استهل الريفيو بمقدمة د. أحمد خالد توفيق ” عن ( إدجار آلان بو )
إلى الأستاذ الخالد ( إدجار آلان بو ) .. الذي رفع قصة الرعب إلى مقام الشعر، ورفع الشعر إلى منزلة الحلم، واستخلص من كآبته وجهامة دنياه ذلك الكون السرمدي المصبوغ باللون الأزرق .. إلى ( إدجار آلان بو ) الذي فهم روعة الفزع .. نهدي هذا الفيلم ..
الفيلم مُستوحى من قصيدة الغراب ل “بو” ومن إخراج “James McTeigue “الذي أخرج فيلم V for Vendetta
قصة الفيلم بدون حرق هو قاتل متسلسل يقوم بجرائمه على نهج أشعار وقصص “بو “
يقوم المفتش ” فيلدس ” والذي قام بدوره الممثل Luke Evans بإستدعاء ” إدجار آلان بو ” لحل الألغاز المتعلقة بالجرائم ومن ثم معرفة الخطوة القادمة للقاتل .
قام بتجسيد دور ” بو ” الممثل الذي يتفوق علي نفسه دائما ” John Cusack “
تيمة تجسيد الروايات وخروجها من حُقبة الخيال لتصبح واقع، يعد من أشهر وأجمل التيمات التي أشتهرت بها روايات الرعب، وتم عمل أفلام كثيرة علي هذا المنوال .
ولكن أن تكون القصة ل ” بو ” فيجب أن نقف لحظة خشوع نبتهل فيها الطمأنينة قبل أن ندخل هذا العالم الكئيب، الذي يدفع فيه كل أبطاله ثمن جنونه، فلم يقتل في قصصه أحد بدافع شهوة القتل ولم يمت أحد لأنه يستحق .
بل لمجرد أن قصصه تعاني من ترف الجنون، وبذخ الرعب، وإسراف في النهايات المشوهه نفسيا، فالدم وتقطيع الأطراف والدفن حيا كالأثر الجانبي الملحق لكل نهاياته .
حينما نعلم أن القصص التي يسير علي دربها القاتل هي قصص “بو ” فيجب أن نعلم عن طبيعة العالم الذي سنعيشه على مدار ساعتين مدة الفيلم، لأننا سنكون في حضرة الأب الروحي للرعب القوطي بكل معانيه .
الضباب الذي يغلف الأرجاء، الغيوم التي لا تنتهي أبدا، والكآبة تعتلي كل شىء، أضف لكل ذاك الرومانسية الشاعرية جدا الخاصة برعب ” بو “، ثم الدم والجثث والكثير من الفزع من أجل الفزع لا يوجد إنتقام، أو ضغينة كمبرر هنا ، فإن ” بو ” يكتب للكآبه والمأساه فقط، يطرح آلامه ومعناته خارجه ليتطهر منها في قصص يختلط فيها الواقع بالخيال .
هذا هو جو الفيلم الذي يليق بأدب ” بو ” والذي لم يخذله المخرج James McTeigue في تجسيد تفاصيله والإبداع فيه .
دور John Cusack ليس بهين، فلم يجسد شخصية بطل عادي، الشخصية هنا طبيعية جدا في حياته يمر بمراحل من الشهرة ثم الفقر، يعاني من الآلام النفسية ويحاول كبتها، لا يظهر جنونه إلا علي الورق .
شخصية كهذه تتحدث بعيونها فقط من فرط ما تحمل، وهذا ما أداه Cusack بمهارة يحسد عليها !
كذلك المفتش ” فيلدس” الذي جمع بين ذكاء وتحليل هولمز بلا أكشن او كومديا ساخرة، وأيضا Alice Eve الذي قامت بدور حبيية ” بو ” ” ايميلي” أدت الدور بنموذجية جدا.
الفيلم يجعلك تدخل في حالة توحد مع ” بو ” بكآبته وسوداويته المفرطة، خصوصا الموسيقي الخلفية للفيلم .
أرشحه لأصحاب المزاج الذي يليق ب ” بو” الذي يجمع بجنون بين الإثارة المفزعة، مع الكآبه السوداوية والرعب الرومانسي الشاعري !
فهنيئا لعشاق “بو ” مثل هذا الفيلم .
بقلم : وسام عبد الوهاب