مراجعات

مراجعة فيلم Wonder Woman 1984 – هل تفوق على الجزء الأول؟ ام لا

مراجعة فيلم Wonder Woman 1984

لقد استفادت المخرجة Patty Jenkins مخرجة فيلم Wonder Woman 1984 من النجاح المدوي للجزء الأول من حيث الدافع لاستكمال الرحلة علي نفس النسق، وبنهجٍ يحتفظ نسبياً ببضعٍ من ملامح ما سبق وخصوصاً من رمزيات أفلام المخرج “زاك سنايدر” مهندس عالم “دي سي” السينمائي.

“سنايدر” الذي أراد أن يكتشف التعقيدات والمثل المتناقضة التي تشغل وجدان هؤلاء الابطال كان مصدر الهامٍ لـ “جينكينز” كي تستمر علي نفس المنوال وتواصل تسيير رحلة Wonder Woman نحو المثول كبطلة وترسانة أمان للعالم لا أن تكون الهبة الممنوحة لها فطرية بالغة الكمال.

هذا لا يعني أن ” Patty Jenkins لا تمتلك بصماتها الخاصة والقدرة علي ضخ شرايين الحياة بشخصيات أفلامها، بل علي العكس هي تمتلك لغةٍ فريدة من نوعها علي المستوي الأخراجي وقدرة علي فرض التوازن بين عناصر الفيلم وبعضها، وأيضاً بين الرؤية الموحدة والذاتية السردية التي تجعل الفيلم متفرداً بنسبٍ ليست بالقليلة.

مراجعة فيلم Wonder Woman 1984

كل ما سبق تواجد بحيويةٍ بليغة في فيلم Wonder Woman 1984 الذي تعرض لبعض الانتقادات الشديدة علي عكس الجزء الأول لدرجة وصفه بأنه مهزلة سينمائية ومن اسوء ما قدم في التاريخ، ولكن ذلك ليس صحيحاً بالرغم من التقدير الكامل لجميع الآراء، بل علي النقيض هناك مزيجٌ مناسب بين المتعة والدراما والكوميديا، ورسالة سمحة بسيطة ما أجمل أن يعمل بها كي ينصلح حال الجميع وتستمر الحياة بإيقاعاتها الطبيعية.

نرشح لك ايضاً: افضل افلام دراما في 2020

المكان هو “واشنطن دي سي” والزمن زمن الثمانينات حيث الحرب الباردة والنمو السكاني الرهيب وصيحات الموضة الجديدة، نشاهد “ديانا برنس” تعمل في مجال الانتيكات والتماثيل الحضارية برفقة عالمة الأحجار الكريمة “باربرا مينرفا”، في الوقت الذي يسعي فيه رجل الأعمال “ماكسويل لورد” لبناء إمبراطورتيه الخاصة عن طريق اقناع الاخرين بالاستثمار عنده مقابل تحقيق كل أمانيهم.

ولكن تتعقد الأمور حينما يقع في أيدي مسؤولي متحف “سيمثونيان” إحدى القطع الغامضة التي سرعان ما غيرت في حيوات “ديانا” و”باربرا”، يقرر “ماسكويل لورد” استغلال تلك القطعة لصالحه ولأغراضه الخاصة في الوقت الذي يعود فيه “ستيف تريفور” من جديد يعد أن لقي مصرعه في احداث الجزء السابق.

Gal-Gadot-Wonder-Woman-1984-b8f82eb

منذ البداية، يرثي سيناريو فيلم Wonder Woman 1984 للحبكة بطريقة مثالية تجمع بين الحركة والدراما وتمهد لما هو قادم حيث ستتشكل المصاعب أمام “ديانا” سواء أكانت شخصية أو منصوبة أمامها، علي الجانب الاخر يحاول سيناريو “باتي جينكينز، جيف جونز، ودافيد كالاهام” مطابقة بضعة تفاصيل من الجزء السابق انعكست بنجاح عن طريق التناغم والانسجام التام بين “جال جادوت” و”كريس باين”.

ما يؤكد أن “باتي جينكينز” تحاول استنساخ بضعة لمحات من أسلوب “زاك سنايدر” هي تصميم الأحداث بما يؤثر علي قرارات “ديانا” التي ستنقلب بفعل الوعد المزيف الذي حول حلمها لحقيقة مقابل خسارة ذاتها ويدنو بالأحداث قرابة النهاية وإحداث التحول الذي يعتبر باكورة أهداف عالم “دي سي” السينمائي، تلك الكيفية ساهمت في إيقاع تصاعدي مناسب للأحداث يعرف التنقل بسلاسة بين لحظات الكوميديا والطابع الملحمي والدراما التي تكشف مضمون القصة بكل وضوح.

علي ذكر المضمون، فالفيلم يرثي أهمية عدم المثول لأطماعنا الشخصية تطغي علي ما سواها من طباعٍ حميدة، وأن تمضي الحياة بمساراتها الطبيعية دون أن يخل توازنها ما يعيق الشعور بالرضا والإحساس المغلف بالتفاؤل واليقين بأن العسر والشدة حتماً سيأتي معهما اليسر والرخاء، وهذا الخطاب حتماً يحرك بواطن البشر في ظل الظروف العصيبة التي نعيش علي صداها بأن الفرج سيأتي في وقتٍ ما بلا أدني داعيٍ للعبث ومحاولة إيجاد حلولٍ قد تكون عواقبها وخيمة وتزيد الأوضاع سوءاً.

wonder woman 1984

ولذلك يمكن القول أن الفيلم يبعث رسالة أمل في الوقت الذي يصور طباع الإنسان ورغباتهم الكامنة التي تصل للولوج ظاهرياً وتصير مصدر شرورٍ تترتب علي العجز وقلة الحياة والطمع في المزيد والمزيد من السلطة والنفوذ، ولا ينسي الفيلم فيلم أبطال خارقين مقتبس من القصص المصورة ويحمل بضعة إشارات لأشهر رمزياتها التي يعرفها الأنصار عن ظهر قلب وتعرف الطريق للمشاهد الغادي بدون أدني تعقيد.

إخراجياً، مازالت تحتفظ “باتي جينيكنز” بلمساتها الساحرة التي تطرأ علي أماكن التصوير وأجواء الاحداث بما يبدو أنها تعرفت بتمعن علي حياة الناس في الثمانيات ونقل بضعة زوايا منها في الفيلم، ربما لم تنجح في إيصال مشاهد الأكشن الي مستوي الجزء السابق وبالأخص مشهد “No Man’s Land” الذي أقيم وقت الحرب وصارعت فيه “ووندرومان” الطلقات والنيران من كل حدبٍ وصوب.

ولكن هناك عدة لقطات تصويرية جيدة تساهم في أيقونية الشخصية وولوج رقة قلبها المتعلق بالخير والإنسانية وللمشاهد فتزيده اعجاباً بها، بالإضافة الي موسيقي القيدوم “هانز زيمر” التي تنجح هي الأخرى في نقل الحدث بنغماتٍ مناسبة تتمايل مع إيقاعات الفيلم العديدة.

يشهد الفيلم تقدماً ملحوظاً في تجسيد “جال جادوت” التي حمل دورها المزيد من الجدية وخصوصاً حينما تدخل الأحداث حيز الدراما بعض الوقت، “ديانا” التي تتعرض لامتحانٍ عصيب ويفرش الفيلم البساط لها كي تتقدم وتصير الايقونة التي يتحدث عنها الجميع احتاج الي “جال جادوت” قادرة علي ارتجال الانفعالات المناسبة وعدم المبالغة في اظهار المشاعر الا في وقتها، وهذا ما نجحت فيه خصوصاً بصحبة النجم “كريس باين” وقتما يظهران الحب لبعضهما البعض ويقضيا الوقت سوياً في لحظاتٍ أحب الجميع ما كان يشابهها في الجزء السابق.

pedro pascal wonder woman 1984

ولكن مفاتيح نجاح الفيلم الكبرى هم النجم “بيدرو باسكال” الذي يحظى بعامٍ سعيدٍ له علي مستوي العمل الفني بعد هذا الفيلم ومسلسل “The Mandalorian“، حيث يقدم نسخة مغايرة لشخصية “ماكسويل لورد” عن نسخة الكوميكس، يعكس “باسكال” الجنون المطبق والتحول الشيطاني ل”ماكس لورد” بعدما حاز علي القوة وتزايدت اطماعه فترة تلو الأخرى، ان أداء “باسكال” مفعم بالحيوية تناقض تماماً صرامة “جال جادوت” ، واستطاع أن يظهر غلبة الشر علي الشخصية وعلي سلوكها وأفعالها، أداءٌ يساهم في توازن الفيلم هو الاخر علي مستوي التجسيد.

kristen wiig wonder woman 1984

“كريستين وييج” هي الأخرى من علامات الفيلم الإيجابية، حيث تتميز “فيج” بملامحها التي تجمع بين صفتي الجمال والليونة التعبيرية، وقدرتها علي تحويل جلد الشخصية من حالة لأخري علي المستوي الجسدي والتجسيدي مثل “باربرا مينرفا” التي ستصبح فيما بعض عدوة “وندر ومان” اللدودة “شيتا”، نجحت “
كريستين وييج” في اظهار الندية ل”جال جادوت” خصوصاً في مشهد البيت الأبيض الذي يعتبر من مشاهد الفيلم الرئيسية فيما يخص القصة.

في الختام، بالرغم من عدم عرضه سينمائياً، الا انه من الجيد تمسك “وارنر بروس” بعرض فيلم Wonder Woman 1984 في الفترة الحالية، فبخلاف ما يحمله من متعة مناسبة لعشاق ومحبي أفلام القصص المصورة، الا أنه يصدر رسالة إنسانية تعزز من قيم الانسان وتلمس بقايا الامل الكامنة بداخله فتعززها في ظل فقدانها وفقدان سريان الحياة بطبيعتها في ظل تفشي الطاعون وازدياد انتشاره بمعدلٍات جنوني بلا أية علاماتٍ الي العودة الي ما كنا عليه سابقاً.

اسامة سعيد
كاتب وناقد سينمائى بموقع بيهايند وطبيب بشرى، محب للفن بشكل عام والسينما بشكل خاص.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *