مقالات رمضان 2019

قراءة في النصف الاول من مسلسل ابو عمر المصري

احمد عز ابو عمر المصري رمضان
  • يحكي مسلسل ابو عمر المصري عن محامي بسيط ينتصر للمبادئ دائماً على حساب المصالح الشخصية مما يوقعه في مشاكل عدة تتسبب إحداها في هروبه خارج مصر بعد شد وجذب مع أحد كبار رجال الأعمال بالدولة ليبدأ رحلة ذات مصير مجهول ..يقع على إثرها في فخ الجماعات الإرهابية . 
  • منذ الوهلة الاولي لمشاهدتك ل مسلسل ابو عمر المصري تجد نفسك أمام عمل دسم ذكي ..مليئ بالجهد ولا عجب فسوابق كاتبته ومخرجه تعطينا مؤشر اننا سنكون أمام عمل يحترم عقلية المشاهد ..هل تدرك تلك اللحظة التى تجد فيها ان العمل الفني هو من يناديك للكتابة عنه هذا ما اختبرته أثناء مشاهدتي للعشر حلقات الاولي من مسلسل ابو عمر المصري ..وسوف نتناول معاً أسباب تفرد هذا العمل في نقاط مفصلة ولنترك التقييم اجمالاً لحين الانتهاء من باقي حلقات العمل .

 احمد عز أبو عمر المصري

  • كتابة العمل :

    -نبدأ بالسيناريو لسبب … إذا قمنا بتقسيم عناصر العمل الفني كما نقسم نجومه إلى بطل أول وبطل ثانوي فبالتأكيد دور البطولة في الثلث الأول من مسلسل ابو عمر المصري سيذهب للسيناريو لأسباب عدة .

– يسير السيناريو منذ البداية بأسلوب سرد يعتمد على حكي بطل العمل للأحداث عن طريق الفلاش باك .. تلك الطريقة جاءت موفقة إلى حد كبير أضفت مزيداً من الترقب والاثارة فالمشاهد وإن كان يعلم ما ستؤول إليه الأحداث إلا أنه يظل يتسأل كيف سيحدث كل ذلك وبأي طريقة .. وقد منحنا السيناريو استكمال تلك الخيوط على مدار الحلقات العشر الأولى بتأني وذكاء كبيرين .

– انتهج السيناريو منذ البداية اسلوب القلم الذي يمشي مع بطله أينما حل وارتحل .. فنجد بطل العمل يقابل الكثير من شخصيات العمل ثم يتركهم السيناريو مُتبعاً أحمد عز.. تلك الطريقة وإن كانت مريحة في كتابتها إلا أنها تضع كاتبها في مأزق كبير ألا وهو كيفية التعريف بالشخصيات في أقل قدر من المشاهد ونستطيع القول أن “مريم نعوم” و” محمد المصرى” نجحا في ما يمكن تسميته بتكثيف بناء الشخصيات فلم نحتاج إلا لمشهد أو اثنين على الاكثر لكل شخصية حتى نعرف كل شئ عنها من خلال حوار ذكي متأني مكثف إلى حد كبير .

-أكثر من تسعين بالمائة من أحداث العمل تدور بتسعينيات القرن الماضي .. ونجد هنا أن الاهتمام لم ينصب فقط على جودة الديكور والازياء ولكنه امتد ليشمل الحوار .. فنجد طريقة حوار وأفكار قديمة يتم تداولها بشكل ممتاز والاهم انك لا تشعر انها َمُقحمة خصوصاً في ما يتعلق بموضوع المغتربين المقيمين ببلجيكا .

 

  • الاداء التمثيلي :

– أحمد عز  : منذ زمن طويل ونحن نشاهد أحمد عز ، يرتدي بدلة.. أحمد عز ، يرتدي عفريتة ..أحمد عز ، أظل أبحث عن الشخصية التي يجسدها عز فلا أجدها .. ولكن يبدو أنه اثناء التحضير للعمل ظل يبحث عن أبو عمر إلى أن التهمته الشخصية .. وتركنا نبحث عن عز مستمتعين راضين دون أمل في إيجاده.
-محمد سلام : واجب على كل من شاهده بأبو عمر المصري ان يدعوا له.. اللهم ابعد عن محمد سلام كل ادوار الهلس ودعه يمتعنا قليلاً بدور جاد واحد على الاقل كل عام …افضل موهبة في جيله . 

محمد سلام ناصر ابو عمر المصري
-تميم عبده : شاهدناه فى عدة اعمال بدور رجل الاعمال او السياسي بحكم طبيعة وجهه الارستقراطية ولكنى لم اري اي تغير على مستوي الاداء او نبرة الصوت فهو رغم اتقانه الا اني لم اره الا فى قالب واحد الى ان شاهدته بأقل من خمس مشاهد في دور المحامي الكبير بأبو عمر المصرى وكان ذلك كافياً لترك نشوة في نفسي لا يتركها كثيرين. 
-عارفة عبد الرسول : خالة فخر الدين بالعمل تلك الموهبة الاسكندرانية التى تفجرت متأخراً… ذروة الاداء التمثيلى بالثلث الاول نراها فى مشهد الحلم الذي يجمعها بأحمد عز … ربنا يطول في عمرك يا ست الناس . 
-أروى جودة: اروي جودة بمصر غير اروي جودة ببلجيكا … قدرة ممتازة على ابراز التغيرات الطفيفة التى طرأت على الشخصية ..دون ان تفلت شخصية “شيرين” منها . 
اروى جودة ابو عمر المصري

رسالة لن يقرأها فتحي عبد الوهاب… لكل فنان كما لكل انسان بشكل عام نقطة فارقة في حياته.. يحدث بها تغيرات علي مستوي المظهر والتفكير واللذان بطبيعتهم قابلان للتغير ..على عكس الكاريزما فهي هبة الله لبعض المختارين في الأرض وانت يا نجم نلت قسطاً هائلا منها وأصبح ظهور أي نجم بجانبك في مشهد مهما كانت قدراته التمثيلية أقرب لمعجزة إلهية … تلك اشياء نشعر بها ولكن تعجز عن وصفها الكلمات يا عزيزي .

 

  • الإخراج والتصوير والديكور :

    -“أحمد خالد موسى ” مخرج موهوب موهوب موهوب…قالها حتى ابتلت لحيته .. قدرة كبيرة على التحكم بكل عناصر العمل .. كادرات مميزة تبرز تفاصيل مضنية … قدرة رهيبة على التحكم في تصوير مشاهد التجمعات .. المخرج البالغ من العمر واحد وثلاثون عاماً امتلك زمام الأمور فيما يتعلق بتوجيه طاقم الممثلين كما سبق وذكرنا بشكل ملفت للنظر . 

– المصور السينمائي الإيطالي “فيتوريو ستورارو” و الذي عمل كمدير تصوير بالفيلم الذي لا يقترب من سحر تصويره أحد (Apocalypse Now – 1979) كان يقول ان السينما كمدرسة لا تعلم خريجيها الفن بقدر ما تعلمهم التكنولوجيا الجديدة وتقنيات التصوير المستخدمة به … لأنه لا احد يستطيع ان يعلمك معنى اللون وفلسسفته او كيف تشعر به … وبتطبيق كلماته علينا كمشاهدين نجد اننا وان كنا غير دارسين لتقنيات التصوير الا اننا نشعر بسحره فالفن السابع بدأ كصورة ولا يصلح الا بالصورة .

 

-ونجد هنا بأبو عمر المصرى ثلاث صور للعمل تم التعبير بهم عن ازمنة واماكن مختلفة كأروع ما يكون  ففى تسعينيات القرن الماضي بمصر نجد صورة مبهجة ساعدت فى ابراز ديكور التسعينيات الذي تم تنفيذه بأحكام مرعب … وما ان يتجول ابطال العمل على احد كبارى القاهرة حتى تجد امامك القاهرة ونيلها وطول ليلها كما وصفها الهضبة تتلألأ بأضأة ساحرة تنقلك للقاهرة القديمة كما لم يحدث معك من قبل.

 

  • مسلسل ابو عمر المصري :

    – متروحش تبيع المية في حارة السقايين … فعلها ابو عمر المصري وقدم مشهد المحكمة بحوار مختلف ملئ بالذكاء … بالتأكيد تتذكر خطبة احمد زكي في المشهد الاشهر بفيلم ” ضد الحكومة ” وصرخة ال باتشينو بفيلمه الشهير ” والعدالة للجميع ” وواثق تماماً من اننا سنتذكر جميعاً مرافعة عز بأبو عمر المصري . 

    – مشاهد احمد عز مع فتحي عبد الوهاب تم كتابتها بقدر كبير من الذكاء والسلطنة ملأها حضور فتحي عبد الوهاب سحراً والق . 

 

تفصيلة بها حرق … فكرة تقديم دعوي القتل بأسم فخر بدلاً من عيسي وما تبعها من سفره للخارج بأسم ابن خالته المتوفى غير مبررة غير مستساغة .. خصوصاً وان القاتل احتفظ بالجثة فلم يكن هناك داعي لتضليله بشئ هو يعلم تمام العلم انه غير حقيقي …. ومازال ابو عمر المصري لم يبُح بكل اسراره بعد .

  

بقلم : احمد خالد

 

Behind The Scene
بيهايند هي كيان سينمائي مصري متخصص فى مجال ترشيحات الأفلام والمسلسلات وتقديم تغطية لكافة الاخبار الفنية في السينما والدراما