مسلسلات

مراجعة مسلسل الحرامي .. القصة الحقيقية والعديد الفرص المهدرة

مراجعة مسلسل الحرامي

دائمًا ما تقوم الأعمال المبنية على قصص حقيقية بجذب المشاهدين بشكل كبير ، وهو ما جعل العديدين ينتظرون متابعة مسلسل الحرامي المبني على أحداث حقيقية.

قصة مسلسل الحرامي وقعت في دمشق عام 2002 حول شاب هارب من أحد دور الأيتام ، وحصل على وظيفة في أحد الأماكن الراقية بدمشق ويدفعه الفضول للدخول إلى حديقة منزل ثم الدخول إلى المطبخ ليجد عائلة من أب وأم وثلاثة بنات وطعام وفير فيختبيء في صندرة المنزل لمدة 40 يوم حتى تكتشف الأبنة الصغرى وجوده بالصدفة.

مراجعة مسلسل الحرامي

 وسارت قصة مسلسل الحرامي في إطار قريب حيث دارت أحداثه حول كمال الذي يحاول سرقة أحد الشقق الراقية ليفاجأ بعودة الأسرة للمنزل ، ويجد نفسه محاصر في المنزل لا يستطيع الخروج.

السيناريو والحوار :

يحسب لسيناريو مسلسل الحرامي إنه تمكن من اقتباس القصة الحقيقية ووضع العديد من التفاصيل المعاصرة لتصبح وكأنها تع في الوقت الحالي ، مثل تفاصيل انتشار فيروس كورونا والهوس بموقع “تيك توك” ، والابتزاز على الإنترنت.

كما أن الحوار كان تلقائي بسيط كاي حوار يدور في أسرة مصرية وهو ما كان أحد نقاط التميز في المسلسل ، وكذلك نهاية المسلسل التي كانت واقعية وليست حالمة ، كما إناه في نفس الوقت نهاية تنال رضا المتابعين.

ولكن نقاط التميز لم تكن كثيرة في السيناريو عانى من العديد من المشاكل ، في مقدمتها هو عدم معرفتنا بخلفية وتاريخ الشخصيات بشكل مكثف ، فشخصية كمال لم نعرف عنها سوى إنه يتيم وهو شخص لا يعشق السرقة ولكنه في بعض الأحيان يكون مجبر ، وكذلك الحال بالنسبة لباقي الشخصيات فمعرفتنا بتاريخ الشخصيات لم تكن وافرة.

رنا رئيس مسلسل حرامي

وأهدر السيناريو العديد من الفرص لخلق خطوط درامية مساندة بجانب الخط الرئيسي الخاص برغبة كمال في الهرب ، فهناك خط العلاقة بين الأم والأب ، وعلاقة الأبناء بآبائهم ، وكذلك الخط الرومانسي في المسلسل ، وحتى الخط الخاص بجريمة الابتزاز ، جميعهم لم يتم التعامل معهم بشكل جيد وربما يعود ذلك إلى قصر مدة الحلقة وقلة عدد الحلقات ليضطر السيناريو إلى عدم الخوض في العديد من الخطوط الدرامية والاكتفاء بالمرور عليهم بشكل سريع.

كما أن بعض التصرفات من شخصيات المسلسل لم تكن منطقية ، ففي أحد المرات تسنى الفرصة لكمال للخروج من المنزل ولكنه أهدر تلك الفرصة دون وضوح السبب الحقيقي على الرغم من إنه كان أنهى أحد المواقف كان هو ما جعله يعود للمنزل ، ولكنه تمكن من إنهاء الموقف بصورة جيدة فلم نفهم لماذا استمر في المنزل بعد ذلك.

لم يخلق السيناريو العالم المميز للقصة والخاص بكمال وكيفية حياته في المنزل بشكل خفي ، وتلك أحد الفرص المهدرة التي كانت ستمنح المسلسل عنصر التشويق أكبر.

الأداء التمثيلي :

برهن بيومي فؤاد على قدرته على خوض تحديات بعيدة عن الكوميديا وهو ما كان يتمناه الكثيرين منذ فترة طويلة نظراً لإمكانياته المميزة ، وقد ساعده الدور على تقديم أكثر من وجه لشخصية الأب ، ما بين القسوة والحنان وأحياناً لحظات كوميدية ، ومساحة الدور منحته حرية في التحرك في فلك الأداء دون تقيد بالجانب الكوميدي ، ليتجلى قمة مستواه في مشاهد الحلقة الأخيرة والتي تمكن بأقل جهد من إيصال حجم الألم الذي يشعر به الأب حين يجد أحد أبنائه بصورة سيئة ، ليستحق بيومي فؤاد لقب الأداء الأفضل في المسلسل

بيومي فؤاد مسلسل الحرامي

رانيا يوسف قدمت دور جيد للأم وإن كان دور عادي خالي من التحديات بشكل كبير ، لم تظهر جودته إلا في لحظات قليلة للغاية.

أحمد داش موهبة تمثيلية مميزة ولكن في مسلسل الحرامي قدم أداء عادي وأقل مما أعتاد عليه الجمهور من احمد داش ، على الرغم من أن شخصية كمال تحتوي على العديد من الصراعات نظراً لكونه لص ولكن رؤيته لحياة الأسرة خلقت بداخله حنين للأسرة ، إلا أنه لم يتمكن من إظهار تلك الصراعات بداخله على الرغم من دخول الخط الرومانسي مع سالي والذي كان سيزيد من حدة الصراع بداخله ليهدر فرصة لتقديم ما هو أفضل.

احمد داش مسلسل الحرامي

كارولين عزمي كان حضورها باهت ولم يكن على المستوى وذلك يرجع بشكل أكبر لمساحة الدور ، بينما على العكس قدمت رنا رئيس أداء منعش خلق  تعاطف مع شخصيتها وكونت ثنائي جيد مع أحمد داش جعل مشاهدهم محببة للمشاهدين.

الإخراج :

يمكن القول أن المخرج محمد سلامة مازال يبرهن إنه مخرج جيد ، فقد جاء الإخراج جيد للغاية بكادرات مميزة ، على الرغم من إنه كان في تحدي صعب لأن معظم مشاهد مسلسل الحرامي تدور في منزل الأسرة ، ولكنه تمكن من خلق صورة جيدة لم تجعل المشاهد بشعر إنه محبوس في مكان واحد فقط ، وتلك من نقاط قوة الإخراج فالأعمال التي تدور في مكان واحد تكون تحدي للمخرج من أجل إبعاد الملل عن المشاهد نتيجة رؤيته لمكان واحد ، ولكن سلامة نجح في منح المشاهد صور جيدة.

فيما كان الإخراج يحتاج فقط إلى تصوير مشاهد أكثر حول كيفية حركة كمال في المنزل دون أن يلاحظه أحد ، لخلق حالة أكبر من الواقعية ، خاصة وأن قلة عدد تلك المشاهد جعل البعض يتعجب كيف لم يتمكن أحد من رؤية كمال ، وكان المهرب من ذلك الأمر هو تصوير مشاهد أكثر عن حركة كمال في المنزل والتي ظهرت في البداية فقط ، ولكن ربما كان قصر مدة الحلقة أثر أيضأ على تلك النقطة.

تقييم مسلسل الحرامي

مسلسل الحرامي عمل جيد ومختلف وكان أمامه فرصة ليكون أكثر تميزاً ولكنه أهدر العديد من الفرص التي كان من الممكن أن تمنحه درجة أكبر من التفوق سواء على مستوى التشويق أو الدراما ، ولكنه في نفس الوقت حمل العديد من المشاكل المعاصرة ليقترب من ارض الواقع ، ليستحق في النهاية تقييم 6.5\10

عادل ابو الفضل
كاتب وسيناريست ، اعمل في الوقت الحالي Content creator بدأت في مجال الكتابة بمسلسلات إذاعية ، وأذيع مسلسل 95 شارع الشهرة على راديو 95 FM ، توليت تدريب الطلاب في أحد الجامعات على الإعداد والتقديم الإذاعي ، وفي 2019 صدرت لي الرواية الأولى بعنوان "تريلو" ، كما إني أحد المشاركين في إنشاء Media production company تحت مسمى Bibars Films والمعنية بإصدار الأفلام القصيرة و الإعلانات ، والتي انتجت مسلسل قصير من تأليفي تحت اسم "واحد شبحوا" على اليوتيوب بالإضافة لكتابة العديد من المقالات السينمائية ، وكتابة العديد من البرامج على منصة اليوتيوب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *