مراجعات

مراجعة فيلم الاصليين .. لماذا الهجوم؟!

سادت حالة من الانقسام من جانب الجمهور حول فيلم “الاصليين” منذُ طرحه بدور العرض ، ذلك الانقسام مستمر حتى اللحظة التي أكتب بها المراجعة .. السؤال الآن هو : هل يستحق الفيلم ما تعرض له من انتقادات؟! هل الفيلم كما “سيء” كما وصفه البعض؟!

– الإجابة في رأيي هي لا .. لن أبالغ وأقول أن كل عناصر الفيلم ممتازة ، ولكني وجدت أغلب العناصر السينمائية التي تجعلنا نصف الفيلم بـ “الناجح” موجودة في فيلم “الأصليين” .. لم أجِد بالفيلم ما يستعصي على المُشاهِد فهمه.

– القصة : سمير عليوة .. موظف في بنك .. يعيش حياة مستقرة ولكنها روتينية ، لم يستطع سمير الخروج من القوقعة المُحتجز بداخلها .. في أحد الأيام يُفاجئ بقرار فصله عن العمل ، ويبدأ سمير في البحث عن وظيفة جديدة إلى أن يتلقى مكالمة مجهولة تنقلب حياته على إثرها رأسًا على عقب.   

مراجعة فيلم الاصليين .. لماذا الهجوم؟!

– يُمثل فيلم “الأصليين” التجربة السينمائية الثانية للكاتب “أحمد مراد” وهي الأولى كسيناريو خالص أي غير مُحول من رواية ، والحقيقة أنَّ مراد أكثر حيوية هذه المرة وخرج لنا بفكرة جديدة على السينما المصرية .. أرى أن الحبكة متوفرة مع سردٍ سلس للأحداث لم يخلُ من بعض البُطء في تسلسل الأحداث.

مراجعة فيلم الاصليين .. لماذا الهجوم؟! 1

– ما أحمده في أسلوب مراد اهتمامه بأدق التفاصيل .. يسهُل علينا فِهم كل شخصية من شخصيات الفيلم بداية من “سمير عليوة” الذي يُمثل الموظف المصري الذي يسقط في فخ الروتين ويومُه دائِم التكرار .. يستيقظ في الصباح الباكر ، يذهب للعمل مرتديًا الزي الرسمي ثم يعود للمنزل ويقضي ليلته أمام التلفاز بعيدًا عن أولاده الذين اتخذوا مِن هواتفهم المحمولة أنيسًا لهم ، وزوجته التي لا تهتم إلّا بما يتطلب المنزل من طعام وشراب ومستلزماتٍ أُخرى.

– نوعية فيلم “الأصليين” تستلزم وجود أكثر من خط يسير به الفيلم حتى لا يسقط المشاهد فريسة للملل ليشعر المشاهد .. اهتم مراد في فيلم “الأصليين” بالسير في خط واحد فقط وهي الفكرة الرئيسية التي يقوم عليها الفيلم “المراقبة” .. أخلص مراد في مناقشة تلك الفكرة واضعًا بعض الإسقاطات السياسية والاجتماعية الساخطة على أشياء وأحداث بعينها .. يُمثل مراد تيار التجديد المُتمرّد فيقوم فِكره على جعل المُشاهِد يجتهد في فهم المشاهد والأحداث والإسقاطات التي يضعها بعمله ، ومن ضمن ذلك الحديث بين سمير عليوة وزوجته عن غرفة الجرائد “ده تاريخ مصر يا ماهيتاب!” فالمخزى من ذلك المشهد هو النظر دائمًا لتاريخ مصر بعين فاحصة مدققة ولا نصدق ما يُقال بمجرد قراءته في جريدة أو سماعه في مذياع

مراجعة فيلم الاصليين
مراجعة فيلم الاصليين

– وعلى ذلك فيمكننا أنْ نعتبر مشهد النهاية مقصود فالفيلم لمْ يوضّح لنا من هم الأصليين ، ولكنّنا إذا فكّرنا قليلًا  سنخرج بعِدة استنتاجات ومن الممكن أنْ نعتبر الأصليين جماعة سرية .. بشكلٍ عام سيناريو أحمد مراد متماسك وأرى أنّ هجوم الجمهور على الفيلم مُتجه للشخص وليس للفكرة.

مراحعة مسلسل في كل اسبوع يوم جمعة

– مروان حامد يستحق الحصول على نصيب الأسد من كعكة التفوق .. السهل الممتنع كان أسلوب حامد للتعامل مع فيلم “الأصليين” وهي طريقة لجأ إليها مخرجين كُثر وأرى أنها سلاح ذو حدين فهي طريقة مألوفة ، ولكن الإبداع هو النظر إلى المألوف بطريقة غير مألوفة وهو ما فعله مروان حامد واضعًا لمساته السحرية وجعلني أتوقف أمام عدة مشاهد فكل مشهد بمفرده لوحة فنية .. اختيار موفق لأماكن التصوير والديكور والملابس الغريبة المتنوعة كتلك التي كان يرتديها خالد الصاوي ، ولا يُمكنني نسيان موسيقي “هشام نزيه” التي لا غبار عليها وساهمت في خلق عالم خاص للفيلم.

مراجعة فيلم الاصليين
مراجعة فيلم الاصليين

– بعد مشاهدة الفيلم راودني شعور أنه لا يمكن لأي ممثل أن يقوم بتجسيد الشخصيات بنفس الكفاءة التي كانت لدى أبطال الفيلم وعلى رأسهم “ماجد الكدواني” صاحب التجسيد العبقري الذي لا تجد ما تفعله إلّا أن ترفع له القُبعة .. خالد الصاوي في ثالث تعاملاته مع مروان حامد بعد “عماره يعقوبيان – الفيل الأزرق” بشخصية

– رشدي أباظة “مندوب الأصليين” وصاحب النبرة المهيبة ، حذق الصاوي الشخصية ودرسها جيدًا وأرى أنَّ الصاوي يزداد بريقه عندما يتعامل مع مروان حامد فهؤلاء الأعمال اللاتي ذكرتهم أعتبرهم من أفضل ما قدم الصاوي في مسيرته .. لا أدري لماذا لمْ أتكايف مع شخصية “ثريا جلال” ربما لمْ أجد أهمية لتلك الشخصية ،  ربما لمْ تأخذ الحجم المناسب ، رغم ذلك فمنة شلبي تستحق الثناء علي أداء “المونولوج” الذي تعجز يداي عن وصف إبداعها في أدائه .. ظهور موفق لكلًا من كندة علوش في شخصية جديدة عليها ، ومحمد ممدوح صاحب الظهور الطريف والتلقائي.  

مراجعة فيلم بحب السيما

مراجعة فيلم الاصليين
مراجعة فيلم الاصليين

– فيلم الأصليين ليس فيلماً تجارياً بل فيلم له فكرة وهدف جاهَد صناعه في إيصالهما .. بشكلٍ عام أراه عمل فني جيد وأصنفه كواحد من أفضل الأفلام المصرية في السنوات الخمس الأخيرة وأتمنى تكرار مثل تلك التجارب في الفترة القادمة .. تقييمي للفيلم 7.5/10 ، وعن الانتقادات الموجَهة للفيلم فهي لمجرد الانتقاد وموجهة لمؤلِف الفيلم ولأن الفيلم مصري .. لا أعتقد أننا سنرى ذلك الهجوم إذا كان الفيلم صناعة غربية.

محمود احمد
كاتب سينمائي ومحرر بموقع بيهايند، عاشق للسينما منذ طفولتي .. أفضل السينما التي تحمل أفكارًا جريئة .. مؤمن بقدراتنا الفنية في مصر والعالم العربي ونستطيع مواكبة السينما الغربية، لم لا؟ لدينا الموهبة فقط تنقصنا الإمكانيات.

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *