” إنَّ أيَّ إنسانٍ يمكنُ أن يكونَ وغدًا، ولا شك أنّنا جميعًا أوغادٌ بدرجاتٍ متفاوتة “.
– الإخوة كارامازوف، ديستوفيسكي
غريزة البقاء ما بين الأنانية والغيرية
تبدأ الحكاية بصراع من أجل شهوة المال سرعان ما تنتهي بالقتل، قتل الأب ويبدأ صراع أخر ما بين الأنا والغير للشهوة ذاتها وتكون خطيئة أدم في الجنة هي نفس خطيئة أولاده في الدنيا وهي الوساوس، كانت في البداية هي الأخت الكبرى (رانيا يوسف) وبعدها تدابير أوسه (سوسن بدر) . يهرب الست إخوة لبلاد مختلفة ولكنه يلاحقهم.. يضع لهم الحفر والعقبات ويعرقلهم حتى يعودوا ويكملوا السبع خطايا.. وصايا مكتوبة لتذبذب أرواحهم، يتركون أنفسهم للوهم حتى يقضي كل منهم ذنبه بالكامل ثم كما بدأ كل شيء فجأة ينتهي فجأة.. مثلما بدأ المسلسل بقتل من أجل المال ينتهي بسببه وينتهي صراع الإنسان بسبب حماقاته في نفس النقطة..
القتل غاية لا وسيلة والمعصية اختيار
يختلف الفلاسفة ما بين الإنسان مخير أم مسير، فيناقش المسلسل نفس القضية مع السبع أبناء ووصاياهم وهل كانوا مجبرين على تنفيذها أم أنهم إختاروا. كان الإنسان من البداية مخلوق بكتاب أم أنها أسبقية العلم الإلهي ليس إلا. الأبناء يعانوا بسبب الفقر والاحتياج أم أنها سبل عدة وهم اختاروا الجشع والسرقات والزنا والقتل وغيرهم.. قضية الإنسان على الأرض منذ خطيئة التفاحة وقتل الأخ لأخيه.. هي نتايج أم وسايل؟.. هي طرق أم أنها غاية الإنسان منذ البداية هي الاعتراض وكما قال الشاعر أمل دنقل: المجد للشيطان معبود الرياح، الذي قال لا في وجه من قالوا نعم.
الحلقة الأولى من مسلسل السبع وصايا هي قصة قصيرة مستقلة وأحداث المسلسل مسرحية درجة أولى:
تبدأ الحلقة بعرض لصالة الشقة وتركيز الكاميرا على فرد تلو الأخر وهم يخططوا لبداية الخطايا، يفكروا في تفاحة أدم التي يرثوا الجنة منه بعدها وبعد تفكير وتردد قصير جداً ينتهي ويُحسم الأمر ويقضموا التفاحة.
تصوير الكادرات مع تركيز الكاميرات على كل شخصية كلها أجواء مسرحية درجة أولى.. الإضاءة مع الموسيقى التصويرية لهشام نزيه صنعوا مناخ دعم للمسلسل بشكل قوي والأغاني الصوفية كانت إضافة عبقرية وفريدة.
الإخوة كارامازوف وخلق الشيطان داخل كل شخصية
كانت الخطايا مفاتيحها قوية، لم ينام كل منهم واستيقظ وهو قد قرر الخطيئة بالعكس، كل منهم كانت له سقطاته ومشاكله التي كانت مفتاح قوي لأي خطيئة مادامت هناك نية وهناك طمع. كل منهم قرر من البداية أن يستجيب وصوت الخطيئة كان موجود طول الوقت بالرغم من إنكاراهم الشديد له. كل شخصية خسرت أغلى ما تملك في سبيل الجنة. حتى لطخوا أرواحهم فأصبح الجحيم ذاته.. كلهم أوغاد.
لعب السيناريو لمحمد أمين راضي مع ترابط الأحداث وتجددها دور قوي، م سلسل السبع وصايا لم يكن به مشهد بلا قيمة، كل مشهد أضاف للحبكة والأحداث بلا ملل، وفي نهاية عرض الأحداث المسرحي، يجد المُشاهد نفسه أمام مسرحية داخل مسرحية.. ومثلما كانت الحلقة الأولى حلقة وقصة مستقلة.. تنتهي الحلقة الأخيرة بعرض مفاجئ لمسرحية أكبر وأبعد عن عين المشاهد ويرى عرض آخر مستقل عن كل ما سبق، وكل هذا نقطة تحسب للمخرج خالد مرعي.