مقالات

أبرز 10 اختلافات بين فيلم كيرة والجن ورواية 1919

أبرز 10 اختلافات بين فيلم كيرة والجن ورواية 1919

عندما يُعرض فيلم أحداثه مبنية على رواية يبدأ قارئ الرواية مباشرة بالربط وعقد المقارنات بين الأحداث فى الرواية والفيلم، بين خياله الخصب والتجسيد الواقعى، وهى مقارنة غير عادلة وغالباً ما ينتهى الأمر بتفضيل الرواية عن الفيلم ولذلك دائماً ما يدعو الصناع والنقاد للفصل التام بين الرواية والفيلم ومعاملة كل منهم كعمل منفصل وقائم بذاته.

كلام رائع ملئ بالمثالية ولابد من محاولة تنفيذه ولكن عند العودة لأرض الواقع فهذه تعتبر مهمة صعبة بل مستحيلة بالنسبة للبعض فالرواية تبقى مرجع لمعرفة ما كان بالإمكان أن يصبح عليه العمل السينمائى وعندما تكون مشاكل الفيلم مستفزة للعين فحينها يلجأ القارئ مباشرة لروايته راصداً الاختلافات وما تم تجسيده بأسلوب لا يليق بجودة الرواية لذا فى هذا المقال أستعرض لكم أبرز 10 اختلافات بين فيلم كيرة والجن ورواية 1919 المبنى على أحداثها الفيلم وما ان كان أثر التغييرات إيجابياً أl سلبياً على التجربة السينمائية مع حرية حرق كل من الفيلم والرواية.

نقدم لك ابرز اختلافات بين فيلم كيرة والجن ورواية 1919

عبد الحى كيرة

والد أحمد “عبد الحى كيرة” فى الرواية كان أحد رجال عرابى فى ثورته وخاض المعارك بجوار سعد زغلول وكان بعد فشل الثورة أحد المحكوم عليهم بالإعدام ليكونوا عبرة لمن تغويه نفسه بالانتفاض على الإنجليز مرة أخرى.

فى فيلم كيرة والجن يختلف هذا الجزء بشكل كبير ولكنه يصل إلى نفس الهدف المتمثل فى حقد أحمد على الإنجليز، فنرى أن والده كان أحد الفلاحين الذين حُكم عليهم بالإعدام شنقاً بحادثة دنشواى الشهيرة وهو تغيير أفاد الفيلم لتتناسب الشخصية مع المرحلة العمرية لكريم عبدالعزيز الذى يعتبر سنه كبيراً بالنسبة لنسخة الرواية.كيرة والجن

الجانب العاطفى لأحمد كيرة

فى الرواية عاش أحمد مع والدته مقسماً حياته بين النضال السرى والعمل الطبى ليحرم قلبه من الحب والزواج بالكامل حتى يقع فى حب نازلى التى تحطم كيانه بالكامل وتنتهى بكسر قلبه.

فى الفيلم تتغير الأمور لأسباب غير مفهومة فنرى أحمد كيرة متزوجاً من زينب بل ولديه طفل وهو ما يمكن تفهمه فى حالة حذف الجانب الرومانسى من قصته تماماً وتحميل عبء وجود عائلة على الشخصية لتكوين صراع نفسى يُصعب من مهمة قيادته للمجموعة ولكن بشكل مقحم نجد أحمد يدخل فى قصة عاطفية غير مبررة مع إيميلى والتى تعتبر نسخة معدلة من نازلى بقصة حب تنتهى نهاية مشابهة لقصة نازلى كذلك.كيرة والجن

عبد القادر الجن

شخصية عبدالقادر الجن فى الرواية كان التركيز يكمن على تطورها وتحولها مع الوقت استعداداً لعمليته الأولى والتى قد تكون الأخيرة كذلك، رحلة نفسية بدأت بعد موت والده وقراره بالانتقام والدخول إلى فرقة المقاومة ففى الرواية نعيش معه ألم الفقد، تطور حب دولت فى قلبه من الإعجاب المعتاد للحب الصادق، تركه للمخدرات والمُسكرات، التدريب المستمر مع كيرة وتطور العلاقة بينهم بشكل تدريجى جعل نهاية الرواية أكثر ملحمية وتأثيراً على القارئ من نهاية الفيلم كما حول شخصية عبد القادر التى يمكن اعتبارها أفضل شخصية بالرواية إلى مجرد نسخة أخرى من نسخ أحمد عز المعتادة مع القليل من اللحظات الناضجة فنياً.

كيرة والجن

خلفية شحاتة الجن

فى الرواية كان شحاتة الجن هو فتوة منطقته وحارسها الذى يهابه الجميع فلم يستطع أحد حتى نهاية حياته أن يسرق عرشه منه، شحاتة كان محابياً فى شبابه للأجانب مساعداً لهم قاضياً خدماتهم ولكنه مع الوقت لم يعد يطيق وجودهم وسطوتهم عليه وعلى أهل منطقته حتى أصبح حاقداً عليهم منتظراً الفرصة المناسبة للانقضاض دون تفكير على من تستطيع يده أن تناله منهم لتأتى الانتفاضة فى ثورة ١٩ وتكون شرارة لإطلاق عنانه على الجنود الإنجليز ليموت برصاصة غادرة من مسدس الضابط آرثر وينهى حياته كأحد أبطال المقاومة.

فى الفيلم لم تختلف نهايته كثيراً ولكن تم تغيير خلفيته بخلفية عبد الحى كيرة فكان أحد جنود عرابى الناجين الذين ذاقوا مرارة الهزيمة على يد الإنجليز وكانت الثورة هى فرصتهم للسطوع من جديد بعد أفول طويل فى أداء رائع كالعادة من أحمد كمال رغم المشاهد القليلة.كيرة والجن

ما بين الهلباوى و الأهوانى

شخصية الهلباوى كانت للأسف من أسوأ شخصيات الفيلم كتابةً مع أكثر وأهم تحول غير منطقى أثر بشكل مفجع على الأحداث فبخيانة رفاقه الغير مبررة تسقط المجموعة واحداً تلو الآخر ونتجه إلى نهاية مريرة لحكاية المقاومة.

شخصية الهلباوى هى معالجة سينمائية ركيكة لشخصية رائعة بالرواية وهى شخصية “نجيب الأهوانى”، نجيب نقابله لأول مرة بعد القبض على عبد القادر لنعرف أنه قام بمحاولة اغتيال فاشلة لسلطان مصر حسين كامل عام ١٩١٥ بجانب أحمد كيرة وبعد خروج كيرة لعدم كفاية الأدلة حُكم على الأهوانى بالسجن المؤبد مع الأشغال الشاقة دون الاعتراف على زميله منتظراً عودة سعد زغلول للوزارة وحينها سيحصل على منصب يعوضه كل ما فاته وتحمله ولكن بعد عودة زغلول يُصدم الأهوانى بعد خروجه بوظيفة حكومية ذات راتب هزيل ومكانة منخفضة جعلته يسخط على الثورة وكل ما يتعلق بها ليضع يده بيد الإنجليز ويشى بأحمد كيرة مساعداً الإنجليز بصنع كمين له فى تركيا حيث هرب.كيرة والجن - سيد رجب

اقرأ أيضاً: مراجعة فيلم كيرة والجن – ملحمة سينمائية تجسد التاريخ المصري بأفضل صورة ممكنة

سعد زغلول والجانب السياسى

على عكس أحداث الفيلم فعاملت رواية مراد “سعد زغلول” كشخصية درامية لها فصولها وأحاديثها الداخلية وصراعاتها؛ ليست شخصية رئيسية ولكنها كانت مدخل لتقديم نسخة مختلفة من سعد زغلول أكثر حيوية وإنسانية من الصورة التاريخية الجامدة المعتادة بالأذهان على جانب كما كانت مدخل أيضاً لاستعراض بعض المحادثات السياسية من خلف الكواليس ويمكن اعتبار ذلك الجانب كأكثر جوانب الرواية جرأة حيث كان التلاعب بالتاريخ هنا يحدث بمنطقة حساسة لشخصية يعتبرها الكثيرون مقدسة بتاريخ النضال الشعبى الوطنى. كيرة والجن - سعد زغلول

نازلى وقصة حب ملحمية لم تر النور

لم يكن سعد زغلول هو الشخصية التاريخية الوحيدة بالرواية التى لم يُكتب لها تجسيداً سينمائياً ف“الملكة نازلى” كذلك كانت أحد شخصيات الرواية المحورية.

نازلى هى والدة الملك فاروق وابنة عبد الرحيم صبرى باشا محافظ القاهرة والذى أصبح فيما بعد وزيراً للزراعة بعد زواج ابنته من الملك فؤاد ليتلاعب مراد بالتاريخ مرة أخرى بروايته ويجعل من نازلى قصة الحب الأولى والأبرز فى حياة أحمد كيرة؛ قصة حب مليئة باللحظات الدافئة، المضطربة والمحطِمة للقلوب كذلك ويمكن إعتبار شخصية إيميلى مجرد معالجة ركيكة لشخصية نازلى وقصتها مع كيرة.

ورد

ورد كانت إحدى شخصيات الرواية الرئيسية والتى حُذف وجودها لأسباب مفهومة من الفيلم؛ اسمها الحقيقى “فارتوهى” من أصل أرمانى وصلت إلى مصر مع أهلها الذين هربوا إليها من مجازر الأتراك فى قرى الأرمن وحصلت على اسمها “ورد”، فقدت والديها بالإنفلونزا الاسبانية التى اجتاحت مصر وأصبحت مطمع بجمالها الأخاذ للعمل لدى بنبة العايقة قوادة الحى فى مجال الدعارة المقننة حتى تستطيع الهرب بمساعدة من عبد القادر وتصبح “لينا” فتاة الاستعراضات التى يقع أحمد كيرة بحبها تدريجياً بعد الصدفة التى جمعتهما فى كافيه إيجيبسيان.كيرة والجن - رزان جمال

أفراد فريق المقاومة

فى الفيلم أضاف مراد أعضاءً جدد للمقاومة وأغلب هؤلاء الأعضاء للأسف لم يكن لهم دور فعال أو ظهور بارز ولكن تبقى تشكيلة الأعضاء الجدد متميزة بالتنوع على المستوى العمرى، الاجتماعى، الثقافى والدينى فى دلالة على توحد جميع الطوائف بذلك الوقت ضد الإنجليز الذين مثلوا عدواً مشتركاً للجميع وأبرز الأعضاء الجدد بالمعالجة السينمائية كانوا “إبراهيم شوكت” الذى جسده أحمد مالك و“راغب” الذى جسده على قاسم.

افراد فريق مقاومة كيرة والجن

دولت المتمردة

دولت فهمى هى إحدى أكثر الشخصيات التى احتفظت بصفاتها الرئيسية من الرواية إلى الفيلم ولكن الفارق الكبير يكمن فى الحرية الإبداعية لكاتب الرواية بخلق حوارات داخلية للشخصية لوصف تاريخها وصراعاتها النفسية ودوافعها مما جعل أفعال دولت الغير مفهومة بالكامل فى الفيلم تصبح مفهومة وذات ثقل درامى كبير فى الرواية.

من أهم النقاط التى لم يسلط الفيلم الضوء عليها أيضاً على عكس الرواية هو خلفية دولت المتمردة على قوانين الصعيد التى تقيدها كمرأة متحررة راغبة فى التعلم والتعليم والمشاركة فى العمل الثورى وامتداداً لهذا التمرد كانت الرغبة بالحب وتكوين المشاعر لتصبح الشخصية فى صراع مطول مع ذاتها ما بين الوحدة والكتمان أو البوح لعبد القادر بالإعجاب المتبادل وهو ما قدمه الفيلم خلال مشهد واحد فقط وهو مشهد الرقصة والذى لم يكن كافياً أبداً كدافع لإلقاء دولت نفسها فى التهلكة بمحاولة تبرئة عبد القادر فى قسم الشرطة ولكن أداء هند صبرى العبقرى استطاع تمرير الحدث بشكل مستساغ نسبياً رغم خُلو الموقف من المنطق.كيرة والجن - هند صبرى

بالنهاية يبقى فيلم كيرة والجن تجربة جديدة نسبياً ومنعشة للسينما المصرية تفوقت تقنياً ولكنها احتاجت كاتب سيناريو أكثر براعة من أحمد مراد لاقتباس رواية بهذا الحجم ففى بعض الأحيان يحتاج العمل لعين مختلفة وجديدة بالكامل لتحويله من النص الأدبى للسينمائى وهذا ما افتقر له كيرة والجن بالأخص فى نصفه الثانى الملئ بالثغرات التي يصعب تجاهلها.

محمد هشام
كاتب بموقع بيهايند و طالب بكلية الطب جامعة عين شمس من مواليد المنصورة، محب للسينما وكرة القدم.