مراجعات

مراجعة فيلم I lost my body .. عن مرارة الفقدان والشعور بالذنب

فيلم I lost my body

تحذير قد يكون هناك بعض الحرق لبعض لأحداث فيلم I lost my body

لا يمكنك الفوز كل مرة هكذا هي الحياة أو القدر .. كالذبابة دائماً أسرع منك وتمتلك عينين كبيرتين تمكنانها من رؤية كل شيء .. كلما تحاول الإقتراب منها وإمساكها تطير .. لذلك يجب عليك أن تفاجئها .. صوب من الجهة التي لا تتوقعها .. صوب من الجانب .. هذا ليس سهلاً ولكن هذه هي الحياة .. سلسلة طويلة من الخسائر والمآسي يتخللها فواصل ذكريات سعيدة بمثابة الدافع لإستمرارنا.

مراجعة فيلم I lost my body .. عن مرارة الفقدان والشعور بالذنب 1
مراجعة فيلم I lost my body

ذبابة .. دماء .. رؤية ضبابية .. نظارة مكسورة .. شخص ملقي علي الأرض يمسك ذراعه.. يد مقطوعة ملطخة بالدماء .. عيون مرهقة تنظر إليها .. افتتاحية رائعة وغريبة تجذب انتباه المشاهد منذ اللحظة الأولي .. وكأن صناع الفيلم يقولون نحتاج إلي تركيزك منذ اللحظة الأولي لأنك لن تحصل علي الأفكار بسهولة .. فهذا الفيلم مختلف تماماً عن أي فيلم أنيميشن شاهدته من قبل .. عليك التمعن في الإشارات لفهم ما نرمي إليه.

مراجعة فيلم I lost my body .. عن مرارة الفقدان والشعور بالذنب 2
مراجعة فيلم I lost my body

يُروي فيلم I lost my body من منظورين: منظور اليد المقطوعة التي تهرب من مختبر تشريح وتحاول العثور علي شيء ما لن تعرفه في البداية .. تتعرض للعديد من المخاطر مثل الفئران والسيارات وغيرهم ولكن كل هذا لا يمنعها من مواصلة طريقها .. حيث يدفعها ذكريات دافئة مثل شعور أول لمسة للأرض .. للزهور .. للحيوانات .. لحبيبات رمال الشاطيء الدافئة تحت أشعة الشمس .. شعور ألم أول قطرة دم نذفت من إصبعها .. ذكريات الأحلام أول مرة لعبت برائد الفضاء ولمست أصابعها مفاتيح البيانو .. ومنظور نوفل الشخص الذي فقد والديه في صغره في حادث سيارة .. ولكنه علي عكس اليد توقف عن المحاولة واستسلم .. عندما اقتربت الذبابة منه لم يحاول امساكها وابتعد بيداه عنها .. أصبح شخصاً كارهاً للحياة فاقداً لبريقه يمتلك ذكريات سعيدة دافئة مع عائلته ولكن يشوبها بعض المشاهد المأساوية التي تعكر صفوها .. لقطات الحادثة تستمر في التردد طوال الوقت في عقله كمشاهد فلاش باك علي خلفية أصوات المسجل الذي كان يسجل به نوفل وقت الحادثة .. أصوات كانت شاهدة علي ذنب لما يفارقه .. علي طفولة سعيدة مكسورة .. علي أحلام مدفونة وحاضر بلا ألوان .. نوفل الأن راضخ للأمر الواقع يعيش مع أشخاص لا يحبهم وكذلك هم لا يكترثون لأمره .. يعمل في وظيفة لا يحبها ولا يجيدها وهو يعلم ذلك جيداً ولكنه لا يتحرك ساكناً ويحاول تغيير قدره .. ولكن عندما يدخل الحب والإهتمام إلي عالمه الخاوي ينقلب كل شيء.

مراجعة فيلم I lost my body .. عن مرارة الفقدان والشعور بالذنب 3

لا يفل الصوت إلا الصوت .. فإذا كان أصوات العائلة وقت الحادثة ملازم لنوفل ويعذب روحه البريئة .. فإن صوت قادم من شخص يهتم لأمرك حتي لو كان غريب عنك كاف لهزمه .. مثل امرأة طلبت بيتزا فتأخر عامل التوصيل عنها 40 دقيقة بسبب حادثة بسيطة .. فتقوم بسؤاله عن أحواله وهل هو بخير دون أن تكترث للبيتزا .. وهنا كانت اللحظة التي غيرت حياة نوفل وجعلته يحاول تخطي الأمر ويمضي قدماً في حياته .. فالأذن تعشق أحياناً قبل العين .. وها هو نوفل وقع في حب هذه الفتاة دون أن يراها .. عاد بريقه وألوانه من جديد .. وعادت أفعاله المجنونة .. عاد نوفل الذي يحاول مباغتة الذبابة وإمساكها .. ربما سينجح هذه المرة.

مراجعة فيلم I lost my body .. عن مرارة الفقدان والشعور بالذنب 4

ربما سيري البعض اليد المقطوعة تشير إلي رحلة نوفل من أجل تخطي الحادثة والمضي قدماً نظراً للتشابه بين رحلتهما من حيث الدافع الذي يحركهما والمخاطر التي يتعرضان لها .. ولكني أراها تشير إلي الأشياء المفقودة التي لن نستطيع استرجاعها أو تعويضها .. فكما لا تستطيع اليد المقطوعة العودة مجددأ إلي الجسد والإندماج معه .. كذلك لن نستطيع استرجاع الأحبة الذين فارقونا من قبضة الموت .. لن نستطيع استرجاع الأحلام التي تخلينا عنها .. وما علينا فعله سوي ايجاد شخص يحبنا يساعدنا علي المضي قدماً والقيام بتصرف مفاجيء غير عقلاني لا يمكن التنبؤ به .. مثل بينما تمشي تقوم بالحيد عن مسارك والقيام بقفزة مجنونة تجاه الرافعة تتخطي بها كل شيء.

مراجعة فيلم I lost my body .. عن مرارة الفقدان والشعور بالذنب 5

فيلم I lost my body من كتابة مخرج الفيلم بالاشتراك مع Guillaume Laurant كاتب التحفة الفرنسية Amelie .. لذلك لا عجب أنك شاهدت حالة عظيمة عزفت علي أوتار قلبك .. فهو يترك مساحة للصورة تعبر عن كل شيء بدون حوار .. وعندما يحين دور الحوار يكون رائعاً مصيباً للصميم .. الرسومات كانت مختلفة ورائعة للغاية أحيانا شعرت بالرعب من اليد في بعض المشاهد .. وأحيانا شعرت بالخوف عليها من المخاطر التي تتعرض لها .. ووصل الأمر إلي التعاطف معها بسبب حركات أصابعها هل يمكنك تخيل هذا ؟! .. تخيل أن يكون لدي صناع الفيلم القدرة علي نقل المشاعر من يد عن طريق حركات الأصابع فقط! ما هذا الإبداع! .. أما الموسيقى فهي حالة بمفردها .. لا أجد كلمات تستطيع وصفها ولكنها من أجمل ما سمعت .. إذا كانت موسيقى Joker هي الإبداع السوداوي فموسيقي فيلم I lost my body هي الإبداع الجمالي .. تجربة عظيمة ساحرة ستظل في ذهني لمدة طويلة للغاية.

مراجعة فيلم I lost my body .. عن مرارة الفقدان والشعور بالذنب 6

محمد عرفان (Arf Ofy)
السينما هى كيفية أن تعيش أكثر من حياة .. حياة جديدة مع كل فيلم تشاهده .. وهدفي هو ترشيح أفلام جيدة ومختلفة تحترم عقليتك كمشاهد .. وتسحبك معها إلي عالمها المليء بالسحر والأفكار والمشاعر كي تعيش تجربة لا تُنسي تنغمس فيها بكل حواسك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *