو” المصاب بشلل رباعى لمدة ٢٨ عاماً ورحلته التى لم يتوقف خلالها عن المطالبة بالقتل الرحيم فى الوقت الذى تعتبره أسبانيا قانونياً ودينياً عمل وحشى لا انسانى وتجرمه وتجرم كل من يساعد على الانتحار..

-تظهر شخصية «رامون » وقد ظهرت عليه ملامح الكبر وتساقط الشعر، طريح ملازم للفراش لا يحرك اى من أطرافه الأربعة، تعلو وجهه ابتسامه لا تغيب، تحبه كل العائلة ويسعى الجميع للتعرف عليه، لديه العديد من المواهب رغم عجزه إلا أنه يسعى بكل الوسائل القانونية للحصول على الموافقة بتطبيق القتل الرحيم عليه…

افتتاحيه فيلم The Sea Inside:

– الفيلم من أنواع الافلام التى تؤثرك بإفتتاحيتها، تشعر معها وكأنك بداخل جلسة للاسترخاء مريحة جداً للأعصاب وممهدة لكل المشاعر التى ستخوضها..

ابطال فيلم The Sea Inside:

-«خافيير بارديرم » شخصيته محور للأحداث يظهر فى تناوب بين مرحلة الشباب والكبر، أداء عبقرى لا تكاد تصدق معه انه نفس الشخص الذى ظهر بقصة شعره المرعبة فى No country for old men  فهذا الفيلم سيجعلك تعيد نظرتك له بهذا الفيض من المشاعر الذى تستقبله من شخصية «رامون » حتى وإن اكتفى بالنظرات دون الكلام، وجه بشوش لشخص عاجز تماما ولكنه يبث كل الحياة لمن حوله، فهو أحد أدواره المميزة التى أداها ببراعة وصدق the sea inside 2004

-أداء كل أبطال هذا العمل يستحق الإشادة سواء الأب ، الأخ ، ابن الأخ ، زوجة الأخ وامراتين احداهما المحامية «جوليا » المصابة بمرض عقلى يؤثر شيئا فشيئا على وظائفها الحيوية وتقترب من نفس ظروف رامون والأخرى ام وحيدة لطفلين هجرها زوجها تدعى « روزا »

التصوير :

– فيلم the sea inside أحد اللوحات التصويرية المميزة جداً التى ستظل عالقة بذهنك بعض الوقت، رغم قلة المشاهد الخارجية إلا إنها ساحرة تنقلت بين الطبيعة الخلابة وأضافت رونق رائع للأحداث، سلاسة فى التنقل بين المشاهد استطاعت عكس روعة وقيمة الحياة فى عين « رامون » قد لا تصادفه فى كثير من الافلام.. 

الموسيقى :

-رائعة بكل المقاييس واحد أسباب نجاح هذا الفيلم، جاء توظيفها مع المشاهد الساحرة أكثر من رائع لتشعر معها وكأنك انتقلت لتعايش كل الأحداث فتتنقل معها بين الأمل واليأس، ترى من خلالها روعة الحياة وظلام الموت، مفارقة هذه الموسيقى لذهنك ليس أمرا سهلاً..

السيناريو :

-ابداع آخر يضاف لفيلم the sea inside  تجد رامون يبرر ابتسامته رغم ظروفه قائلاً « عندما لا تتمكن من الهرب وتعتمد على الغير .. ستتعلم البكاء عن طريق الإبتسامة » او الأب مفطور القلب « هناك أمر واحد أسوأ من موت ابنك …. هو أن يطلبه » جمل حوارية مبهرة جداً من الصعب ألا تتأثر بها ومن روعة صياغتها..

الإخراج :

 -«اليخاندرو آمينابار» صاحب فيلم الرعب النفسى The others مبدع سينمائى يغفل عنه الكثيرون، برع فى دمج الموسيقى وهو صاحبها مع الطبيعة وتصوير الحياة الرائعة بكل مظاهرها، عنصر مميز آخر وهو سلاسة التنقل بين المشاهد الداخلية والخارجية، مخرج متميز شارك أيضاً فى السيناريو و والمونتاج، استحق بالتأكيد أن يتوج فيلمه بالاوسكار بجانب العديد من الجوائز..The others

 

تجربة إنسانية فريدة تكاد تخلو من الملاحظات، اياك أن تعتبرها دعوة للموت، بل هى دعوة للامتنان لكل مانملكه من نعم اعتدنا وجودها، أن تعيد نظرتك لروعة الحياة وجمالها من حولك، ان تفرح بأشيائك التى تعتقد أنها بسيطة بينما هى أعظم ما قد يتمناه غيرك، تجربة رغم ألمها ستخرج منها لتتفاجئ بخيوط من الأمل تدفقت إلى وجدانك تم نسجها من يأس « رامون »..

  بقلم : إيمان احمد

Behind The Scene
بيهايند هي كيان سينمائي مصري متخصص فى مجال ترشيحات الأفلام والمسلسلات وتقديم تغطية لكافة الاخبار الفنية في السينما والدراما