فيلم tick tick boom
أي عملٍ سينمائي قائم علي سيرة ذاتية لابد أن تتوافر فيه شروطٍ معينة كي يصل إلي النجاح ويضاف إلي الرصيد الزاخر من الأعمال الهامة من تلك النوعية بكل سهولة، أولاً أن يكون المحتوي الأصلي ملئ بالأحداث والتفاصيل التي تعبر بالكامل عن شئٍ ما أو معضلةٍ معينة تصير لبطل القصة وتصلح كي يتم روايتها فنياً، وثانياً أن يكون هناك تحولاتٍ رئيسية متعددة سواءاً في القصة أو للشخصية نفسها تضيف بتأثيرٍ كبيرٍ لها وللتجربة السينمائية ككل.
افضل افلام السيرة الذاتية في كل المجالات – افلام ملهمة تستحق مشاهدتك
وهنا يأتي السؤال علي الفور، بما أن فيلم tick tick boom هو موضوع المراجعة الحالية، هل ينطبق عليه كل هذه الشروط التي نتج عنها الكثير من العلامات السينمائية ازدهر من خلالها تاريخ “هوليوود” بالكثير من الأعمال الخالدة في أذهان الجمهور منذ القدم وحتي الان؟، الإجابة ببساطة هي لا بالرغم من المجهودات الكبيرة من قبل المخرج والممثل الغنائي “لين مانويل ميراندا”، والأداء الناضج من قبل الممثل الأمريكي البريطاني “أندرو جارفيلد”.
قصة فيلم tick tick boom
تتناول قصة فيلم tick tick boom سيرة الملحن المسرحي “جوناثان لارسن” الذي يحاول أن يشق طريقه في “برودواي” ويقدم مسرحياتٍ من تأليفه وتلحينه، حيث تركز الأحداث علي الأسبوع ما قبل عرض المسرحية الغنائية “Rent” حيث يحكي “لارسون” حكاتيه في ذلك الوقت من خلال مونولجه الغنائي “tick tick boom” أمام الجمهور في إحدي ورش مسرح “نيويورك”.
مراجعة فيلم tick tick boom
بداية فيلم tick tick boom كانت متعثرة بشكلٍ كبير، يصعب من خلالها مسك خيوط الحبكة من البداية وفهم شخصية “جوناثان لارسون” ومن هو في الأساس، ربما أراد السيناريست “ستيفن ليفنسون” أن لا تبدو طريقة السرد تقليدية ولعب علي معرفة الكثيرين بالشخصية كونها من مشاهير التسيعينات،ولكن ذلك لم ينعكس مطلقاً من خلال ما قدم في البداية المطعمة بالموسيقي وأداء “لارسون” الغنائي والإلقائي.
المشكلة الأخري أن ذلك إستمر إلي ما يقارب نصف الفيلم علي وجه التحديد، صعوبة بالغة في مجاراة نسق الفيلم السريع المتنقل بين الكثير من الأحداث والأغنيات التي يبدو أن “لين مانويل ميراندا” لعب علي إتقان تفاصيل كل مشهدٍ متعلق بها كي تساهم في قابلية الفيلم لدي المتلقي، ولكن ذلك لم يكن كافياً علي الإطلاق لتقبل ذلك العبث السردي الذي يقلل تماماً من متعة العمل والإحساس بتفاصيله ومعاني فقراته الغنائية التي كانت جميلة بحق وتعكس حس “جوناثان لارسن” الفني العالي حينها.
في النهايات ظهرت بوادر التحسن وصار الفيلم متماسكاً بإعلاء الجانب الدرامي للأحداث بالرغم من تفصيلة معينة من النوعية التي تعشقها الأوسكار ولا تحظي بطييعة الحال بأي أهمية عند الجمهور، ولكن علي الجانب الأخر حدثت لملمة متسرعة لأوراق الفيلم وإنتهي فجأةً وبطريقة غريبة للغاية، ولكن تلك ليست مشكلات الفيلم الكبري التي يجب الوقوف عندها.
لأن المعضلة الأساسية تكمن في مضمون القصة نفسه الذي يعتبر كليشيهاً في المقصد الذي ينويه مغلف بالمغني والموسيقي، هو ببساطة يدور عن كفاح الشخصية لتحقيق أهدافها وتحليها بمشاعر الحميمية والصداقة والحب للأخرين، فكلها رمزيات ليست بالجديدة وإن كان الشئ الوحيد الذي جعل كل ما سبق مقبولاً بشكلٍ كبير هو الأداء التمثيلي لبطل فيلم tick tick boom ليس إلا.

وهنا يحين وقت الحديث عن النجم البارع “أندرو جارفيلد” الذي نجح في الخروج من عباءة الرجل العنكبوتي منذ فترةٍ كبيرة، وبات يحسن إختياراته التمثيلية التي مكنته من إعتلاء قائمة التمثيل في الأوسكار عام 2017 عن فيلم “Hacksaw ridge”، حيث تميز أداء “أندرو جارفيلد” هنا بالحس الدرامي العالي في فترات، وخفة الظل والمرح في فتراتٍ كبيرة، وتأثرٍ كبير بالموهبة التي تمتعت بها شخصية “جوناثان لارسن” في الواقع وحاول إرتجال الكثير من معالمها من خلال أدائه.
وتجلي ذلك في الأداء الفذ لأغاني الموجودة بفيلم tick tick boom المصحوبة ببضعة حركات ورقصات أجادها “جارفيلد” ببراعة ولا عجب أن يتم ترشحه للأوسكار هذا العام وهي عن جدارة بكل تأكيد، وبالطبع هو لاعب رئيسي في “جولدن جلوب” هذا العام نظراً لتعدد التشريحات بتلك الجائزة رغم عدم أهميتها من الأساس.
في الختام، هو فيلم للنسيان سيتفيد منه “أندرو جارفيلد” فقط في تعزيز مسيرته الحالية بأداء تمثيلي جيد يعزز من قابليته لدي الجمهور حتي وإن عاد لدور “سبايدرمان” في الفيلم القادم، ولكن نحن أمام نجمٍ كبير سيكون له شأناً عالياً أكثر بكثير مما هو عليه في الوقت الراهن.