مراجعات

مراجعة فيلم برا المنهج – ماذا قدم عمرو سلامة هذه المرة؟

فيلم برا المنهج

عمرو سلامة مخرج فيلم برا المنهج والمشارك فى كتابته هو أحد المخرجين المهمين على الساحة الفنية وهى أهمية لم يكتسبها فقط من موهبته التى قد نختلف بشأنها ولكن لاجتهاده وإصراره الدائم على المحاولة لتقديم منتج مختلف نسبياً بعيد عن التيار الإنتاجى التجارى الحالى المسيطر على السينما المصرية.

هذه المحاولات المختلفة للتجديد كانت متفاوتة على المستوى الفنى فبعضها كان رائعاً ولاقى الإشادة من النقاد والجمهور كفيلم أسماء والبعض الآخر لم يكن بالمستوى المطلوب كفيلم صنع فى مصر وذلك إن دل على شئ فهو أن رحلة عمرو سلامة متذبذبة المستوى لمحاولاته الدائمة للتنويع والخروج عن القالب السابق الذى وضع نفسه فيه ولكن هذه المرة تختلف الأمور قليلاً.

فيلم برا المنهج ليس تجربة جديدة كلياً على عمرو سلامة فقد قدم من قبل فيلم “لا مؤاخذة” الذى كان من بطولة أطفال كذلك وأحداثه تدور بعالمهم مما يجعله أمام تحدى جديد يجب فيه أن يتفوق على فيلمه السابق ويضيف عليه ليثبت تطوره على مدار السنوات الماضية.

قصة فيلم برا المنهج

تدور أحداث فيلم برا المنهج عن الطفل اليتيم نور والمعروف بمدرسته بلقب “عماشة” لحالته المادية المزرية والتى تنعكس على نظاراته التى عفى عليها الزمن وهندامه المهلهل و رائحته التى لا يمكن أن تخطئها من على بعد، يحاول نور أن يثبت شجاعته لأصدقائه بدخول منزل الأشباح ولكنه يقابل فيه المراكبى وتنشأ بينهما علاقة تساعد كلاً منهما.

برا المنهج هو محاولة لتقديم معالجة ساخرة لقصة تناقش خطورة الكذب، خطر تلك الخطيئة الذى لا يتوقف عند المجتمع بل ويمتد إلى صاحبه نفسه ولكن المعالجة الساخرة سرعان ما تحولت لمُنتج أكثر سذاجة من المطلوب يصعب التواصل معه أو أخذه على محمل الجد خاصة مع وجود مشاكل ضخمة بسيناريو الفيلم على وجه التحديد.

الفصل الأول فى الفيلم المسؤول عن تقديم الشخصيات ونقطة انطلاق علاقة ثنائى البطولة كان بطيئاً، مملاً وأطول من اللازم كما أن أحداثه بالكامل كانت تدور فى نطاق المدرسة ومشاكل طلابها وصداماتهم الطفولية بالرغم من عدم التعرف على أى من أشخاصهم مما جعلها مَشاهد يصعب التفاعل معها من قبل جمهور ناضج.

الفصل الثانى يمكن اعتباره أفضل فترات الفيلم مع زيادة عدد الزيارات لمنزل المراكبى وتعرف الشخصيتين على بعضهم بشكل أكبر مما زاد من لحظات التفاعل بينهم وكان أهم عوامل تميز هذه المشاهد هو الكيمياء الواضحة بين ماجد ااكدوانى والطفل عمر شريف فالتفاهم بينهما كان كبير والكوميديا التى خرجت من مشاهدهم كانت الأفضل فى الفيلم على عكس كوميديا المدرسة.مراجعة فيلم برا المنهج - ماذا قدم عمرو سلامة هذه المرة؟ 1

الفصل الثالث من الفيلم الذى يمثل تسلسل النهاية المسؤول عن تقديم نهاية مرضية وإجابة عن التساؤلات العديدة التى قدمها الفيلم فشل فى جميع مهامه للأسف.

تسلسل نهاية الفيلم تحرك بسرعة شديدة غير مبررة إطلاقاً فى الوقت الذى احتاج الفيلم فيه للهدوء والتوقف مع شخصية المراكبى وماضيها الذى يبقى مغلفاً بقدر كبير من الغموض حتى النهاية أو أصل شخصية نور ونسبه الذى كان يستحق من وقت الفيلم مساحة أكبر لينتهى الفيلم مع كم كبير من الأسئلة التى لم يجبها.برا المنهج - عمر شريف

امتدت مشاكل السيناريو إلى الحوار الذى كان مباشراً ، يلقى الحكمة والوعظ بشكل مباشر فى وجهك دون تلطيف درامى مما حول بعض أجزاء الفيلم لمجموعة من الدروس والنصائح فقط.

اقرأ أيضاً: مراجعة فيلم الانس والنمس – عودة هنيدي الحميدة

إخراجياً فرؤية عمرو سلامة كان لها دوراً جوهرياً فى ما عاناه هذا الفيلم من سذاجة جعلته أقرب لأفلام الأطفال من أي شئ آخر وذلك على عكس فيلم “لا مؤاخذة” الذى تواصل معه الكبير والصغير واستطاع مناقشة بعض القضايا المعقدة بنجاح.

بالرغم من مشاكل الرؤية الإخراجية إلا أن عناصر فنية كالسينماتوغرافي وتكوين الكدرات والديكور كانت جيدة جداً مع ذكاء واضح في الاقتصاد على مستوى عدد أماكن التصوير القليلة مما ساعد الفيلم إنتاجياً.

طوق نجاة الفيلم تمثل فى موسيقى راجح داود الساحرة وأداء كل من الطفل عمر شريف صاحب الظهور الواعد وماجد الكدوانى الذى يذكرنا في كل فرصة ممكنة بموهبته الاستثنائية وقدرته على الرفع من شأن أى عمل فنى بمجرد المشاركة فيه.برا المنهج - ماجد الكدوانى

إشادة واجبة كذلك بأداء دنيا ماهر الرائع بالرغم من مساحتها المحدودة على الشاشة وشخصيتها التي عانت من التنميط وكذلك الظهور الشرفي السارق للأضواء لأحمد أمين فى شخصية كان دخولها مفاجئاً ويمكن اعتبارها فرصة مهدرة كانت تستحق الحصول على فترة أكبر على الشاشة خاصة مع طبيعة الشخصية وملامحها الفريدة والجديدة بالكامل على أحمد أمين.برا المنهج - أحمد امين

فيلم برا المنهج هو محاولة لتقديم جديد فى السينما المصرية التى تعانى بشدة هذه السنوات من القوالب التجارية المتكررة وعمليات النحت المستمرة للأعمال الغربية مما يجعلها تجربة سينمائية تستحق الاحترام ولكنها للأسف لم تكن موفقة ولم تستطع تحقيق أغلب أهدافها المرجوة.

محمد هشام
كاتب بموقع بيهايند و طالب بكلية الطب جامعة عين شمس من مواليد المنصورة، محب للسينما وكرة القدم.