عن مسلسل المداح 2
بالعودة لموسم المسلسلات السابق، نجد أنه لم يكن من المتوقع أن نشهد نجاحاً ساحقاً للجزء الأول من مسلسل “المداح” الذي يلعب دور بطولته نجم الغناء “حمادة هلال” الذي لا تنعم أعماله التليفزيونية بالكثير من الشهرة والثناء النقدي والجماهيري، ولكن علي النقيض تمكن مسلسل “المداح” من إحداث نقلةٍ كبيرة في مسيرة “حمادة هلال” الفنية، والأهم من ذلك أنه ساهم في دخول الدراما إلي عالمٍ جديد لم يُقدم مثيلٍ لها من قبل، وبهذه الدرجة من التصور الفني المختلف علي نحوٍ ملحوظ.
ولهذا كان من المنطقي تكملة ذلك المشوار في موسم رمضان 2022 من خلال تقديم المداح 2 مستفيدين صناعه من وجود إنتاج أضخم تحت قيادة “صادق أنور صباح” و بمحتويً آخر أكثر صعوبةٍ علي مستوي التحديات التي ستواجه شخصية “صابر المداح” أمام شياطين الجن ، وبجودة فنية وبصرية أعلي بكثير مما كان في الموسم السابق، وبالفعل تمكن المداح 2 من ترسيخ حقيقة كونه ثاني أفضل عملٍ درامي هذا العام بعد “جزيرة غمام”، ولا عجب أن تستمر تلك الرحلة لموسمٍ ثالث أو حتي رابع نظراً لتفاعل الجمهور الكبير مع العمل بجزئيه الإثنين وإستقباله بدرجةٍ أكبر من الإشادة والتقدير .
قصة مسلسل المداح 2
يستكمل مسلسل المداح 2 قصة “صابر” الذي يتعرض لكابوس يجد فيه عائلته تحت طائلة خطرٍ كبير سيحيق بهم، ليجد نفسه بعدها في مواجهة “مليكة” التي تهدده بإنهاء حياته بعدما تسبب في حرق الكتب التي كانت تنمي موهبته بالتدليل ، وأوقعته في فخ المعصية.
حمادة هلال – الفنان الشامل الذي وجد طريق النجاح في كافة خطواته
مراجعة مسلسل المداح 2
تميز سيناريو مسلسل المداح 2 ببداية قوية في الحلقات الأولي ترسخ ما ستقبل عليه شخصية “صابر” ويشكل المعضلة الكبري التي ستهدده وتهدد من حوله، والمثير للاهتمام أيضاً هو اللجوء للرمزيات التي ترجح عنصراً معيناً قد يشغل انتباه المتلقي و يُطرح من خلاله التساؤلات أيضاً عن ماهيته ، أما عن التدرج العام للقصة تصاعدياً فهو بكل تأكيد متأثر بكونه مسلسل من ثلاثين حلقة من المفهوم تماماً هبوط الإيقاع في آونة والتطويل الزائد في بعض التفاصيل في آونةٍ آخري ، ولكن في الوقت ذاته يتم تعويض ذلك بالجرعة الازمة من الإثارة والتشويق خصوصاً في نهاية كل حلقة تمهد لما سيأتي بعد ذلك.
الأمر الآخر الذي يضيف إلي إيجابيات سيناريو المداح 2 هو إستخدامه للكثير من الشخصيات وإعطائهم الأهمية الازمة والتأثير الكبير علي الأحداث، بالإضافة إلي فرض حالة من التوازن بين الشخصيات علي جانب الخير ونظيره الذي يعمل تحت قيادة “مليكة” من ناحية المساحة المعطاة لكل شخصية من أجل فرض وجودها وإرثاء جزئياتٍ من الحبكة قد تضفي الكثير من الأبعاد المعقدة لصراع “صابر المداح” مع “مليكة”.
علي سيرة المحتوي نفسه، فيحسب للمؤلف “أمين جمال” ورفاقه الدراية التامة بالكثير من المعلومات التي تخص عالم الجن والأساطير القديمة التي من الممكن أن تفيد قصة مسلسلا المداح 2 وتزيد من فهم المشاهد للغموض الذي يحيط بالأحداث، والأهم من ذلك حسن إستخدامها فيما بعد خصوصاً في النصف الثاني من المسلسل وبتحديدٍ أكتر في تسلسل الحلقة الأخيرة التي كانت ختاماً مقبولاٍ بشكلٍ كبير للعمل عدا تفصيلةٍ واحدة كان من الممكن العمل علي توضحيها أفضل من ذلك.
إخراجياً، إستفاد “أحمد سمير فرج” من الأدوات التي إتيحت له علي خلفية إمتلاك مسلسل المداح 2 لدعائم إنتاجية أكبر، وتمكن من عمل بعد التحسينات للصورة البصرية التي تميل بدرجةٍ واضحة للون الداكن كخلفية مناسبة لطبيعة الأحداث و مواجهات “صابر” مع أعدائه، بالإضافة إلي خلق كادرات تصويرية جيدة تتفاوت بين الواسعة “Wide” والمتحركة حول الشخصيات “Arc shot” كتلك التي إستخدمت في مشهد الختام لخلق حالة من التوتر والترقب لنتيجة أفعال “صابر” للتخلص من “مليكة”، ولهذا يمكن القول أن النجربة الإخراجية في الجزء الثاني أفضل بكثير مما سبق وبإستغلال مثالي للعوامل المساعدة علي خروج مسلسل المداح 2 بالشكل المناسب.
بطل المسلسل النجم “حمادة هلال” تمكن من التأكيد علي إرتفاع مستوي موهبته التمثيلية في دور “صابر” الملئ بالتعقيدات بالصراعات النفسية التي تشكل عصب بروز الشخصية داخل الأحداث كعنصرها الرئيسي، وأجاد “هلال” الكثير من التعبيرات الوجهية ومشاهد طرد الجن من ضحياها بالإضافة لإمتلاكه صوتٍ عذباً في قراءة المصحف الشريف وآيات الذكر التي ساهمت في محاربة “مليكة” وإنقاذ ممن وقعوا تحت امرتها، بالطبع ربما يكمل “حمادة هلال” عمله في الدراما في ذلك الدورة لفترةٍ غير معلومة، ولكن بات عليه الآن البحث عن تحدي جديد يعزز ما ذكر في البداية عن موهبته التي تحسنت بشكلٍ كبير.
يشارك “حمادة هلال” العديد من النجوم المتألقين بشكلٍ كبير في الجزء الثاني وعلي رأسهم النجمين المخضرمين “أحمد عبدالعزيز” و “كمال أبو رية” الذان يعدان سنداً كبيراً ل”حمادة هلال” بالمشاهد التي جمعتهما به في ظل خبرتهما الطويلة بالتمثيل ، ويأتي ذلك إلي جانب الظهور المميز للنجمة الشابة “هبة مجدي” في دور “رحاب”، والتي تعد أكثر منطقية عن “نسرين طافش” لما تمتلكه من مقدرة علي الإرتجال الإنفعالي الصادق فعلياً والملامح المصرية الجادة والمناسبة للشخصية.
في الختام، ينتهي مسلسل المداح 2 بطريقة غامضة ربما ترجح فعلياً جزء ثالث لم يعلن عنه رسمياً، ولكن يجب الإشارة بضرورة إختيار فكرةٍ مختلفة تماماً عما سبق كي تكك تلك المرحلة المقبلة نقلة أخري وجديدة للمسلسل ورحلة أكثر صعوبةً ووعراً ل”صابر المداح” ضد شياطين الجن والمتربصين به.
