في بداية مراجعة فيلم The Tender Bar، يمكن القول أنه في كثير من الأحيان، قد يأتي الإلهام لكي نصبح أشخاص بمزايا معينة ممن حولنا أو من خلال رؤيتنا لكثير من الأشياء والظواهر التي بإمكانها إحداث تأثيرٍ فارقٍ علينا وتتكون من خلالها الدوافع الكبيرة لتحقيق ما نرغب في الوصول إليه، وتعلو أيضاً الطموحات أكثر فأكثر من أجل تكوين الهوية التي يتعرف الأخرون منها علينا ، وتلك قاعدة إجتماعية ملموسة بشكلٍ كبير في واقعنا هذا وبنماذج كثيرة سواء من محيط من نعرفهم أو غيرهم ممن يحملون قصصٍ نجاحٍ نتيجة عوامل أوحت لهم بما هم فيه آلان.
مراجعة فيلم Don’t look up – عن وقوع البلاء وإنتظاره بلا مبالاة
في فيلم the tender bar، يقدم المخرج “جورج كلوني” قصة حقيقية مستوحاة من ذكريات رجل شاب مر بكثير من المواقف تحت رعاية عائلته المحبة له حتي حقق ما أراد وأدرك غايته التي تتذكرها “هوليوود” بعمل درامي جيد نسبياً يقدم دراسة شخصية ويستطرد في كثير من التفاصيل الموجودة بالمذكرات الأصلية وبترتيب مقبول للأحداث وسياق سردي مناسب إلي حدٍ كبير في تقديمه.
قصة فيلم The Tender Bar
تدور أحداث فيلم The Tender Bar عام 1972 عن “جي آر ماجواير” الذي ذهب ليعيش مع والدنه في منزل جده ب”لونج أيلاند”، ويرتبط بخاله “تشارلي” الذي نجح في تعويضه عن غياب والده لإنشغاله بحياته ووظيفته كمذيع في الراديو، بمرور الوقت يكبر “جي آر” ومن إلهام خاله “تشارلي” له، بدأ “جي آر” في السعي لتحقيق حلمه في أن يصبح كاتباً.
مراجعة فيلم The Tender Bar
سيناريو فيلم The Tender Bar يصطحب المشاهد داخل الأحداث منذ البداية دون إعتماد علي فلاش باك، وبضمان لسهولة متابعة الأحداث وفهم المواقف التي يتعرض لها “جي آر” في مرحلة الطفولة وخصوصاً في علاقته مع خاله “تشارلي” الإنسانية التي تشكل عصب فيلم the tender bar بما تعكس أهميتها كعنصر فارق في حياة “جي آر” مستقبلياً وفيما يود أن يحققه لذاته حينما يبلغ في العمر حينها.
من مميزات العمل أيضاً أنه لا يكتفي بنوعية واحدة من الأفلام ويقدمها، والحديث هنا عن الدراما كأساس تكوين فيلم The Tender Bar بكل جوانبه القصصية، بل يقدم في الوقت ذاته وفي مرحلة كبيرة داخل الاحداث ما يسمي بال”Coming of Age” أو فترة المراهقة التي نتطرق من خلالها لحياة الشباب وعلاقاتهم بأصدقائهم والرومانسية أيضاً والصعوبات والعقبات التي يواجهوها فيما بعد في سبيل الوصول إلي مبتاغهم، تم ذلك بشفافية كبيرة داخل السيناريو وبتوازن ملحوظ بين ذلك العنصر ونظيرها المرتكز علي ثنائية “جي آر” وخاله “تشارلي”.
قد يتخوف البعض من أن أحداث الفيلم قد لا تتحرك للأمام أو تدور في نفس الدائرة التي أدرج السيناريو أحداثه داخلها، ولكنه جعل تركيزه علي الشخصيات شغله الشاغل من أجل طرح رسالته والتأكيد علي الفكرة التي تم ذكرها في الفقرة الأولي من المراجعة، وهذا ما نجح فيه بالفعل بالرغم من تضائل فرصه للترشح للأوسكار عن السيناريو، ولكن يبقي وجوده في موسم الجوائز تأشيرة إعطائه فرصة المشاهدة وقت صدوره خصوصاً أن يضم نخبة من كبار صناع السينما في “هوليوود” كحالة “جورج كلوني” و”بين أفليك”.
إخراجياً، لم يحتاج “جورج كلوني” إلي مجهودٍ كبير من أجل أن يقدم فيلم “The Tender Bar” بالشكل الذي آل إليه، فقط كان يحتاج إلي ضبط إيقاع الأحداث وأن يحفاظ علي النسق الدرامي بطريقة لا تميل علي الإطلاق للميلودراما والشجن العاطفي، وهذا ما نجح فيه بشكلٍ كبير بالإضافة إلي التمكن من إستحضار روح فترة السبعينات التي تدور فيها الأحداث من خلال الديكور وتصميم الأزياء والمكياج وما إلي ذلك، بالطبع لن يتمكن “كلوني” من الترشح للأوسكار بالعمل أو في الإخراج كإنجاز شخصي، ولكن يبقي “كلوني” كما هو ممثلٍ كبير فهو مخرجٍ بارع في الوقت ذاه يمتلك الأدوات الازمة لصنع فيلم صالح للمشاهدة بنسبة كبيرة.
بالطبع “بين أفليك” يحضر و بقوة بأداء أوسكاري تمثيلي جيد وحضور قوي دون أية مبالغة في التعبيرات والإنفعالات، حيث نجده يرتدي ثوب الناصح والمحب والصديق لإبن أخته وبحس درامي عالي صادق في كل معالمه، يؤكد تمام التأكيد علي موهبة “أفليك” التي أهدرها الوقت وهرائات عالم “دي سي” السينمائي، أيضاً هناك ظهور لا بأس للممثل الشاب “تاي شيريدن” الذي ليس لأول مرة يظهر في ثوب المراهق ويقدمه بنفس التفاني، حيث لعب من قبل دورٍ مماثل في فيلم “The Card Counter” وأبدع فيه بنفس ما قدمه هنا في فيلم The Tender Bar.
في الختام، قد لا يكون فيلم The Tender Bar ضمن أهم أفلام العام، ولكنه تجربة جيدة تعيد تقديم النجم “بين أفليك” في الأعمال الدرايمة التي يتميز بها، ويطرح فكرة واقعية مؤثرة في حياة الكثيرين بشكلٍ واضح وجلي.