مراجعات

مراجعة فيلم المطاريد – هل يستحق المشاهدة؟

فيلم المطاريد 2023

ضمن الحملات الدعائية لـ فيلم المطاريد التي أقيمت قبيل عرضه بصالات السينما، تحدث أحد نجوم الفيلم وهو “أحمد حاتم” بسخرية تامة بأن الفيلم لا يمتلك حبكة درامية أو بناء درامي أو شئٍ من هذه الأمور، وذلك حينما طلب زميله “محمود الليثي” بمزاح من أحد صناع المحتوي النقدي والمشارك ضمن الترويج للفيلم بأن يعطي فيلم المطاريد تقييماَ من نسعة إلي تسعة ونصف من عشرة ولا يتفلسف بأسلوبه المعتاد في تقييم أي عمل فني يقدمه علي منصته الخاصة.

مراجعة فيلم شلبي – اسكتش سينمائي عن المهمشين و ذوي الحظوظ القليلة

ولكن بالنظر لما قدمه فيلم المطاريد من تجربة سينمائية ، يمكن القول بأن “أحمد حاتم” كان علي الحق، الفيلم لا يمتلك بالفعل قصة أو حبكة أو تصاعد درامي من أية نوع، ولكن الأسوء من ذلك أن فيلم المطاريد لا يقدم كوميديا جيدة وكافية كما تم الترويج له من خلال المواد الدعائية والإعلانات وما شابهها، ولم يكن جدير بالوقت الذي من الممكن أن يمنحه له أية مشاهد باحثٍ عن فيلم ترفيهي كوميدي يستمتع به بصالة السينما.

مراجعة فيلم المطاريد - هل يستحق المشاهدة؟ 1

بل إنه يعد نموذجاً للكوميديا التي لا طالما تتسبب في عودة السينما للوراء بدلاً من التقدم للأمام في ظل وجود بصيصٍ من الأمل بتحسن مستوي الكوميديا في مصر بالاعتماد علي كوميديا المواقف الخالية من الإيفيهات والجمل الحوارية المبتذلة صاحبة التأثير الصفري علي المشاهد الذي لن يتفاعل معها بالمرة، ببساطة هو فيلم كليشيه قديم في الكوميديا الخاصة به، ولا يقدم جديداً بالنظر للحبكة التي يتناولها ويصيغ علي إثرها أحداث الساعتين من الوقت المتاحة له.

فيلم المطاريد

قصة فيلم المطاريد

تدور أحداث فيلم المطاريد عن “صلاح” الذي يعود من “أمريكا” بعد وفاة والده لاستلام الميراث الخاص به، ويسعى لبيع الأملاك التي تتضمن نادي كرة قدم، يدعي “المطاريد ” فيمر “صلاح” بالعديد من المواقف الغير متوقعة خصوصاً حينما يقرر لسببٍ ما إعادة إحياء النادي من جديد وإبقائه ضمن دوري الدرجة الثانية لكرة القدم.

مراجعة فيلم المطاريد

كما أشرت مسبقاً ، لا تحظي قصة فيلم المطاريد بتناول مختلف للفكرة التي يقدمها، وهي ببساطة عن شخصٍ ما يقرر إحياء نادي كرة قدم عفا عليه الزمن بمجموعة من الاعبين الذي يعانون من مشاكل معينة وفشلٍ دائم ومستمر يطاردهم، ويتسلحون بالعزيمة والإصرار لتحقيق أهدافهم متجمعين سوياً، خصوصاً بعدما يحدث تحولٍ ما تتغير معه الأحداث وطبيعة شخصية البطل ويدفع بهذا الفريق نحو النجاح متغلبين علي الظروف التي تواجههم.

ما قد يجعل الكليشيه ناجحاً وخصوصاً في فيلم كوميدي هي الكوميديا بتنوعيتها ككم وجودتها كمحتوي وكتابة، وأبرز مثال علي ذلك فيلم “لا تراجع ولا استسلام” للنجم المبدع “أحمد مكي”، ولكن مؤلفي الفيلم “صلاح الجهيني” و”عزت أمين” لم تفلح محاولاتهما لخلق تسلسلات كوميدية كبيرة تستغل الفكرة المقدمة، وتعزز أجواء الفيلم بشئٍ من المرح والسرور وتتعالي معها صرخات الضحك، تخيل عزيزي القارئ بأن بفيلم المطاريد موقفين أو ثلاثة هم الذين يقدمون الكوميديا المنشودة حتي ولو كانت بحدود لا تمتد علي مستوي وقت المشاهد وأفكار الكوميديا، أما ابقيته عبارة عن فتور كوميدي وإتجاه أحر للاحداث يعد فعلياً  أحد أهم عيوب الفيلم الرئيسية.

مراجعة فيلم المطاريد - هل يستحق المشاهدة؟ 2

حيث نجد الفيلم يدخل أجواء الدراما المؤثرة، وإستدراج العواطف بالوسائل التقليدية التي هناك الكثير من الأعمال مثل “موضوع عائلي” مؤخراً يقدموها بطرقٍ أفضل تحدث بأثير أكبر علي المتلقي وبتمهيد منطقي للاحداث ومن خلال تفاصيل الحبكة المناسبة، بالإضافة إلي بعض التفاصيل المتعلقة بأحد الشخصيات الرئيسية التي لا تفيد العمل بأي شئ سواءاً في الكوميديا أو حتي الدراما.

إعلان فيلم المطاريد 2023 - Vídeo Dailymotion

ولكن علي الجانب الإيجابي هناك إجتهاد من بعض الممثلين في أن يقدموا أبرز ما لديهم في الكوميديا، أبرزهم بالطبع النجم المتميز “محمود الليثي” الذي كان حاضراً بخفة ظله المرحة وطريقته المعتادة في إلقاء النكات والحوارات الكوميدية، وإستفاد كثيراً من أحد إيجابيات الفيلم القليلة وهي تصميم بعض الشخصيات وطبيعاتهم غريبة الأطوار في أن يقدم فاصلاً من الكوميديا التي تثير الضحك بصورة فعلية، أيضاً هناك “طه دسوقي” الذي يرسخ نفسه كموهبة صاعدة في الكوميديا بعد تألقه في مسلسل “موضوع عائلي”، وينجح في تقديم شخصية “باتا” لص الأحذية بطريقة تعبر عن غرابة الشخصية وطباعها الغريبة.

الأربعاء.. طرح فيلم «المطاريد» لـ أحمد حاتم بدور العرض

بالنظر لمدلول الفقرة السابقة، يمكن إستنتاج نجاح بعض الشخصيات المساندة في تقديم أدوارها بنجاح، فماذا عن أبطال الفيلم الرئيسين “أحمد حاتم” و “تارا عماد”، في حقيقة الأمر الثنائي متميز علي المستوي الدرامي والرومانسي، ولكنهم لا يتمتعون بالحس الكوميدي والقدرة علي مجاراة الشخصيات المساندة في الكوميديا علي الإطلاق.مراجعة فيلم المطاريد - هل يستحق المشاهدة؟ 3

وخصوصاً “أحمد حاتم” الذي يظن بأنه بصراخه وإنفعالاته المستمرة هو بذلك يقدم كوميديا من نوعٍ معين، ولكن هذا الأمر ليس بصحيح وملاحظ للغاية عدم قدرة “حاتم” و”تارا” علي إظهار مقدرتهم علي إضحاك الجمهور حتي ولو من موقفٍ وحيد داخل الأحداث، بالإضافة إلي ظهور النجم “إياد نصار” بشخصية “أدهم” المليونير المجنون الذي يشبه شخصية “توم كروز” في فيلم “Tropic Thunder” الذي تم إقتباس الشخصية فقط دون أن يتم وضع أسس كوميدية لها من أجل أن تحظي بأهمية داخل أحداث الفيلم.

لهذا السبب.. إياد نصار يتصدر التريند

في النهاية، تعرفنا قبل عرض فيلم المطاريد علي أنه جزء ثاني لفيلم “4-2-4” للنجم الراحل “يونس شلبي” ، ولكن مع الأسف لم يستطيع للأول أن يكون علي خطي الأخير من حيث الكوميديا القوية والمواقف التي قد تترك إنطباعاً إيجابياً لدي المشاهد أكثر من مجرد ضحكات قليلة وتاثر بسيط  للغاية بالأبعاد الدرامية الكثيرة التي قدمت به، ليفشل فيلم المطاريد من وجهة نظر شخصية أن يكون ضمن بدايات عام 2023 علي مستوي الأفلام المصرية بشكل عام، والأفلام الكوميدية بشكلٍ خاص.

اسامة سعيد
كاتب وناقد سينمائى بموقع بيهايند وطبيب بشرى، محب للفن بشكل عام والسينما بشكل خاص.