فى عالم ملئ بمسلسلات السرقات، الإثارة ، الغموض، الخيال و الصراع على العرش أصبحت الأعمال الكوميدية الجيدة عملة نادرة نسبياً مما ساعد مسلسل Ted Lasso على اللمعان وسط المنافسة الشرسة و الإنتاج الدرامى الغزير من المنصات الإلكترونية المختلفة.
قصة مسلسل Ted Lasso:
تدور أحداث المسلسل عن مدرب كرة القدم الأمريكية الواعد تيد لاسو و التى تبدأ الأحداث مع وصوله إلى بريطانيا لتديب فريق ريتشموند بالدورى الإنحليزى لكرة القدم ليصبح محل استعجاب و سخرية من الجميع.
https://www.youtube.com/watch?v=3u7EIiohs6U
مسلسل Ted Lasso هو مسلسل كوميدى صدر موسمه الأول عام 2020 بعشر حلقات لاقى بعدها رواجاً جماهيرياً و نقدياً كبيراً مما دفع منصة Apple TV+ لتجديده لموسمين فصدر الموسم الثانى هذا العام و بانتظار صدور الثالث العام المقبل.
اعتمدت كوميديا المسلسل خاصة بالموسم الأول على جانبين رئيسيين؛ الأول هو دخول مدرب كرة قدم أمريكية لا يفقه أى شئ عن كرة القدم إلى الدورى الأقوى فى العالم و الثانى هو المفارقات بين الثقافتين الإنجليزية و الأمريكية بالإضافة إلى تصميم شخصية تيد الفريد و الملئ بالحيوية و التفاؤل بشكل مبالغ به أغلب الأحيان.
تنوعت الكوميديا فى المسلسل ما بين كوميديا الموقف المعتمدة بشكل كبير على الظروف العامة للحدث و تركيب الشخصيات المميز، والكوميديا اللفظية التى اعتمدت بشكل كبير على تيد نفسه و أسلوبه فى الحديث بالإضافة لمكتبته السينمائية الواسعة من الأفلام و التى يستمر باستعارة التشبيهات منها بشكل موفق للغاية على مدار الموسمين.
نوعية كوميديا المسلسل ليست من النوع الذى يطمح دائماً لجعل المشاهد يضحك و لكن اهتمام المسلسل الرئيسى هو إبقاء الإبتسامة على وجه المشاهدين لأطول فترة ممكنة من الحلقة و هو ما حققه المسلسل بنجاح باهر إلا فى لحظات نادرة برزت فيها دراما الشخصيات بشكل يصعب فيه إبقاء الإبتسامة و يكفى أن تمسح دموعك فيها فقط.
الجانب الدرامى بالمسلسل كان رائع واستطاع تقديم التوازن المطلوب مع الجانب الكوميدى بنجاح استطعنا من خلاله استكشاف الشخصيات و تطورها مع تطور الأحداث.
بالرغم من كون الحدث الرئيسى بالمسلسل هو حدث متعلق بكرة القدم إلا أن المٌشاهد ليس بحاجة لمعرفة أى شئ عن كرة القدم فالمسلسل يدور حول قصص شخصياته لا طريق تيد فى الدورى الإنجليزى ومع ذلك فاللحظات النادرة التى كانت فيها كرة القدم محور الأحداث كانت مميزة و قادرة على سحب جميع المشاعر الممكنة سواء كانت سعيدة أو حزينة.
المسلسل قادر على السير على خط رفيع جداً و حساس بين الجد و الهزل فى أحداثه فبقدر واقعية أحداثه و شخصياته و لكن هناك قدر ملموس من الهزلية و العبث بكل شئ أمامك دون إشعارك بالإنزعاج أو فقدان الإهتمام بالأحداث و هو ما يعد مهمة صعبة للغاية أتساءل إن كان صناع المسلسل قادرين على الإبقاء عليها فى ما هو قادم من المسلسل.
شخصيات المسلسل كثيرة و متنوعة و نجح صناعه فى إعطاء كل منها المساحة للمعان و الظهور بالشكل المناسب الذى يجعل من الصعب للغاية نسيان أى منهم فلدينا شخصيات بالرغم من كونها جانبية إلا أنها غنية للغاية و أبرزها ريبيكا و ما قدمته شخصيتها من تطور، جايمى و تحليل شخصيته المضطربة نتيجة قسوة والده، نايثان و التطور المخيف و المثير للإعجاب لشخصيته فى الموسم الثانى مما جعله أكثر الشخصيات ترقباً و إثارةً للإهتمام بالموسم الثالث.
المسلسل به أيضاً شخصيات أخرى أقل ثراء على المستوى الدرامى لكن تواجدهم على الشاشة و متابعة قصصهم ممتع كما أنهم أصحاب إضافة ملموسة على الكوميديا و كل منهم بطريقته الخاصة وأبرزهم روى، كيلى، هيجنز، كوتش بيرد، دانى روهاس.
نذهب الآن إلى شخصية المسلسل الرئيسية تيد لاسو و تجسيد جيسون سوديكنس الاستثنائى الذى استطاع إخراج هذه الشخصية للنور بهذا الشكل فهى شخصية بقدر تفاؤلها و حبها للجميع إلا أن الجانب الدرامى الخاص به هو الأفضل بالمسلسل و استطاع سوديكنس تجسيده باقتدار فيستطيع التنقل ما بين أقصى درجات الهزل لأقصى درجات التراجيديا فى المشهد الواحد و بشكل متدرج سلس نادراً ما نراه فى شخصية من المفترض أنها كوميدية فى الأساس.
سوديكنس كان يقوم بتجسيد ديالوج داخلى قبل أن ينطلق للديالوج المكتوب و يظهر ذلك جلياً فى مشهد حديثه مع الطبيبة النفسية كما قدم مشهد آخر لا يقل تميزاً معها كذلك عند قراءة جواب الوداع فاعتمد بالكامل على تعابير وجهه دون كلمة واحدة.
الموسيقى و اختيار الأغانى بالمسلسل ممتاز و دائماً ما كان بمحله باستخدامه لعدد ضخم من الأغانى الكلاسيكية و الموسيقى التى تناسبت مع كل مشهد مع الحفاظ على هوية واحدة للتجربة السمعية ككل.
اقرأ أيضاً: مراجعة مسلسل Mare Of Easttown – مواجهة مؤجلة مع الماضى فى خضم جريمة بشعة
مشاكل المسلسل و التى ظهرت فقط بالموسم الثانى قليلة للغاية و تأثيرها على التجربة العامة ضئيل وتمثلت ببساطة فى العلاقة الغريبة بين ريبيكا و سام أوبيسانيا و التى صنعت تعقيداً بالأحداث كان بالإمكان الاستغناء عنه و كذلك تقديم حلقة كاملة من بطولة كوتش بيرد و هو ما يمكن اعتباره اختيار فنى ثورى يستحق الاحترام ولكنه غير موفق للأسف.
