انتهيت اخيراً من مراجعة ما وراء الطبيعة الذي كنت انتظر مشاهدته بفارغ الصبر من اجل مشاهدة سلسلة الروايات التي صنعها استاذنا الراحل “د.أحمد خالد توفيق” على شاشات التلفزيون وقد كنت قلقاً كثيراً سواء من صياغة القصص او من التجسيد الذي سوف يقوم به الفنان “أحمد أمين” فجميع قراء سلسلة الروايات تشكلت في عقولهم شخصية “رفعت اسماعيل” بشكل ما بناء على أفعاله وشخصيته والأوصاف التي سردها لنا “د.أحمد خالد توفيق” ورسمها لنا “اسماعيل دياب” فهل سنشاهدها في العمل الفني الذي قدمته لنا نتفليكس ؟؟
مراجعة ما وراء الطبيعة
■ احداث جيدة افتقد بعضها الحبكة :
– برغم من السيناريو الجيد لـ مسلسل ما وراء الطبيعة والمقتبس بعضه من الروايات الاصلية الا ان الحبكة لم تكن بالجودة المنتظرة فبعض الأحداث حملت طابع الصدفة أو الاستسهال دون مبرر منطقي.
** تحتوى السطور القادمة على حرق لبعض الاحداث **
– دخول “رفعت إسماعيل” و “ماجي” الي منطقة اثرية دون وجود اي من افراد الامن المسئولين عن حماية المنطقة ولا حتى محاولة التخفي اثناء الدخول إليها !
– اختيار “رفعت اسماعيل” لتشريح جثة الفرعون دون مبرر منطقي خلال الأحداث السابقة للحلقة الثانية.
– تواجد “ماجي” في كل المغامرات بشكل “حشر” حيث انها يجب ان تذهب معه لا نعلم لماذا !
– تصوير مشهد قتل الفتاة في حلقة “النداهة” كان غريباً حتى في أداء الشخصيات فأنت تشعر اثناء مشاهدة الحلقة ان ابيها يسعى لقتلها لا للثأر بسبب الشرف ! (لاحظوا ريأكشن الأب أثناء ذبحها)
– موت شخصية “رضا” كان غريباً جداً وغير مبرر فمعظم من شاهد المسلسل لم يفهم ماذا حدث ولماذا !
بالإضافة إلى العديد من المشاهد التي يمكن ان تصنيفها كمشاهد عابرة ولكنها تؤثر على جودة العمل الفني.
■ الموسيقى الصديق الذي ساند “رفعت” :
– الموسيقى هي عنصر القوة الأكثر جذباً في المسلسل فلولاها لافتقدنا الكثير من الشعور بالأحداث وتفاصيلها ولولاها ايضاً لكان الجانب الدرامي ناقصاً غير مكتمل فقد استطاع ” خالد الكمّار ” ضبط ساعته الموسيقيه للتوافق تماماً مع كل مشهد سواء كان مرعباً او غامضاً او درامياً ..
■ “رفعت اسماعيل” و “احمد امين” :
نأتي للعنصر الأهم ضمن عناصر مسلسل ما وراء الطبيعة وهي شخصية “رفعت اسماعيل” التي أنتظر الملايين رؤيتها بفارغ الصبر والتي جسدها الفنان “أحمد أمين” والذي شخصياً كنت اتوقع وبشده اخفاقة في تقديمها، ولكنه كان مفاجأة للجميع بشكل كبير واستطاع إخراج قدرات تمثيلية رائعة كما انه استطاع بشكل كبير الاقتراب من الشكل الذي وصفه لنا “د.أحمد خالد توفيق” ولكن ..
برغم من كل ذلك الا انه اخفق في بعض التفاصيل الصغيرة ولا الوم عليه في ذلك بل ألوم المخرج “ عمرو سلامة” و “ماجد الأنصاري” فهم لم يوفقوا في ذلك واعتقد دون قصد في بعض التفاصيل الشخصية والتي أثرت بشكل كبير معي كقارئ قديم للسلسلة ولمعظم عشاق شخصية “رفعت اسماعيل” فلم يكن رفعت شخص متعجرف او مؤذي نفسياً لمن حوله بالشكل الذي خرج لنا خلال المواقف المختلفة في المسلسل بالإضافة الي عدم وجود تعبيرات مناسبة للشخصية في بعض المشاهد وأعتقد أن تلك النقطة من الممكن ان يتم معالجتها مستقبلاً في المواسم القادمة وارجو ان تنال قدراً من الاهتمام حينها.
■ فريق عمل متكامل :
قدم فريق العمل ما وراء الطبيعة اداءً تمثيلياً مميزاً فكل من شارك في العمل استطاع اخراج افضل ما لديه سواء كانت المواقف حزينة او مرعبة وهذا نادراً ما يحدث في أي عمل لذا هي نقطة ايجابية كبيرة تحسب لصناع العمل.
■ مؤثرات بصرية غريبة الأطوار :
برغم من محاولة اضافة مؤثرات بصرية جيده ولكنها لم تخرج بالشكل المطلوب بل خرجت بشكل هزلي اقرب لمسلسل ضعيف لا يملك ميزانية كافية للإنتاج.
■ تحف بصرية :
قدم لنا فريق التصوير ايضاً كادرات تصوير ممتازه تحمل تفاصيل حقبة زمنيه معينه و ديكورات ذات الوان معينه بالإضافة إلى جودة استخدام المؤثرات في أماكن التصوير المختلفة سواء في المساحات الخضراء وفي الصحراء وينطبق نفس الأمر على كادرات تصوير الشخصيات نفسها في المواقف المختلفة لذا كانت تستحق الاشاده لاستطاعة الإخراج والتصوير إخراجها لنا بشكل متميز.
تسلسل الأحداث اختلف بشكل كبير عن الروايات ولكنها ظلت تحمل نفس روح الرواية التي ادخلنا فيها العراب رغم اختلاف المواقف ودمج الاساطير المختلفة ولكنها حملت أيضاً بعض الغموض الغير مبرر فقد تركتنا الاحداث نتسأل عن بعض الاشياء التي لم يتم ايضاحها على سبيل المثال “لماذا كانت “شيراز” تساعد “رفعت” بهذا الشكل !!
كعمل فني بعيداً عن العمل الروائي المسلسل من افضل ما تم تقديمه رغم السلبيات فهو قدم لنا وجبة فنية جيدة للغاية تفتقر إليها الشاشات والسينما المصرية حالياً بالاضافة انه لم يشوه الصورة التي رسمها محبي روايات “ما وراء الطبيعة” للشخصيات والأحداث كما يقول البعض ع العكس تماماً لقد اظهر المسلسل أنه من الممكن تقديم ما هو أفضل في المستقبل بالإضافة الي علاج السلبيات التي وجدها البعض في حلقات الموسم الاول وشخصياً اعجبني العمل رغم اي عيوب وجدت به.
ولا ننسى انه أول عمل مصري من إنتاج “نتفليكس” وبالاضافة انه ثاني عمل مقتبس عن روايات الكاتب والدكتور والاستاذ المبدع “احمد خالد توفيق” والذي بدأت كتاباته وروايته في الظهور للشاشة واعتقد انها ستغزو الشاشات خصوصاً بعد اعلان تصوير مسلسل “الغرفة ٢٠٧” المقتبس ايضاً عن رواية العراب التي تحمل نفس الاسم، واتمنى ان نرى أعمال أخرى مقتبسة عن كنوز الكاتب والمُبدع د.أحمد خالد توفيق.