مقالات

چوكر ما بين الفلسفة والفيزياء – لكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار مضاد له في الإتجاه

چوكر ما بين الفلسفة والفيزياء
Everything must go
 
أرثر هو فرد من جماعة أصبح فرد أمام جماعة، تحول الإنسان من شخص صامت وسلبي لشخص فعال حتى لو بشكل سلبي إلى أن أصبح چوكر ورابح وقدوة للمجتمع. افتتاحية الفيلم تبدأ بزاوية منخفضة لمهرج حزين يحاول أن يكون كوميديان ولكن دموعه تعطي إشارة مضادة، وبعدها مشهد التعدي والضرب في وضح النهار لتتفهم وترى من نفس زاوية أرثر سبب البكاء الأسبق، الزاوية المقهورة المكبوتة..
أرثر ضحية وضحية صامتة لا تُسمع ولا تُرى حتى في نهار العالم. اليافطة مقلوبة ولا ترى كمشاهد ما بها إلا بشكل سريع ولا يعطيها المخرج كادر لتتمكن من قراءتها بسهولة، ومن المفارقات أن مشهد النهاية هو نفسه البداية ولكن من الخلف للأمام، من زاوية منخفضة مقهورة لأعلى
من محاولة للضحك الدامع لضحكة عريضة مدماة، ومن الفردية والوحدة للفرد وسط الجماعة. جماعة تحبه وتحترمه وتراه وتسمعه، هو لم يعد فرد هو فكرة وفكرة لا تموت، رجوعاً لما كان مكتوب باليافطة في الانترو “Everything must go”
چوكر ما بين الفلسفة والفيزياء
أن تموت كبطل أو تعيش كوحش
 
كان أرثر طوال الوقت يحاول التعبير وسط الجماعة ولكنه فشل، حتى في حلمه كان يلاقى السخرية “سأصبح كوميديان” لطالما عانى من التجاهل أكثر من أي شيء وهو الذي يحلم بالشهرة والشهرة لابد أن تكون وسط ناس.. مجتمع. أمه ومديره في العمل وطبيبته الخاصة وأخيراً مذيع البرنامج الذي استضافه وأعطاه مساحته كچوكر والذي عرف أنه يسخر منه لا أكثر. عرف أرثر أن المجتمع حين رأه وسمعه، كان قد عرفه كقاتل وهجمي، فليكن! المهم هو أنه مسموع الآن ومعروف في الشارع وفي المحطات وعلى التلفاز، المهم أنه ذاهب لبرنامجه المفضل مع مذيعه المفضل وهو لا يهاب ولا يخشى الأعتراف أنه قاتل، إنه فخر أن تشعر أنك أخيراً مرئي مهما كان الثمن.
 
joker interview
 
بينما أنا أتعذب أنتم تمدحون أفعالي
 
من بداية حياته وهو يحاول تحقيق طموحه وكلهم يرونه سخفاً، حتى مرضه الذي لا يعنيه سخف. سوء فهم وسوء تصرف واستيعاب لكل وجوده من أمه وطبيبته النفسية ومديرة الذي طرده وصديقه المنافق، شعوره بالعدمية فقرر أن يتصرف بالسوء ذاته، طالما سيصبح غير مفهوم فليكن مفهوم بالنسبة لذاته مهما كان الثمن، مهما كلفه. المهم أن يصبح كوميديان مشهور، معروف.
joaquin-phoenix-joker
 
لكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار مضاد له في الإتجاه
 
كانت رقصاته طوال الوقت محاولات للتعبير عن روحه، كان يحاول الانتفاضات، رؤية ذاته..في حين أن لا أحد يراه، طوال الوقت كادرات وحيدة، هادئة وألوانها داكنة، حتى الشخص الوحيد الذي يحبه (أمه) كانت سبب في شقائه يوماً، لهذا هو لم يكن شرير، هو ردة فعل وكل فعل نال جزائه وما يستحقه، بدأ المخرج بمشهد الضرب لتعلم كمُشاهد السبب، كل فعل له كان نابع من سببٍ ما وكان نتيجته تقتصر على صاحب الفعل. بالرغم من مشاكله النفسية إلى أنه كان يفصل بين المذنب والبريء، على عكس المجتمع كله، ضاغط بالفطرة.
 
أنت لا ترى شرير ولا طيب، أنت ترى ذاتك، ترى مشاعرك وترى جزء ولو بسيط من حكايتك، إنها تراچيديا عن شخص عانى من مشاعر وسط كيان يكبره، شخص يحاول التعبير عن ذاته وفشل عدة مرات فالكتمان والقهر لهم نتاج -بشكل تلقائي- سلبي وقاهر.
ماجدة مالك
كاتبة وناقدة سينمائية، تخرجت في كلية الألسن، جامعة عين شمس قسم اللغة الإنجليزية دفعة (٢٠١٩)، درست الأدب والمسرح الإنجليزي وأكتب في عدة مواقع وصحف ورقية وإلكترونية مقالات إبداعية ونقدية وقصص قصيرة وطويلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *