مراجعات

مراجعة فيلم البعض لا يذهب للمأذون مرتين .. رحلة بحث عن الكوميديا

البعض لا يذهب للمأضون مرتين

رهان جديد لـ كريم عبد العزيز يأمل من خلاله تحقيق نجاح جماهيري وتجاري كعادته ولم لا؟ فهو الأكثر ثباتًا على مستواه وتنوعًا في أعماله بين أبناء جيله، ودائمَا ما تلقى أعماله رواجًا كبيرًا في شباك التذاكر .. رصيد كبير من الحب والثقة بُني على مدار سنوات بين كريم والجمهور.

منذ سنوات وتعاني الكوميديا في مصر من جفاف على مستوى الكتابة يقتل أي محاولة جادة لصناعة عمل كوميدي ناجح، وتزداد صعوبة الأمر عند النظر إلى المشاهد المصري صاحب النكتة والمعروف عنه خفة دمه مما يجعل مهمة صانع أي عمل كوميدي عسيرة ومليئة بالتحديات، والآن نأتي للحديث عن فيلم البعض لا يذهب للمأذون مرتين” وهل نجح في مهمته كفيلم كوميدي؟ هل هو رهان ناجح لكريم عبد العزيز؟

قصة فيلم البعض لا يذهب للمأذون مرتين

يتطرق الفيلم لمناقشة المشكلات والخلافات التي تنشب بين أي زوجين والتغير الذي يحدث في بعد الزواج والسقوط من طائرة الأحلام إلى أرض الواقع من خلال خالد المذيع المشهور والناجح في عمله وزوجته ثريا خبيرة العلاقات الزوجية الذين يعيشان حياة روتينية تفتح الباب لرغبة كل منهما الانفصال عن الآخر .. وتتوالى الأحداث.

البعض لا يذهب للمأذون مرتين

مراجعة فيلم البعض لا يذهب للمأذون مرتين

يظل البرومو من الأسباب الرئيسية – أحيانًا يكون السبب الأوحد – في حسم قرار مشاهدة الفيلم ويعتمد ذلك على قدرة البرومو على جذب المشاهد إليه من خلال عرض لقطات تشويقية لا تؤثر على الأحداث وفي الوقت ذاته تزيد من حماس المشاهد، وهذا لم يكن موجودًا في برومو الفيلم والمشكلة ليست بجديدة فكثيرًا ما نجد بروموهات سيئة غير مؤهلة لجذب المشاهد رغم أن الفيلم غالبًا ما يكون جيد ومن ثم نجد البعض يتأخر في حسم قراره ومنهم من يقرر عدم الذهاب إلى السينما لمشاهدة الفيلم.

 

أما عن الفيلم فلدينا تناول جديد للعلاقات الزوجية قصة إلى حدٍ ما جيدة تجعل المشاهد على مدار ساعتين لديه رغبة في الوصول إلى الذروة ومعرفة كيف سينتهي الفيلم .. كل هذه عوامل تصنع فيلمًا جيدًا ولكنها غير كافية لصناعة فيلم كوميدي وبالإتيان إلى صناعة الكوميديا فهناك طريقين إما كوميديا الموقف “الأقرب والأصعب والأفضل” أو كوميديا الإفيه “الأسهل”

 

ليست لدي مشكلة مع كوميديا الإفيه في حال قدرة المؤلف على صناعة إفيهات مقبولة غير مستهلة تُشعر المشاهد أنه أمام فيلم كوميدي، والحال أن الأفلام الكوميدية المصرية مؤخرًا تستخدم إفيهات ونكت متتالية غالبًا ما تكون بمثابة لكمات قاضية للمشاهد وللفيلم نفسه.

 

وبالنظر لـ البعض لا يذهب للمأذون مرتين فعلى مدار ما يقرب من ساعتين لم أضحك إلّا مرة واحدة واقتصر الأمر على ابتسامات ثابتة طوال الفيلم ولا أعرف إن كانت المشكلة لدي فقط أم لا ولكن استشعرت مدى الجهد الذي بذله المؤلف أيمن وتار في كتابة إفيهات ونكت غير موفقة في كثير من الأحيان واجتهاده في خلق مساحات لتلك الإيفهات لتكون مهيأة لجلب الضحك.

