تسير أحداثُ الفيلم بشكل سلس وقريب من القلب ، بدءاً بالمشهد الإفتتاحي السريالي بإمتياز ، مروراً بعكس المخرج لمدي حبه للسينما ووضع منزل الشخصية فوق قاعة سينما ، ومن خلال الشخصيات الثانوية ، ك ” جيلز ” الباحث عن الوصول للإستقرار النفسي سواءاً كان بإيجاد شخصٍ يحبه أو برسم إحدي اللوحات ، وأيضاً لدينا ” هوفستتلر ” العالم غريب الأطوار الذي يصارع داخلياً واجبه كعالم بألا يقتل الوحش ويسعي لإطلاق سراحه و واجبه تجاه وطنه والذي يتلخص في ضرورة قتل الوحش والتخلص منه .
السئ في العمل هو الشخصيتان الثانويتان الأهم ” ستريكلاند ” و ” زيلدا ” ، ما يجعل كلاهما سبباً لنقد الفيلم سلبياً لا إيجابياً هو أنهما وقعا في القالب المكرر في أي عمل من هذا النوع ، فبالنسبة للمشاهد فإن كتابة كلتا الشخصيتان من البداية للنهاية معلومة ولا تحمل أي إنبهار أو مفاجأة بل وصل الحد إلي الملل من ظهورهما علي الشاشة في بعض الأحيان ، والسبب الرئيسي في ذلك هو كتابة الشخصيتين وتقديمهما ، والسبب الثانوي والذي ينطبق علي ” زيلدا ” فقط هو تقليدية تجسيد ” أوكتافيا سبنسر ” أيضاً مما جعلها شخصية سطحية بإمتياز .
علي الجانب الرئيسي في التجسيد ، تصل ” سالي هوكينز ” لقمة الإبداع في التقمص والواقعية الشديدة حتي لتظن أنها بكماء في الحقيقة وليس فقط علي الشاشة ، لتقتنص بدورها ذلك ترشيحاً أوسكارياً ثانياً بعد ترشيحها في العام 2014 كأفضل ممثلة مساعدة عن دورها في فيلم وودي آلان ” ياسمين ٌ أزرق “
” دوغ جونز ” مؤدي شخصية الوحش ومتقمصها بإمتياز يستحق كل التقدير والثناء علي ما قدمه لإيصال مشاعر وحشٍ تتلخص في بعض الأنين وبعض الإشارات الضوئية وإشاراتٍ أخري إكتسبها من صديقته البكماء .
كانت موسيقي العمل رائعة بحق ، إستطاع ” ألكسندر ديسبلا ” من خلالها عكس كل ما يريده ” ديل تورو ” وساهم بشدة في إيصال المشاعر المتبادلة بين مرأة بكماء ووحش برمائي بدون أي ذرة من الإشمئزاز أو النفور ، وهذه نقطة من أهم ما نجح به الفيلم .
نجح ” ديل تورو ” إخراجياً وفشل كتابياً ، الأولي لتقديمه مشاهد مذهلة ، أغرقنا في السريالية والشاعرية في نفس الوقت ويظهر ذلك واضحاً في مشهد الإفتتاحية ومشهد النهاية ، ولكن في الثانية كان بإستطاعته تقديم الأفضل ، ولكن الجانب السياسي في الفيلم سيطر في الثلث الأخير وحوله إلي مطاردة سخيفة من الممكن مشاهدتها في مئات الأفلام الأخري .
بقلم : محمد محمود