مراجعات

مراجعة فيلم Turning Red .. المراهقة ورحلة العاطفة

فيلم Turning Red

عندما تمتلك عاطفة مفرطة وعفوية قد يكون لديك مشاعر مختلطة من التردد والامتنان ؛ فهناك صراع تعيشه مابين مواقف تجعلك تكبت مشاعرك ومابين عالما أخر ملئ باشياء متمردة  خالية من التحفظ . ولكن ماذا لو انقلب ذلك الصراع الخفي  فجأة واصبح ظاهرا مكشوفا ؛ وعليك ان تتعامل معه لانه تجسد في تحولك الى باندا أحمر ضخم.

قصة فيلم Turning Red

تدور احداث فيلم Turning red حول فتاة في فترة مراهقتها تسعى لمثالية توارثتها من أمها كأنه اطار محدد لحياتها تتوارثه نساء العائلة وهو ان تحقق نجاحا كبيرا في كل شئ ؛ حيث  تحاول ميمي ان تكون خاضعة لرغبات أمها التي تلاحقها في كل خطوة في حين ان طبيعتها التلقائية تتلاعب بها لتضعها في مواقف مضحكة ومخيفة .

تفتخر ميلين بحصولها على أفضل العلامات ؛ كما انها تقول ماتريد وتلبس ماتريد ولا وقت لديها للعبث مع أحد ولا تهتم باي القاب تسخر منها. حتى تبدأ ميمي في مواجهة اختبار حقيقي مع مشاعرها بسبب الباندا.

قد تم منع عرض فيلم turning red في بعض الدول العربية فيما يرونه انه تناول فترة المراهقة بشكل جرئ حيث انه اول فيلم من بيكسار يتحدث علنا عن فترة الحيض والميول العاطفية للمراهقين او حتى فيما يتعلق بسلوك ميمي المتمرد مع أمها ؛ فميمي قد تلجأ  للكذب والحوار الغير لائق مع أمها رفضا الانصياع لسلطتها.

مراجعة فيلم Turning Red .. المراهقة ورحلة العاطفة 1
فيلم Turning Red

 

ولكنه تناول يضفى هالة على الرحلة العاطفية والنفسية التي تمر بها فتاة عادية ليست موهوبة او لديها صفة خارقة ولكن تصبح عاطفتها المتجسدة في الباندا مثيرة لاعجاب أصدقائها ؛ ومصدرا لمساعدة عائلتها.

ومع ذلك يكشف مكوث الباندا بداخل ميمي عن نوع تلك العلاقة الخطرة مع أمها ؛ حيث تتحكم في ابسط اختياراتها من مزاجها الموسيقى الى دفاتريومياتها ومتعلقاتها الشخصية حتى طموحها وبالتالي لا تدرك ميمي قيمها الخاصة فقد تضحي باصدقائها في سبيل ارضاء امها من اجل لا شئ ودون ان يكون دافعها الاحترام .

قائمة أفلام ديزني 2022 التي لابد من مشاهدتها هذا العام

يؤكد الفيلم على ان التلقائية اهم من المثالية والتقبل اهم  من المقاومة وقد يقدم الاصدقاء أكثر من العائلة فاصدقاءها يحبونها على كل حال ؛ يشبعون احتياجها للامان ولا تفكرفي سواهم عندما تحاول السيطرة على الباندا ؛ تشاركهم هووسها بالرقص والموسيقى خاصة فريق الفورتاون .

ليخرج العمل معبرا عن الصداقات الانثوية بعيدا عن الرومانسية وعن لعنة خاصة بالنساء فقد استخدم نساء العائلة للتأكيد على سطوتهن من خلال ماضي مرتبط بعائلتهم ؛ حيث الجدة سان يي التي كانت عالمة وشاعرة  بدأت تورث الباندا كنعمة لاحفادها.

مراجعة فيلم Turning Red .. المراهقة ورحلة العاطفة 2
فيلم Turning Red

 

وذلك يأتي  في اطار يحتفي بالثقافة الصينية من خلال تفاصيل بسيطة مثل المعبد ومشهد الطبخ للاب والذي له نفس الاجواء النابضة بالحيوية للفيلم القصيرbao 2018  الحاصل على جائزة الاوسكار للمخرجة دومي شي.

وتعتبر دومي شي من خلال  Turning red هي اول مخرجة لفيلم طويل لبيكسار من خلال فريق عمل نسائي حيث شاركتها كتابة السيناريو جوليا تشو اما عن موسيقى الفيلم فقد وضعها لودفيج جورانسون الذي فاز بجائزة الاوسكار عن فيلم black panther

يقول عالم النفس اريكسون ان النمو النفسي لا يتوقف عند سن الثانية او الثالثة عشر من عمر الفرد فهناك عدة مراحل حيوية ومهمة منها الثقة مقابل عدم الثقة والاستقلالية مقابل الشك والمبادرة مقابل الشعور بالذنب والمثابرة مقابل الشعور بالنقص والشعور بالهوية مقابل اضطراب الهوية ففي المرحلة الخامسة وهي مرحلة المراهقة يكون من الامور المهمة شعور الفرد واداركه لهويته حيث يراها اساس لتشكيل انماط التفكير ومعرفته بنفسه وكيف سيترتب علي ذلك  تعامله مع الاخرين.

مراجعة فيلم Turning Red .. المراهقة ورحلة العاطفة 3
فيلم Turning Red

 

فميمي لا تريد الباندا لمجرد وجوده ولكنها تحتاجه في صراعاتها وتحقيق المتعة المؤجلة دوما؛ تتجه القصة بشكل عام نحو التكيف مع الهوية الجديدة التي نمت وتكونت سواء كانت متوارثة او نتيجة لظروف ؛ هل من الممكن ان يكون موروثك له معنى مختلف ترفضه او تعلنه بما يناسبك ؛ هل يمكن ان يكون شئ يدعو للمفاخرة والنجاح . فميمي اصبحت تتفاعل مع الحياه بشكل جديد انها المتحكمة في عاطفتها ولا تنتظر امها لتتخذ شكل لحياتها نيابة عنها كما ان تلك العاطفة لا تضعها في اطار الضعف والتخبط  انتظارا لاراء اصدقائها.

فقد كانت شخصية اعتمادية غير قادرة على تشكيل علاقات  كأنها منبوذة او مادة للتنمر كما انها تشعر بالضياع ولا تدرك مبادئها في الحياه لانها  أسيرة لمعايير المثالية ولسيطرة أمها؛ التي لا تتحمل الخطأ من ميمي وتلقيه ايضا على الاخرين ومن الممكن ان تدمر كل شيء من حولها اذا فقدت قدرتها على السيطرة .

وضع الفيلم مشهد الصراع بين الام وميمي ملئ بالاكشن  ليكشف عقدة الام في طفولتها ؛ انها ترى نفسها سيئة ولا تستحق ولم تنجح يوما في كبح عاطفتها بل انها قد تكون مؤذية في حين ميمي تفكر دوما في لحظاتها المحببة مع أصدقاءها لتصل الى ذاتها الحقيقية.

استطاعت ميمي ان تتفهم لماذا انجرفت امها ولم تستطع ان تنظم مشاعرها وعن سبب تسلطها حتى خلقت استجابة مختلفة لعاطفتها فهي مميزة بكونها تتحول لباندا وتكتسب رزقا وتتحمل مسؤولية كالكبار ولكن بكونها نفسها.

مي امجد

author
ناقدة فنية، حاصلة على ليسانس أداب قسم اعلام ودبلوم النقد الفني من أكاديمية الفنون بالقاهرة ؛ مهتمة بالسينما والفن التشكيلي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *