مسلسل الصندوق هو واحد من المسلسلات التي بدأت مع النصف الثاني من السباق الرمضاني، وهو من الأعمال التي تندرج تحت تصنيف الغموض والإثارة وهي نوعية غابت عن الموسم الحالي.
ويمثل تصنيف الغموض تحدي خاص لصانعيه خاصة وأن أي خطأ بسيط قد يهدم المسلسل ككل، فهل تمكن الصندوق من تفادي ذلك وتقديم عمل مميز؟؟
مراجعة مسلسل الصندوق:
تبدأ أحداث المسلسل حينما يجتمع يوسف ونور وياسين في عيد ميلاد صديقتهم ريم التي تتلقى صندوق غامض يحتوي على لغز، ويقرر يوسف ونور وياسين البحث وراء ذلك اللغز حينما تتمكن نور من فك أحد ألغازه لتجد أن حياة شخص معرض للقتل تتعلق بألغاز الصندوق، ومع محاولتهم فك اللغز يتلقون صندوق أخر ليبدأ اللغز في التعقيد بصورة أكبر ويجدوا أكثر من ضحية اختفت في ظروف غامضة، ليواصلوا بحثهم عن القاتل.
السيناريو والحوار:
الأعمال من تلك النوعية تكون صعبة نظراً لأن العمل يحتاج لجذب انتباه المشاهد طوال الوقت لأنه يشارك أبطال العمل في بحثهم واستنتاجاتهم، وفي نفس الوقت يحتاج السيناريو لمنح المشاهدين مفاجأت مع فرص للاستنتاجات حتى لا ينفر المشاهدين من الغموض الشديد.
وقد تمكن مصطفى صقر ومحمود رمضان من صياغة السيناريو بشكل جذاب في البداية، فقام بإيضاح الشخصيات وجمعهم مع لغز الصندوق بشكل ممتع، كما أنه اعتمد على وجود جانب درامي لكل شخصية من الابطال الثلاثة يوسف وياسين ونور، بل تمكن السيناريو من وضع بعض الغموض حول شخصية يوسف في البداية وقد كان ذلك الغموض فعال في جذب الانتباهاكثر نحو معرفة سر الشخصية بجانب اللغز الرئيسي.
الجانب الدرامي للشخصيات الرئيسية تم التركيز عليه بشكل كبير في كثير من الأوقات وأخذ وقت أكبر من الوقت المتاح لغموض اللغز الرئيسي، ولكن تم توظيف ذلك الجانب الدرامي ليمنح المشاهد إجابة لسؤال متعلق بأسباب رغبة ثلاثي ابطال العمل على حل لغز الصندوق وبالتالي كان ذلك موفق.
كما أن كل صندوق يتم ارساله كان يتربط بقصة درامية تكون مؤثرة، وكانت معظم القصص مؤثرة وقوية كما أن الجانب الدرامي بها كان متوافق مع الغموض العام للمسلسل.
مراجعة مسلسل رشيد .. الأداءات التمثيلية في أفضل حالاتها
ورغم هدوء الرتم في الكثير من الأوقات إلا أن السيناريو كان يعكف على وضع لغز أو حدث لتحسين الأجواء ، أو حتى تحسينها على الجانب الدرامي والتي كان افضلها علاقة ياسين بوالدته التي منحت الأحداث انتعاشة محببة.
وعلى مستوى اللغز الرئيسي فإن كشف اسراره وصولاً إلى تسلسل النهاية كان جيد للغاية بل وأفضل ما فيه هو إن جانب الشر لم يكن شراً مجرداً بل إن القاتل الباحثين عنه يملك وجهة نظر وفكرة تدعو للمناقشة والاختلاف حول مدى صحتها، وذلك الأمر منح جانب الشر عمق واضح.
السيناريو لم يفشل في جبكة الغموض ولا في خلق التعاطف في كل المواقف الدرامية التي سارت جنبًا إلى جنب مع اللغز الرئيسي للعمل، واستطاع خلق سيناريو مشوق يدعو للإهتمام.
الأداء التمثيلي:
مازال علي قاسم يثبت إنه من أصحاب المواهب والقدرات التمثيلية المميزة، فقدم دور استطاع الموازنة فيه بين الجانب الدرامي والجانب الخاص برغبته في البحث وراء الحقيقة.
فيما كانت هدى المفتي تقدم أحدا أداءاتها المميزة فشخصيتها شهدت تحولات خلال الأحداث من شخصية جامدة لا تهتم بأحد إلى شخصية اخرى تحاول إصلاح علاقتها بمن حولها وتتعاطف مع اصدقائها وتمكنت من إظهار ذلك التباين بشكل جيد.
وأستطاع أحمد داش تقديم أداء جيد به صبغة كوميدية أهم ما يميزها إنها كوميدية طبيعية تلقائية، فهو كأي شخص عادي قد يجد نفسه مضطر لإلقاء تعليق ساخر او مزحة بشكل تلقائي وهو يقوم بذلك الامر بصورة جيدة، وقد استطاع تقديم مشاهد رائعة مع سماح أنور التي قدمت أداء درامي مؤثر للغاية.
ظهر الفنان القدير محمد التاجي بشخصية منكسرة استطاع ان يجعلها مؤثرة وكانت مشاهده مع علي قاسم مؤثرة خاصة مشهد المواجهة بينهم.
وحظى العمل بالعديد من ضيوف الشرف، وجميعهم قدموا أداءات رائعة مثل ريهام عبد الغفور، خالد كمال، تارا عماد، محمد حاتم، رشدي الشامي، بيومي فؤاد، احمد خالد صالح، وأخيراً حمزة العيلي الذي كان أكثر ضيوف الشرف صاحب تحديات تجسيدية قدمها على أروع ما يكون.
الإخراج:
رغم أن العمل هو أول تجربة إخراجية للمخرج مروان عبد المنعم إلا إنه كان مدرك للغاية لقواعد صناعة العمل الذي ينتمي لتصنيف الغموض، فاختيار الكادرات كان يخدم الأجواء الغامضة التي تحيط بالعمل.
كما أن الإخراج تعامل مع المواقف الدرامية بشكل جيد، فأستطاع خلق حالة مختلفة للجوانب الدرامية مختلفة عن جوانب الغموض.
وأستطاع الإخراج كذلك ان يتعامل مع الجمهور بإشراكهم في ملاحظة محتويات الصندوق ومشاركة الابطال في فك اللغز بشكل جيد.
كما يجب أن نشير إلى جودة الموسيقى التصويرية للموسيقار خالد الكمار الذي خلق موسيقى صالحة للأجواء الدرامية وكذلك موسيقى ملائمة لأجواء الغموض، وتمكنت الموسيقى من ربط المشاهد بشكل أكبر مع العمل خاصة مع توظيفها مع المشاهد المختلفة بأفضل صورة.
التقييم النهائي:
مسلسل الصندوق يستحق تقييم 8\10 لنجاحه في التحديات التي خاضها وتقديم عمل تحت تصنيف الغموض تم صناعته بإعتناء واضح، وهو من الأعمال التي تستحق المشاهدة.