بعد غياب يوسف الشريف عن الموسم الرمضانى الماضى يعود إلينا مرة أخرى هذا العام مع عمل فنى تحت تصنيف الخيال العلمى، تصنيف جديد على السينما و الدراما المصرية بشكل عام حيث يعتبر مسلسل النهاية هو أول عمل درامى تحت هذا التصنيف فهل استطاع تقديم مؤثرات بصرية تليق بالتجربة؟ و هل قدم قصة تليق بحجم المشروع؟
القصة :
تدور أحداث المسلسل فى المستقبل فى عام 2120 حيث وقع العالم ضحية حرب أسفرت عن وقوع العالم تحت سيطرة مجموعة من الشركات الكبرى الحاكمة ؛ فى هذا العالم المشوه يُخلق روبوت بإمكانيات استثنائية و يصبح خطر و تهديد على البشرية أما على الجانب الآخر فتوجد منطقة الواحة المليئة بالأسرار و التى نتعرف على أسرارها بالتدريج .
السيناريو :
سيناريو المسلسل الذي كتبه عمرو سمير عاطف بدأ بداية مبشرة للغاية من خلال تصميم مميز للعالم فى المستقبل بقوانينه و سياساته و عملته الجديدة و كذلك تقديم هذا العالم فى الحلقات الأولى بشكل سلس للغاية بالتزامن مع التقديم الجيد للشخصيات .
امتداداً للبداية الجيدة جداً و الدسمة استمر المسلسل على مدار العشر حلقات الأولى على نسق جيد جداً على مستوى قوة أحداث كل حلقة و رتم متسارع فى الأحداث مما استطاع جذب شريحة كبيرة من المشاهدين إليه.
لم يستمر هذا التميز طويلاً للأسف و انقلبت الأمور تدريجياً إلى الأسوأ من الحلقة 11 و إلى الحلقة 21 لنشاهد فيهم كم كبير من الملل و الأحداث الغير الهامة و التى لا تفضى إلى شئ فى خط الواحة ، نرى أحداث بعيدة عن المنطقية و تصرفات غريبة و غير مبررة من أغلب الشخصيات و أبرزهم عزيز و الروبوت زين.
استعاد المسلسل رتمه و قدم أفضل حلقاته فى الحلقتين 22 و 23 ليقدم الكثير من الإجابات و كثير من التساؤلات و يغير من شكل و فكرة المسلسل بشكل جذرى و لكن مع نهاية تلك النشوة حلت الكوارث الواحدة تلو الأخرى.
كوارث تمثلت فى انهيار تام للحبكة ككل و بطء شديد للأحداث بالرغم من اتجاهنا إلى نهاية المسلسل و تقديم شخصيات هامشية جديدة فقط لملء بعض الفراغات لا أكثر إلى أن جاءت الحلقة الأخيرة و التى أعتبرها واحدة من أسوء الحلقات الأخيرة التى رأيتها مؤخراً فى أى مسلسل رمضانى على الإطلاق ؛ حلقة جعلت من كل شئ حدث فى القدس بلا معنى أو غرض فى القصة ، نهاية استخدمت تكنولوجيا جديدة لم يتم تقديمها فى المسلسل من الأساس مع تحول غريب لمركز و أهمية أحد الشخصيات بدون تقديم أو مبرر واضح .
لا شك أن أزمة الكورونا و أزمة الوقت والميزانية قد أثرت بشكل كبير على النسخة الأخيرة التى ظهرت لنا من المسلسل و أن المخطط له كان أفضل من ذلك و لكن تبقى تلك النسخة التى شاهدناها نسخة كارثية مليئة بالعبث و المشاكل الفجة فى السيناريو و التى لا يمكن إغفالها أو التغاضى عنها .
الأداء التمثيلى و الشخصيات:
بالرغم من تعدد الشخصيات فى المسلسل إلا أنها عانت بشدة من السطحية و الضعف على مستوى التصميم مع انعدام شبه كامل لحدوث أى تطور للشخصيات مع تطور الأحداث مما أدى الى انفصال المشاهد عن الشخصيات و عدم ارتباطه أو قلقه على أى منهم ما عدا شخصية سعادة الأقرب لقلبى فى المسلسل.
جميع الأداءات التمثيلية تراوحت من الجيد إلى الضعيف و أفضلهم محمود الليثى فى دور سعادة.
يوسف الشريف لم يقدم أى شئ يذكر ، الأداء العادى منعدم التعبيرات مع ابتسامة أو نظرة غضب على الأكثر دون دخوله فى أى تحديات تجسيدية و بالتالى كل ما يمكن وصف أداؤه به هو انه عادى!
عمرو عبد الجليل بالرغم من كونه لديه الإمكانيات لتقديم ما هو أفضل بكثير و لكن يبقى أداؤه جيد و استطاع تشكيل ثنائى خفيف الدم مع الليثى و تصميم العلاقة بينهما هو الأفضل و الأكثر صدقاً فى المسلسل ككل … أداء سهر الصايغ كان غير موفق بضحكتها المزعجة و أداءها المبالغ به و لكن يحسب لها اجتهادها و كثير من اخفاقها يعود مباشرة إلى توجيهات المخرج … أحمد وفيق فى شخصية مؤنس قدم أداء جيد تطور مع تطور أحداث المسلسل و وصل إلى أفضل حالاته مع تسلسل النهاية .
يذكر للمسلسل تألق ضيوف الشرف خاصة سوسن بدر فى دور شيرا أو إياد نصار فى دور صديق ، أداء رائع من كل منهما يستحق الإشادة بالرغم من وقتهم القصير جداً على الشاشة.
الموسيقى التصويرية :
واحدة من المميزات القليلة فى المسلسل هى موسيقى هشام خرما الأصلية و المتنوعة بين الإثارة و الدراما و يحسب له أنه صاحب أفضل تتر موسيقى هذا الموسم الرمضانى.
الإخراج :
قدم المخرج ياسر سامى تجربة إخراجية جيدة جداً و لكن تتخللها العيوب المشاكل هنا و هناك .
أهم الإيجابيات و أبرزها هو عنصر المؤثرات البصرية الذى تم تقديمه بشكل مميز فاق توقعاتى الشخصية فاستطاع تقديم تصور جيد جدا للأماكن و الدمار و كذلك الدرونز ليثبت المسلسل وجود إمكانيات مصرية قادرة على تقديم هذا المستوى من المؤثرات البصرية ليفتح باباً لهذه النوعية من الأعمال فى المستقبل .
يحسب لياسر سامى أيضاً إدارته للطاقم التمثيلى كاملاً ليصبح أداءهم متماشى مع المؤثرات بشكل سلس خاصة مع كون هذه التجربة هى الأولى من نوعها بالنسبة لهم .
تصميم الأماكن و اختيارها و تصميم الديكورات كان أكثر من رائع و تقديم التباين بين القدس و الواحة كان مميز .
تصميم الأزياء من قبل إنجى علاء كان ممتاز و التناغم بين ألوان الأزياء و الأماكن كان مريح للعين.
مشاهد الأكشن كانت جيدة جداً أيضاً خاصة فى النصف الأول من المسلسل سواء على مستوى التصميم أو التنفيذ و لكن مستوى الأكشن انخفض عند ظهوره فى الحلقات الأخيرة.
ننتقل من الإيجابيات إلى السلبية الأكبر و الأكثر وضوحاً و هو فشل ياسر سامى فى استخراج ما لدى ممثليه من قدرات مما جعل مستوى الأداء التمثيلى منخفض و أقرب للبرود لدى أغلب الشخصيات للأسف.
الكثير من السقطات الإخراجية و القرارات الخاطئة فى المونتاج فى بعض المشاهد جعلت القصة غير منطقية على الإطلاق و دفعت المشاهد إلى تساؤلات لم يتم الإجابة عنها بالمسلسل.
الخلاصة :
المسلسل هو تجربة غير موفقة و بكل أسف و ربما لو لم تكن أزمة الكورونا موجودة لأصبحت الأمور أفضل و لو قليلاً و لكن ذلك لايغير من حقيقة أن المسلسل كان أقل من المتوسط خاصة مع توفر فكرة جيدة و عدم إستغلالها بهذا الشكل .
تقييم المسلسل هو 5/10 .