مراجعات مسلسلات

مراجعة مسلسل Severance – ديستوبيا السلطة والحياة العملية

مراجعة مسلسل Severance - ديستوبيا السلطة والحياة العملية 1

يقدم مسلسل Severance نفسه طاهرياً على أنه عمل درامي ينتمي لنوعية الخيال العلمي بفكرة مختلفة يتم تقديمها ببناء تصاعدي على مستوى الأحداث وهيكل بصري جديد نوعاً ما ومهيب في تفاصيله وأركانه، ولكن بالتعمق أكثر فأكثر في التفاصيل نجد أن مسلسل Severance يرتبط نوعاً ما بالواقع العملي دون مباشرة في الطرح وبالتزام كبير بالسردية الفنية التي فعلياً حدث بها ما يجعل العمل في طليعة أفضل مسلسلات عام ٢٠٢٢.مسلسل Severance

افضل مسلسلات نتفليكس 2022 التي يمكنك مشاهدتها

والجميل في الأمر أن من يتواجد على عارضة إخراج ذلك العمل هو النجم الكبير “بين ستيلر” المعروف دوماً بأنه كوميديان متميز يطل على الجمهور من خلال باقة من ألمع الافلام الخفيفة أو ما تسمى ب”الايت” التي دوما ما تمنح المشاهدين لحظاتٍ جميلة وعائلية في الوقت ذاته لا تضفي التعقيدات أو خطاباتٍ معينة ورسائل إجتماعبك مقصودة لابد أن يستوعبها الجميع كي يترك العمل إنطباعاته الإيجابية.

ولكن هنا في مسلسل Severance الأمر مختلف للغاية، عبقرية إخراجية مدفوعة بثماني حلقات من الإثارة والتشويق التي تعكس رمزيات السلطة والتحكم في المرؤسين كما لو كانو دمي مريونيت تحركهم خيوط رفيعة وقتما يشاء البعض ويرضى، ولا تنتهي كل واحد منهم سوى بمفاجأة أو بصدمةٍ معينة تعكس إنتهاء مرحلةٍ ما من القصة، والدخول إلى مرحلةٍ أخرى أكثر تعقيداً ومدوية وقت الكشف عن الحقائق الدفينة التي يزاح عنها الستار بمرور الأحداث.

مراجعة مسلسل Severance - ديستوبيا السلطة والحياة العملية 2

قصة مسلسل Severance

تدور أحداث مسلسل Severance عن “مارك سكوت” الذي يقود مجموعة من العاملين داخل مؤسسة تدعي “لومن” تعرف لقيامها بعملية تدعي “الشطر” حيث تنفصل ذكريات العمل عن ذكريات الواقع الخارجي، و لكن حينما يتعرض “مارك” لمواجهة مع أحد الهاربين من “لومن”، تبدأ الشكوك في محاولة عقل “مارك” من أجل معرفة الأسرار والحقائق التي تختبئ داخل معقل الشركة التي يعمل بها.

مسلسل Severance

مراجعة مسلسل Severance

لم يلجأ سيناريو مسلسل Severance لبداية تقليدية من حيث تحرك الأحداث من عند بطل الحكاية الأساسي “مارك سكوت”، بل يحاول صناع العمل جذب الانتباه منذ الوهلة الأولى بغموض وتساؤلات مبدئية كهدف أساسيٍ له، ثم بعد ذلك تتحول دفة الأحداث كي تتحكم بها شخصية “مارك” ونبدأ معه في استكشاف عالمه سواءاً داخل “لومن” أو خارجها، والتحولات التي ستطرأ بعد ذلك علي القصة والأسرار والخبايا التي يتم الكشف عنها مرةً تلو الأخرى.

مسلسل Severance

ومن ثم تنضج الأحداث بطريقةٍ مناسبة، سندرك الارتباط النسبي للقصة بواقعنا الحالي من حيث الجانب السلبي للسلطة والتحكم أو التعامل الغير آدمي مع البشر كأنهم مجرد ماكينات عمل تدور بعجلةٍ مستمرة من المجهود المتواصل دون أن ينفث أحدٍ بكلمة أو يدلي بشيٍ ما عن ما يفعله مطلقاً، بالإضافة إلى الهوية التي يتحلى بها أصحاب المؤسسات والمال والأعمال التي تجعلهم أشبه بالملك المتوجين لا يمكن اعتراضهم على الإطلاق، والا يشرعوا في تطبيق احكامهم الغير إنسانية وتحكم قبضتها على الأميين بطريقة تحطم النفوس وتفقد الآخرين رشدهم.

تجلى ذلك في كثير من الأوقات من خلال التفاصيل الخاصة بالشخصيات المساندة التي يحسب لكتاب المسلسل الإهتمام بهم من خلال العديد من المواقف الرئيسية بالمسلسل، بالإضافة إلى النهاية والتي كانت تحمل معها ما يثير الترقب وحفيظة من يتابع على لحظة معرفة الحقيقة الكاملة من خلال عدة نوافذ بطلها الشخصيات جميعها وضحايا عملية الشطر تلك التي لاح آثرها السلبي بوضوحٍ جلي خصوصاً في النصف الثاني من المسلسل.

مسلسل Severance

كل إنجازات السيناريو يضاف إليها العمل الإخراجي المميز ل”بين ستيلر” من ناحية تصميم ديكورات “لومن” وإضفاء عنصر الغموض والإثارة من خلال لقطات الكاميرا السلطة على الشخصيات بخلاف اللقطات البانورامية والواسعة التي تجسد معها شركة “لومن” على أنها مركز الأحداث والجحيم الذي يحمل معه الكثر منا لا يعرفه أحد، وهذه المرة الثانية التي يكتب ل”ستيلر” النجاح كمخرج بعد مسلسل “Escape from Dannemora”.

مسلسل Severance

على مستوي التمثيل، يتألق “آدم سكوت” بشكلٍ ملحوظ في دور “مارك سكوت” ويتمكن من تجسيد كافة جوانب الشخصية  مثالية أولية وتعايش مع كونوه مشطوراً  تتحول بعد ذلك إلى ريبة وشكوك فيما حوله من خلال تعبيرات دقيقة تخلو من أية مبالغة او انفعالات غير مبررة، ولا ننسى الأدائات المميزة لكلاً من النجمة المخضرمة “باتريشيا اركيت” صاحبة الموهبة المثقلة بالتمكن التجسيدي، وكذلك “بريت لوور” و “جون ترتورو” المنتعش فنياً بعد اجادته في شخصية “فالكون” في فيلم “The Batman”.

مسلسل Severance في الختام، من المؤكد أن مسلسل Severance سيحظى بعديد الترشيحات التابعة لجوائز الإيمي عن الأعمال الدرامية، فكل مهو مختلف قدمه المسلسل قد برز على النحو الذي يجعل الحماس كبيراً لمواصلة رحلة فك رموز “لومن” والكيفية التي سينجو من خلالها “مارك” ورفاقه من داخل ذلك البناية الغامضة.

اسامة سعيد
كاتب وناقد سينمائى بموقع بيهايند وطبيب بشرى، محب للفن بشكل عام والسينما بشكل خاص.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *