اخبار

حين خُلق الحب لم يكن حكراً علي أحد – The Shape of Water

حين خُلق الحب لم يكن حكراً علي أحد - The Shape of Water 1
حين خُلق الحب لم يكن حكراً علي أحد ، لم يكن حقاً لأبيض وباطلاً لأسود ، لم يكن حقاً لصحيحٍ وباطلاً لأصم ، لم يكن حكراً علي البشر ، فحتي الوحوش لها كل الحقِ في أن تُحِب وتُحَب . 
في إطارٍ من السريالية التي يتخذها مخرج العمل ” ديل تورو ” كنهجٍ واضح له في أفلامه ، هنا يصل لأعلي درجات الخيال حين ينسج من فكرة الجميلة والوحش قصةً جميلة وشاعرية عن علاقةِ جميلة بكماء ووحش . 

 

 
شخصية العمل الرئيسية هي ” إليزا “ ، إمرأة بكماء تعيشُ حياةً روتينية إلي أقصي حد ، تستيقظ في المساء ، تُحضر الإفطار وتمارس عادتها السرية ومن ثم تذهب لإلقاء التحية علي رفيقِها في المبني وصديقها في وحدتها ومن ثم تتجه إلي العمل ، أما مكان العمل فهو أحد المعامل السرية للغاية والذي يصل إليه حديثاً أكثر الأمور سريةً علي الإطلاق ” وحشٌ كان يُعامل كإلهٍ في نهر المسيسبي ” ، لدي ” إليزا ” صديقة ثرثارة لأقصي حد ، نقصد بالحديث هنا شخصية ” زيلدا ” التي لا تكف عن الحديث عن زوجها ” بروستر ” ومشاكله معها التي لا تنتهي . 
 
نصل لحكي الجانب الذي لا أحبذه وهو علاقة الوحش بالعلاقات الأمريكية السوفيتية أثناء الحرب الباردة وإعتقاد الجانب الأمريكي بإمتلاكه المكانة العُليا بوجود هذا الكائن فيسعي لقتله ومن ثم تشريحه لمعرفة خصائصه ومما يتكون ويزعم هذه الفكرة ” ستيكلاند ” المسئول عن حراسة الكائن ورئيسه الجنرال ” هويت ” ، أما علي الجانب الروسي فيوجد الجاسوس المُندس فالمعمل السري ” هوفستتلر ” ورؤساؤه الراغبين في قتل الوحش والتخلص منه حتي تصل إستفادة الجانب الأمريكي إلي الصفر من هذا الوحش ويظهر ذلك من خلال جملة حوارية بسيطة من الجانبي الروسي : 
” نحن لا نحتاج للتعلم ، نحتاج فقط أن يكف الأمريكيون عن التعلم “

تسير أحداثُ الفيلم بشكل سلس وقريب من القلب ، بدءاً بالمشهد الإفتتاحي السريالي بإمتياز ، مروراً بعكس المخرج لمدي حبه للسينما ووضع منزل الشخصية فوق قاعة سينما ، ومن خلال الشخصيات الثانوية ، ك ” جيلز ” الباحث عن الوصول للإستقرار النفسي سواءاً كان بإيجاد شخصٍ يحبه أو برسم إحدي اللوحات ، وأيضاً لدينا ” هوفستتلر ” العالم غريب الأطوار الذي يصارع داخلياً واجبه كعالم بألا يقتل الوحش ويسعي لإطلاق سراحه و واجبه تجاه وطنه والذي يتلخص في ضرورة قتل الوحش والتخلص منه .

السئ في العمل هو الشخصيتان الثانويتان الأهم ” ستريكلاند ” و ” زيلدا ” ، ما يجعل كلاهما سبباً لنقد الفيلم سلبياً لا إيجابياً هو أنهما وقعا في القالب المكرر في أي عمل من هذا النوع ، فبالنسبة للمشاهد فإن كتابة كلتا الشخصيتان من البداية للنهاية معلومة ولا تحمل أي إنبهار أو مفاجأة بل وصل الحد إلي الملل من ظهورهما علي الشاشة في بعض الأحيان ، والسبب الرئيسي في ذلك هو كتابة الشخصيتين وتقديمهما ، والسبب الثانوي والذي ينطبق علي ” زيلدا ” فقط هو تقليدية تجسيد ” أوكتافيا سبنسر ” أيضاً مما جعلها شخصية سطحية بإمتياز .

علي الجانب الرئيسي في التجسيد ، تصل ” سالي هوكينز ” لقمة الإبداع في التقمص والواقعية الشديدة حتي لتظن أنها بكماء في الحقيقة وليس فقط علي الشاشة ، لتقتنص بدورها ذلك ترشيحاً أوسكارياً ثانياً بعد ترشيحها في العام 2014 كأفضل ممثلة مساعدة عن دورها في فيلم وودي آلان ” ياسمين ٌ أزرق “

” دوغ جونز ” مؤدي شخصية الوحش ومتقمصها بإمتياز يستحق كل التقدير والثناء علي ما قدمه لإيصال مشاعر وحشٍ تتلخص في بعض الأنين وبعض الإشارات الضوئية وإشاراتٍ أخري إكتسبها من صديقته البكماء .

كانت موسيقي العمل رائعة بحق ، إستطاع ” ألكسندر ديسبلا ” من خلالها عكس كل ما يريده ” ديل تورو ” وساهم بشدة في إيصال المشاعر المتبادلة بين مرأة بكماء ووحش برمائي بدون أي ذرة من الإشمئزاز أو النفور ، وهذه نقطة من أهم ما نجح به الفيلم .

 

نجح ” ديل تورو ” إخراجياً وفشل كتابياً ، الأولي لتقديمه مشاهد مذهلة ، أغرقنا في السريالية والشاعرية في نفس الوقت ويظهر ذلك واضحاً في مشهد الإفتتاحية ومشهد النهاية ، ولكن في الثانية كان بإستطاعته تقديم الأفضل ، ولكن الجانب السياسي في الفيلم سيطر في الثلث الأخير وحوله إلي مطاردة سخيفة من الممكن مشاهدتها في مئات الأفلام الأخري .

 

وقد لا أجد كلمة للختام خيرٌ من ما قالت ” أوكتافيا سبنسر ” عن الفيلم : 
” الفيلم عن الاكتشاف والحب ، وإدراك قوتك الداخلية والعثور عليها ، وقوة العثور على الحب في أكثر الأماكن غير المعتادة “

بقلم : محمد محمود

Behind The Scene
بيهايند هي كيان سينمائي مصري متخصص فى مجال ترشيحات الأفلام والمسلسلات وتقديم تغطية لكافة الاخبار الفنية في السينما والدراما