مراجعات

مراجعة فيلم Fantastic Beasts: The Crimes of Grindelwald

مراجعة فيلم Fantastic Beasts: The Crimes of Grindelwald

الكتابة السينمائية لا تقتصر فقط علي كونها شكلاً من اشكال الإبداع بل تعتبر حرفة تحتاج الي ان يكون ممارسها صاحب براعة كبيرة ولا يمكن لاحد مهما كانت موهبته او قدرته علي تقديم حبكة معينة في شكل رواية طويلة ان يزاول تلك المهنة دون أن يكون علي دراية بالعناصر الأساسية للنص السينمائي من تخطيط للقصة وإعدادها وصياغة المعالجة الدرامية بدل من الكتابة بشكل عشوائي لتصير النتيجة عبارة عن كتل من الفوضي والأحداث التي تفتقد الترابط الدرامي وايضا تواصل المشاهد مع ما يحدث.

مراجعة فيلم Fantastic Beasts: The Crimes of Grindelwald

-كل ما تم ذكره سلفا لا ينطبق بالمرة علي (جي كي رولينج) التي لا يمكن لاحد أن ينكر مدي براعتها في تصميم عالم (هاري بوتر) ومفرداته في شكل روايات ادبية نالت استحسان الكثيرين وصارت محفورة في الأذهان حتي بعد انقضاء افلام العالم السينمائي فقرار تولي زمام كتابة سيناريو أجزاء FANTASTIC BEASTS بمفردها دون الاستعانة بسيناريست متمرس ويمتلك معرفة لا بأس بها عن ذلك العالم في رأيي الشخصي قرار خاطئ ورغم نجاة الجزء الأول من شبح هجوم النقاد إلا ان الجزء الثاني لم ينجو من المخالب النقدية التي انهالت علي الفيلم ونهشت فيه بكل ما هوا سلبي والذي من الممكن ان يربك الحسابات عند تقديم الأجزاء الثلاثة المتبقية.

فالفيلم كان يحمل لغزا محيرا تمثل في محاولة فهم القصة المبني عليها تسلسلات الاحداث نظرا لوجود العديد من التفاصيل دون التركيز علي فكرة معينة مما تسبب بحالة من الارباك بعد انقضاء النصف الاول دون امكانية تربيط المشاهد ببعضها البعض فالنص عبارة عن مزيج فوضوي ملئ بعدد كبير من الشخصيات خصوصا الجديدة منها والتي أفتقد أغلبها المساحة لتقديم عرض قوي وإثبات الحضور كعناصر قوية التأثير علي الاحداث الجارية بالاضافة الي التفاصيل الجانبية التي لم تحمل سوي الملل الشديد لعدم جدوي وجودها من الأساس بل مجرد عرقلة لتطور الاحداث والوصول الي فكرة محددة ترتكز عليها لكن برغم ذلك وجود بضع رمزيات تنتمي الي عالم هوجوورتس الذي عشقه الجميع ربما حملت بصيصا من الثناء وإن كان تكاثر السلبيات قد يمحي آثار اي شئ ايجابي لهذا العمل.-ربما يحسب للمخرج (دافيد ياتس) الاستمرار في اجادة تنفيذ شغل المؤثرات البصرية أسوة بالجزء السابق خصوصا في مشاهد الافتتاح والنهاية الذات يعتبروا من العلامات القليلة المضيئة للفيلم لكن يقابل ذلك فشل في رصد تلك العلاقة المثلية بين شخصيتي (جريندوالد) و (دمبلدور) فجاءت سطحية للغاية وغير مثيرة للاهتمام علي الإطلاق فكان ظهور الثنائي فاتر رغم توقعات الكثيرين بظهور قوي خصوصا ومؤثر ل(جريندوالد) الذي كان من المفترض ان يقدم في شكل يثبت أنه تاني أقوي سحرة الظلام خلف فولدمورت .

لكن رغم ذلك،أداء (جوني ديب) كان مذهلا و امتاز (ديب) بقدرته الكبيرة علي تقمص الادوار المقدمة بشكل بارع رغم الدقائق القليلة المتاحة له وكذلك الحال بالنسبة ل(جود لو) الذي عاد من جديد الأدوار التي من الممكن ان أعيده الي الواجهة مرة اخري.

بخلاف ذلك باقي ابطال الجزء الاول (أيدي ريدماين-دان فوجلر-كاثرين واتيرسون-اليسون سوديل) تفاوت أدائهم بين الجيد أو صاحب التأثير الضعيف في إشارة الي خفوت البريق نسبيا في الجزء الثاني بعد حالة التناغم القوية بينهما والظهور القوي والجواب في الجزء السابق-في المجمل، ربما تحمل (جي كي رولينج) خيالا واسعا وقدرة علي خلق عالم فانتازي جميل ومحبب للكثير من المعجبين لكن ربما تنقصها موهبة كتابة سيناريو سينمائي ملما بالعناصر المعروفة لذلك يفضل الاستعانة لكاتب يتعاون معها في الاجزاء القادمة لأي نص حتي لا يتم تكرار سلبيات هذا الجزء الذي حاليا يعد من اسؤء افلام سلسلة عالم (هاري بوتر) علي الإطلاق.
 
اسامة سعيد
كاتب وناقد سينمائى بموقع بيهايند وطبيب بشرى، محب للفن بشكل عام والسينما بشكل خاص.