أثار مسلسل ليه لأ جدلًا واسعًا منذ عرض تتر المسلسل “عافية ذوق” منتصف شهر رمضان لما يحمله من كلمات حادة ورسالة واضحة محورها حقوق المرأة مما جعل المسلسل محل انتظار لدى عدد كبير من المشاهدين ، واستمرت حالة الجدل طوال فترة عرض المسلسل حول طبيعة القصة الغير مألوفة على الدراما المصرية.
– القصة : تدور احداث مسلسل ليه لأ حول فتاة تستعد لعقد قرانها وتبدأ الإجراءات ولكنها تُفاجِئ الجميع وتهرب من زفافها رفضًا للزواج من شريف لتنقلب العائلة عليها ، وتزداد الأمور تعقيدًا عندما تقرر الاستقلال عن عائلتها لاستيفاء شروط احدى المسابقات.
مسلسل ليه لأ .. للحق أصول !
– لا يمكن نكران أن المسلسل جذبني في البداية بسبب تطرقه لفكرة جريئة لم يجرؤ الكثير من صناع الأعمال على مناقشتها بالشكل الذي رأيناه في طريقة الطرح وتبني أفكار بطلات العمل الثائرات على التقاليد .. من البديهي أن يتبنى صناع العمل الفكرة المطروحة ولكن من الواجبة توفير مبررات وطرق منطقية كافية لتلك الثورة ، ولكنني شعرت في عدة مشاهد بفوضى درامية وعدم القدرة على إقناع المشاهد بالأفكار المطروحة .. إثارة الجدل هدف المسلسل منذ اللحظة الأولى ، وارتدى المسلسل عباءة الدفاع عن الحق الضائع كحق المرأة في حرية الاختيار والفكر العائلي الذي يتسم بالعقم وعدم التحضر في بعض الأوقات ، وهي مشكلات تعاني منها بعض الأُسر ، ولكن هل معنى ذلك أن تفعل الفتيات مثلما فعلت عليا؟!أهذا الحل الذي سيُنهي الأزمة؟! .. بالطبع لا فهو – للأسف – عُذر أقبح من ذنب.
– رغم نفي صناع المسلسل تحريضهم للفتيات على ترك بيوت أهلهم أرى أن هذا ليس صحيحًا فالسينما والدراما أداة مؤثرة يمكن استغلالها للتأثير على المشاهد في عرض فكرة معينة وإقناعه بها أو إثارة جدلًا نفسيًا داخله وهو ما حدث في ليه لأ ورأينا ذلك في تباين الآراء والمناقشات على مواقع التواصل الاجتماعي بين من رأوا عليا على حق وآخرين عارضوا الأفكار التي تبناها المسلسل.
ضابط الشرطة في السينما المصرية .. نجوم أبدعوا بتقديم دور ضابط الشرطة
– تكمن نقطة خلافي مع المسلسل في مواساة بعض الشخصيات والوقوف في صفها وقد تكون أخطائها أكثر من باقي الشخصيات التي ظهرت بأسوأ شكل كما أراد صناعه .. عليا التي تركت شريف في الزفاف وتسبّبت له بإحراج أمام الحاضرين فضلًا عن الألم النفسي ، فرح “عايدة الكاشف” الشخصية المنفتحة والجريئة التي تظهر في دور صديقة عليا المقربة التي تفارقها ولكنها في الحقيقة تؤذيها ولنا في حفل رأس السنة والخمور التي أحضرتها أبرز مثال (ده يوم يا عليا كبري دماغك!)
– ومنها إلى شخصية خالد والتي رغم اختلافي معها إلّا أنها شخصية واضحة .. لنلاحظ أن خالد طيلة الوقت خفيف ، لطيف مع رضوى مهما قالت أو فعلت إلّا عندما تذكر اسم عليا .. هذه الشخصية جيدة رغم المحاولات المستميتة لتشويهها ويمكننا رؤيتها في عدة مواقف أبرزها : عصبية خالد عند سماع اسم عليا وإجباره لرضوى على عدم حضورها الزفاف ، ضربه لرضوى في إحدى الحلقات .. في كل تلك المواقف لخالد بعض الحق ولكن تصميم الشخصية فتح باب الهجوم عليها على مصرعيه.
– قدّم صناع العمل عدة نماذج أرى أنها طبيعية إلى حدٍ ما .. لدينا الأم التي تريد الاطمئنان على ابنتها ، الجدة التي تمثل الفكر القديم والحازم ، الأخت التي تفعل ما تريد دون أن يراها أحد ، الخالة التي تقع في حب رجل يصغرها بعشر سنوات.
عسل مسموم!
– اتخذت مريم أبو عوف من السهل الممتنع أسلوبًا لتنفيذ سيناريو مسلسل ليه لأ ، وعندما نتوغّل إلى داخل المسلسل اهتمام كبير بالتفاصيل مصحوبًا باختيار جيد لأماكن التصوير وأخيرًا تصميم هادئ ومتناسق للديكورات وهو ما انعكس على المُشاهِد وساهمَ في دخوله سريعًا في الأجواء.
– بعد مرور ثلاث سنوات على مسلسل واحة الغروب خاضت مريم أبو عوف تجربة جديدة وصعبة ، ولا يمكنني أن أخفي إعجابي بالفلسفة الإخراجية التي تتّبعها أبو عوف في أعمالها عامة وفي ليه لأ بشكلٍ خاص إلّا أنني شعرت بخطورة المسلسل ومدى اجتهاده في تصميم المشاهد بطريقة تؤثر فيمن يتابعه وتجعله يشعر أن ما يراه طبيعيًا وعليه تقبله تمهيدًا لرؤيته على أرض الواقع وتمثل ذلك في المشاهد الرومانسية والمفارقات الكوميدية التي واجهت بطلات المسلسل والمواقف التي واجهت عليا التي أثارت مشاعر التعاطف والحماس لدى الفتيات وتسرّب إلى البعض منهن رغبة في أن يفعلن مثلما فعلت وهو ما يعبر عن مصطلح السم في العسل.
– ظهور جيد لأغلب أبطال العمل وأخص بحديثي هالة صدقي التي كانت مفاجأة المسلسل وأدت دور الأم الخائفة على ابنتها ولا تقبل إلا بالطاعة المطلقة بحرفية لم أتوقعها ، أمينة خليل جيدة على مستوى التجسيد وظهرت تلقائية طوال المسلسل ، تميم عبده صاحب الأداء الخفيف والكوميديا الراقية ، رغم صغر مساحة دور هاني عادل إلّا أنه أدّى أحد أقوى مشاهد المسلسل وهو مشهد المواجهة.
مسلسل ليه لأ تجربة جديدة بعيدة كل البعُد عن تقاليد مجتمعنا الشرقي مما يؤكد أهمية انتقاء الموضوعات التي تليق بثقافتنا بعيدًا عن التأثر الأعمى بالأفكار الغربية .. تقييمي للمسلسل 6/10 وأوّد التنويه أن ما عرضته ما هو إلّا وجهة نظر شخصية.