كريم عبد العزيز

تركيز أيمن وتار على وضع جمل تضحك المشاهدين جاء على حساب الحوار الذي جعل من الفيلم سطحيًا في بعض الأوقات وغياب جانب درامي وجوده هام ومؤثر في موضوع الفيلم عكس فيلمه السابق “نادي الرجال السري”، ورغم ما ذكرته الفيلم ناجح ونجاحه الأول نابعًا من الأداء حتى وإن لم تنجح النكتة في إضحاك المشاهد فالأمر متروك لصاحب النكتة القادر على جعل النكتة جديرة بالضحك وهو ما كان موجودًا بالفيلم ومنقذًا له.

منقذ؟ نعم منقذ .. تخيل معي لوكان الفيلم لممثلين آخرين غير كريم عبدالعزيز وماجد الكدواني ومحمد ثروت مع نفس النكت الموجودة بالفيلم هل ستختلف النتيجة؟ بالطبع ستختلف والسر في ذلك هو أداء الممثل واجهة الفيلم الذي يصنع من الفسيخ شربات .. لا أريد أن أقسو على أيمن وتار لأنه مؤلف واعد صاحب أفكار جديدة وناجح في تناول موضوعات جيدة والإقدام على قضايا مهمة وسردها بشكل مشوق بعيد عن الملل فقط تنقصه اللمسة الأخيرة ليسجل الهدف.

البعض لا يذهب للمأذون مرتين

تكمن إحدى العوامل الهامة لنجاح الفيلم في المخرج أحمد الجندي الذي يهتم في أعماله بخلق مواقف وتوفير سبل كافية لجعل المشاهد في حالة من السعادة والرضا عن العمل الذي يشاهده، ونجح في التعامل مع الفيلم والخروج به بشكل مرضي كوميديًا، وسأستغل فرصة الحديث عن الجندي لأقول أنه من المخرجين الذين أستمتع بمشاهدة أعمالهم وأكثرهم تمكنًا من حيث توظيف أدواته والتعامل معها.

أفضل أعمال المخرج أحمد الجندي

الطاقم التمثيلي أساس نجاح الفيلم وعلى رأسهم كريم عبد العزيز الذي تظل أفلامه – وإن تفاوت مستواها – مقربة ومحببة لقلوب المشاهدين وعن الفيلم فكريم منتعش وفي حالة جيدة تسمح برسم ابتسامة لا تفارقك طوال مشاهدة الفيلم وتظل ثنائياته مع الكدواني منبعًا للبهجة والتلقائية بينهما كفيلة تسمح بوجود كوميديا .. ماجد الكدواني حامل لواء الكوميديا والورقة الرابحة للفيلم نجح بجدارة في إضفاء حيوية مطلوبة للقضاء على الملل والتغاضي عن عيوب الفيلم .. ضيوف الشرف كُثر ومستواهم متفاوت بين المؤثر مثل محمد ثروت الأكثر تميزًا وإقناعًا والمقحم كبيومي فؤاد الذي تم التنويه في البرومو أن دوره غير مفهوم وظلم كذلك حتى بعد نهاية الفيلم. 

كريم عبد العزيز وماجد الكدواني

نجاح الفيلم على المستوى التجاري مضمون بفضل كريم عبد العزيز وماجد الكدواني وكان من الممكن أن يزداد هذا النجاح لو أُسندت البطولة النسائية لممثلة أخرى غير دينا الشربيني الغير موفقة، ولا أعتقد أن السبب متعلق بدينا نفسها لأنها تتمتع بقدر من الموهبة يجعلها ممثلة جيدة ولكن الدور غير مناسب لها فهي بعيدة عن الكوميديا ولا يوجد تناغم بينها وبين كريم عبد العزيز رغم محاولاتهما الجادة في خلق كيميا إلا أن اختيارها غير ملائم للدور.

 

إجمالًا فيلم البعض لا يذهب للمأذون مرتين تجربة موفقة رغم عيوبها، خفيف على القلب ومقدم بشكل سلس ويستحق أن تشاهده في السينما .. تقييمي للفيلم 7/10

محمود احمد
كاتب سينمائي ومحرر بموقع بيهايند، عاشق للسينما منذ طفولتي .. أفضل السينما التي تحمل أفكارًا جريئة .. مؤمن بقدراتنا الفنية في مصر والعالم العربي ونستطيع مواكبة السينما الغربية، لم لا؟ لدينا الموهبة فقط تنقصنا الإمكانيات.

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *