قبل مراجعة مسلسل 1899 يجدر الإشارة إلى بدأت الجماهير في ترقب المسلسل بمجرد أن اعلنت عنه منصة نتفليكس، وذلك لكونه من صناع المسلسل الألماني الأشهر Dark والذي يعد أحد افضل مسلسلات الغموض والخيال العملي، وحقق نجاح كبير لدى عرضه، وهو ما شجع الكثيرين لترقب مسلسل “1899“.
وانتظرت الجماهير عمل يشابه Dark في روعته فهل نجحت الكاتبة الألمانية يانتيه فريزه والمخرج والكاتب الألماني باران بو أودار في تكرار نجاحهم السابق أم لا ؟؟
مراجعة مسلسل 1899
قصة المسلسل:
تدور الأحداث في عام 1899 حيث يستقل مجموعة من المسافرين من جنسيات متنوعة السفينة “كيربيروس” للتوجه إلى أمريكا، ولكن يجد قبطان السفينة رسالة غامضة من سفينة مفقودة اسمها “بروميثيوس”، فيقرر تغيير مساره للذهاب نحوها وما إن يصل لـ “بروميثيوس” حتى يفاجأ إنها خالية تماماً من البشر إلا من طفل واحد فقط، ثم تبدأ سلسلة من الأحداث الغريبة تحدث في سفينة “كيربيروس”، ترتبط بعضها بماضي بعض الاشخاص بالسفينة، فهل سينكشف لغز الأحداث الغامضة وهل ستتمكن “كيربيروس”من الوصول إلى وجهتها أم ستصبح هي الاخرى مفقودة.
السيناريو والحوار:
كون العمل من نفس صناع مسلسل Dark جعل المشاهدين في حالة توقع لغموض شديد في الاحداث، وهو ما حدث بالفعل فمنذ اللحظات الأولى عكف السيناريو على وضع أسئلة دون إجابات يحاول المشاهد اكتشافها مع أبطال العمل.
حمل السيناريو أكثر من جانب وكذلك جانب فلسفي هام حول ماهية الحقيقة ولكن لن نتطرق لذلك الجانب كثيراً تجنبًا لحرق الأحداث.
مع مرور حلقات المسلسل كان السيناريو يتوجه نحو الغموض حول أكثر من جانب، ويمكن القول أن السيناريو كان ذكي في وضع اكثر من جانب للغموض فقد كان بعضها لتشتيت إنتباه المتفرج ومنحه جرعة زائدة من الغموض، فظلت الأمور غامضة طوال 6 حلقات ولم تبدأ الحقائق في الإنكشاف بشكل تدريجي سوى في أخر حلقتين.
ولم يغفل السيناريو الجانب الدرامي أو خلفيات وماضي الشخصيات فقد ظهر اعتنى بذلك الجانب بشكل مميز فرأينا جوانب وعلاقات درامية مميزة بل إن بعضها ناقش امور مثل “سيطرة السلطة، وما يفعله المرء من أجل المال، والتمرد على السلطة” وغيرها من الأمور التي تم توظيفها بنجاح في الاحداث ولم تكن مقحمة، وكانت مناسبة للأجواء القاتمة التي يعيشها العمل بشكل عام.
ورغم ان ذلك الغموض ربما يكون كان سبب في هدوء رتم الأحداث في بعض الاوقات إلا أن السيناريو كان يحاول معالجة ذلك بوضع حدث مشوق بنهاية كل حلقة، وبشكل عام فإن الاعمال من تلك النوعية دائمًا ما يكون رتمها هاديء ليناسب حالة الغموض الموجودة.
كما كان الحوار ثري حمل في كثير من الأوقات ما يدعم الرسالة التي يحاول العمل السير وراءها من خلال جمل حوارية قوية للغاية.
اما بالنسبة لتسلسل النهاية فكان هناك مشكلة وحيدة في الحلقتين الاخيرتين اللتان حملتا كشف العديد من الأمور، فالحقائق التي تم كشفها كانت كثيرة وبالتالي كان من الافضل أن تأخذ وقت أكثر من حلقتين من أجل التمهيد لها وإيضاحها بصورة أفضل خاصة وان العمل يحمل الكثير من الرمزيات والتي لم تنكشف بالكامل بالتأكيد نظراً لرغبة صناع العمل في صناعة موسم ثاني.
ولكن بشكل عام فإن السيناريو كان ناجح في كل التحديات التي خاضها سواء الغموض أو الرمزيات التي وضعها أو رسم الشخصيات ليصنع عمل ممتع.
الاداء التمثيلي:
كما سبق وان ذكرنا فالسيناريو رسم الشخصيات وماضيها بشكل مميز، وأستطاع جميع الممثلين تقديم أداءات تمثيلية جيدة نتيجة لخلفية شخصياتهم المكتوبة بحرفية.
كما أن أداء الممثلين لم يتوجه إلى المبالغات في الانفعالات وكان متنناسب مع الحالة العامة للعمل، كما أن تفاعلهم مع الاحداث الغامضة اتقنوا تمثيله كشخصيات مثقفة وبالتالي فإن الادا التمثيلي كان نقطة قوية في العمل.
الإخراج:
إن الاخراج كان مميز للغاية فكما كان الحال في Dark فقد واصل صناع العمل إبهار المشاهدين بصورة جيدة تتماشى مع الاجواء القاتمة الظلامية للعمل، ونجح كذلك الاخراج في توظيف الموسيقى التصويرية بشكل يمنح الأجواء مزيج من الغموض والتوتر.
كما أن تصميم بعض الاماكن كان مميز للغاية، والانتقال بين السفينة والفلاش باك الخاص بكل شخصية تم على افضل صورة ممكن.
التقييم النهائي:
مسلسل 1899 من الأعمال الجيدة ولكنها تحتاج لمشاهدين ذو ظابع خاص يتحمل الغموض الشديد وهدوء الاحداث في بعض الوقت من أجل التركيز الشديد في الاحداث، ولكن أي مشاهد يمنح ذلك العمل اهتمامه لن يندم على المشاهدة خاصة مع قصة جيدة تحمل بداخلها فلسفة خاصة وأداءات تمثيلية جيدة وإخراج مميز ليستحق تقييم 8\10 ويكون موسمه الثاني منتظراً بشدة.