مراجعات

مراجعة مسلسل في كل أسبوع يوم جمعة

مراجعة مسلسل في كل أسبوع يوم جمعة

– تشهدُ الدراما المِصريّة انتعاشة في الآونة الأخيرة ، هناك تطوُرُ ملحوظٌ في مستوى الأعمال الدراميّة فأصبح لها القُدرة الآن على اجتذاب المُشاهِد المِصري لامتلاكها بعض عناصر القوّة والجودة .. لكن الأمرَ مُختلِفٌ مع مسلسل “في كل أسبوع يوم جمعة” ، وهو المسلسلُ الذي استطاعَ تحقيقَ المُعادَلة الصعبة المتمثِلة في الجمع بين النجاح النقدي والجماهيري .

مراجعة مسلسل في كل أسبوع يوم جمعة

 تدورُ أحداثُ مسلسل في كل اسبوع يوم جمعة في أجواء مِن الغموضِ والتشويقِ حولَ فتاة تُدعى “نور” تضطر إلى تغيير هويّتها والعيش في منزلِ آخر مع شاب يُدعى “عماد” .. يسألُ عماد في الحلقة الأولى عن يوم الجُمعة وهو اليوم الغامض الذي لا نعرفُ عنه شيئًا ، إلى أنْ تتطورُ الأحداثُ ونرى مفاجآتٍ لا تحدث إلّا يومُ الجمعة .

– مسلسلُ “في كل أسبوع يوم جمعة” رواية في الأصل للكاتِبِ “إبراهيم عبدالمجيد” تحملُ نفسَ الاسمِ ، والمعالجة الدراميّة لـ “إياد إبراهيم” .. تلك المُعالجة كانتْ بمثابة قُبلة الحياه للرواية التي صدرتْ عام 2009 فهناك عِدة تغييرات طرأتْ على الرواية أعطتْ نوعً مِنَ الحيويّة والتماسُكِ للمُسلسَل .

– أسلوبُ السردِ السلسِ – رغم تعقيد المَشَاهِد – أجبرتْ المُشاهِد سريعًا على التوحُدِ مع بطلي العمل وكأنّنا متورطين معهم بنفس المُشكِلات ، وبعد نهاية كُل حلقة نتساءل شتّى الأسئلة حول أبطالِ العمل ، ونتطرقُ إلى مُناقشاتِ وجدالِ مُحاولين توقُع ما سيحدثُ في الحلقة القادمة .. كُل هذا يجبُ أنْ يُحسَبَ لـ “إياد إبراهيم” .

مراجعة مسلسل في كل أسبوع يوم جمعة
مراجعة مسلسل في كل أسبوع يوم جمعة

– اعتدنا مِن “محمد شاكر خضير” على الاهتمام بالتجربة البصرية رغم عدم حِرصه على استخدام التقنيّاتِ البصريّة ، فأرى أنَّ خُضير في المقامِ الأوّل يهتمُ بجعلِ المُشاهِد في حالة مِن الاسترخاء البصري مِمّا يجعله يدخلُ سريعًا في أجواء العملِ .. نجدُ ذلك في أعمال محمد شاكر خُضير عامة ومسلسل “في كُل أسبوع يوم جمعة” بشكلٍ خاصِ .. وجدتُ مُرونة في التنقلِ بين المَشاهِدِ – رغم تعقيدها – وهذا تَمَّ دون إغفالِ تفصيلة ، وكانَ التنقُلُ كالمرأة اللعوب في رشاقتها .

مراجعة مسلسل في كل أسبوع يوم جمعة
مراجعة مسلسل في كل أسبوع يوم جمعة

– كانتْ الديكوراتُ القاتِمة مِن أهم ما يُميّز المُسلسل بالإضافة أيضًا شكل الحمّام الذي أخذ شكل المشرحة ، وعلى ذلك فإنّي أعتقدُ أنَّ خُضير مِن الأقلاء الذين يهتمون بأدقِ التفاصيلِ وهذا في تقدير لمْ يأتِ مِن فراغ ، فعملُه كـ”مونتير” في أكثر الأعمال نجاحًا الفترة الأخيرة مِثل “الفيل الأزرق/اشتباك/الأصليين/تراب الماس” أكسبه خِبرة رأيتها في كُل مشهدِ مِن المُسلسلِ .. رغم أنَّ آسر ياسين ومِنة شلبي هُم الأبطال الرئيسيين إلّا أنَّ هُناك توزيع جيّد للأدوارِ فلمْ أجِد مُمثِل لم يأخُذ حقه على الشاشة حتى الأدوار الثانويّة كانتْ مؤثِرة في سيرِ الأحداث .

مراجعة مسلسل في كل أسبوع يوم جمعة
مراجعة مسلسل في كل أسبوع يوم جمعة

– لا أريد نسيان موسيقى المُبدِعِ “هشام نزيه” التي لمْ تفشلْ للحظة في الوصول إلى مؤداها ، ودائمًا ما كانتْ تنجحُ في زيادة انسجام المُشاهِد معَ مشاهِد المُسلسلِ .. أمّا عن طاقمِ التمثيلِ ، فهناك جُهد واضح مِن منة شلبي على شخصية “نور” سَمِها كما شئت فتلك الشخصية مليئة بالتحديات واجتازتها مِنة بنجاح فاجَئني وكانتْ في كُل تؤدي مشاهِد صعبة ، انفعالاتها كثيرة ولَكِن شعرتْ معَ مِنة أنّ التمثيل سهل فهي تغضب وتنفعل وتصرُخ وتبكي وقتما شاءتْ ، ولنْ تشعرَ أنَّ ما تراه تمثيلًا بل حقيقة .

– آسر ياسين بطل الأعمال المُركَبة والصعبة الذي أثبتَ أنّه قادِر على الخروج بالشخصية التي يؤديها بأفضلِ شكلٍ مُمكِن .. نجحَ آسر بتجسيد شخصية “عماد” إلى حدِ جعلني أندهش وأتساءل .. كيف لآسر أنْ يقوم بتجسيد شخصيات مِثل : يحيى في “رسائل البحر” الذي يُعاني مِن اضطرابات في النطق والكلام ، طه الزهّار في “تراب الماس” الذي نتيجة لبعض الظروف عانى مِن اضطرابات حركيّة وآتته نوبة صرع ، وأخيرًا شخصية “عِماد” في مسلسل اليوم وهو شاب يُعاني مِن تأخُر عقلي وله حركاتِ يراها البعضُ غريبة إلّا أنّه قدّمَ الدور كما ينبغي واستطاعَ لفت انتباهنا مُنذُ اللحظة الأولى إلى حد أنّنا أحببنا الطريقة التي يتكلمُ بِها وصِرنا نُردد بعض الكلماتِ التي يقولها مِثل “نييييله ، دُنجل ضاااااع” .

مراجعة مسلسل في كل أسبوع يوم جمعة
مراجعة مسلسل في كل أسبوع يوم جمعة

– الباقي جيدون بداية بـ”أحمد خالد صالح” الذي اكتشفَ نفسُه في هذا المُسلسل ، مرورًا بخالِد أنور ومي الغيطي كلًا منهما يسيرُ بُخطى ثابتة في طريق النجوميّة ، ونجوم كِبار مثل “سوسن بدر ، رشدي السامي ، عارفة عبدالرسول ، عبدالعزيز مخيون” .

– مسلسل “في كل أٍسبوع يوم جمعة” يؤكِدُ رأيي في السينما والدراما العربيّة فنحن – العرب – نمتلكُ القُدرة على مواكبة الغرب فنيًا ولدينا ما يسمحُ بذلك .. فقط تنقُصنا الإمكانيات .. خُطوة أُخرى للأمامِ تخطوها الدراما المِصرية بعرض المسلسل بعيدًا عن الماراثون الرمضاني ، وعلى إحدى المنصات المدفوعة “شاهد” .

محمود احمد
كاتب سينمائي ومحرر بموقع بيهايند، عاشق للسينما منذ طفولتي .. أفضل السينما التي تحمل أفكارًا جريئة .. مؤمن بقدراتنا الفنية في مصر والعالم العربي ونستطيع مواكبة السينما الغربية، لم لا؟ لدينا الموهبة فقط تنقصنا الإمكانيات.

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *