فيلم the matrix resurrections
في بداية مراجعة فيلم the matrix resurrections، يمكن القول أنه تتفاوت دائماً الآراء ما بين مناصر لفكرة العودة إلي الماضي سينمائياً وإحياء أهم وأبرز موروثاته من جديد، وبين معارض يري أن الأفضل هو إبتكار فكرةٍ أصلية مهيئة لأن تحمل معها المتعة الازمة والقصة المثالية الذي تعكس خيالاً إبداعياً ولغةٍ سينمائية مختلفة في كل عملٍ وبعيدة كل البعد عن الإقتباس أو النقل من مصادر وعنواين آخري وخصوصاً حينما يكون الأمر معتمد علي أفكار أعمالٍ قديمة حظت بنصيبها من النجاح والتقدير والنقد السلبي من البعض والإيجابي من البعض الأخر.
بالحديث عن سلسلة أفلام “the matrix”، فإن التقدير الجماهيري والنقدي كان متفاوتاً ما بين جزءٍ أول متميز وفريد في كل تفاصيله، وثاني جيدٍ إلي حدٍ كبير، وثالث محبط وغير صالح للمشاهدة، لذا يبقي من المنطقي أن لا يتم الإستمرار في تقديم المزيد من تلك الأفلام طالما لم يتم الإتكاء علي أسباب نجاح الجزء الأول، والمط الغير مناسب سواء علي مستوي الأفكار والقصة وخلافهما.
ولكن لشركة “وارنر بروس” رأيٌ أخر، وهي التي للمفارقة هذا العام لم تكن موفقة في عديد قراراتها الإنتاجية والسينمائية أو حتي فيما يتعلق بآلية عرض روزنامة الأفلام خاصتها، حيث يتم الإعلان عن عودة “لانا” أحد الشقيقين “واتشاوسكي” لتولي مسؤولية إخراج فيلم the matrix resurrections الجزء الرابع من السلسلة، وتقديم فرصة أخري جديدة لها لعل وعسي يحظي بقابلية الجمهور الذي ربما نسي أحداث الأجزاء الثلاثة السابقة أو السلسلة ككل إن صح التعبير،خصوصاً حينما يجتمع نجميها المميزين “كيانو ريفز” و”كارين آن موس” وبتواجد أهم شخصيات هذا العالم الذي نعرفهم من قبل في الثلاثية.
افضل افلام ومسلسلات HBO MAX 2021 – القائمة الأفضل هذا العام
ولكن لم يكن فيلم the matrix resurrections بالخطوة الجيدة التي تعيد للسلسلة رونقها، او تضع قدماً جديدة لأفكارٍ مختلفة تحدث نقلةً نوعية علي مستوي الأفكار والتكوينات القصصية، بل كان هناك الكثير من العيوب التي ربما لا تجعل الفيلم كارثة فنية غير جديدٍ بفرصة المشاهدة، بل هو لم ينجح في تخطي حواجز الأجزاء السابقة، وتقديم شئٍ مميز يستحق أن ننتظره لفترةٍ طويلة علي أمل أن ينجح في إنعاش السلسلةٍ بعملٍ جيد في كافة عناصره.
قصة فيلم the matrix resurrections
تدور أحداث فيلم the matrix resurrections ستون سنة عقب الجزء الثالث، حيث نري “توماس أندرسون” مشتت يعيش حياةٍ عادية بالفعل ولكن تحاصره الكوابيس والأفكار المتلاحقة والذكريات السابق، إلا أن حانت الوقت للعودة والدخول من جديد إلي عالم الماتريكس، ومواجهة ماضيه السابق الذي يحمل عليه نفسياً بدرجةٍ كبيرة.
مراجعة فيلم the matrix resurrections
تكمن مشكلات فيلم the matrix resurrections في مبالغة السيناريو في الإتكاء علي عناصر الأجزاء السابقة، وكأن هناك تعمد بتذكير الجمهور الذي لم يعجبه الجزئين الثاني والثالث بأن إعتماد الفيلم الجديد سيعتمد أساسياً علي تفاصيل السابق، أو يمكن القول أن هناك إفتقار لتقديم زخمٍ كبير من التفاصيل الجديدة التي تعطي للسلسلة دفعة قوية علي مستوي القصة والأحداث.
قياساً علي النقطة الأخيرة، فهو بالفعل ما حدث حينما حاول السيناريو مد القصة بتفاصيل زائدة بعض الشئ، ولكنه فشل في جعلها مفهومة ومنطقية ويسهل التواصل معها أو إدراك أهميتها، وما يزيد من الشعر بيتاً أن هناك عشوائية كبيرة في المعالجة السينمائية للفيلم والموازنة بين سابقه وجديده الذي لم يكن مميزاً علي الإطلاق وحتي طريقة تقديمه معتمدة في الأساس علي الحوار ثم الحوار الذي يدفع بالأحداث معتمداً علي ترابط خطوط الأفكار السابقة في ذهن المشاهد فيسهل عليه إستيعاب ما يطرح في فيلم the matrix resurrections.
والعيوب لا تقف عند هذا الحد، فعلي مستوي الأكشن يفتقر فيلم the matrix resurrections للمشاهد الملحمية التي تعتمد في الأساس علي القتال والإشتباكات بالأيدي، هنا نجد المخرجة “لانا واتشاوسكي” تلجأ لإستعمال المؤثرات البصرية في أفكار الأكشن والحركة التي كانت مكثفة للغاية ومزعجة في الوقت ذاته أثناء المشاهدة، وحتي لا يتم فهم ما يقال خطاً فهو يوجد مشاهد قتالات الكونج فو في الفيلم، ولكنها مقارنةٍ بمحتوي الأفلام السابقة ليست بالجودة والإتقان التي تمتعت بها الثلاثية بالرغم من سلبياتها.
ما أنقذ الفيلم بالطبع هو ثنائية النجمين “كيانو رييفز” و “كارين آن موس” الذان لا يزالا يحتفظا بتناغمها في السابق علي مستوي الدراما والحوار، ولا يظهر عليهما إطلاقاً علامات التقدم في السن أو التغير في الشكل وقلة العطاء جسدياً في الأكشن، أما عن الشخصيات الآخر فأفضلهم هو ظهور الممثلة الشابة “جيسيكا هينويك” في دور “باجز” التي تعتبر العنصر الجديد والجيد في الفيلم ومنها نستطيع فهم بعض معطيات الفيلم وما يريد قوله.
أيضاً أدائات كلاً من “يحيي عبدالمتين الثاني” و”جوناثان جروف” كانت جيدة في أدوار “مورفيوس” و”سميث”، ولكنهم لم يقدما أ]ة أبعادٍ أضافية ومختلفة عما قدماه “لورانس فيشبورن” و”هيجو ويفينج” من قبل، فكان من الأفضل إستثمار النجمين الموهوبين في أدوار جديدة غير “مورفيوس” و”سيمث” حتي يتسني للمشاهد تقدير مجهوداتهما في الفيلم بشكلٍ كبير، مثلما تم تقديم شخصية “نيل باتريك هاريس” الجديدة، والتي ظهر من خلالها بطبيعةٍ مغايرة لخفة الظل التي يتمتع بها في العموم، ونجح في تجسيدها بنجاح.
في الختام، ربما يكون هناك إمتدادٍ لما تم تقديمه في فيلم the matrix resurrections في أجزاءٍ آخر بحسب ما سيؤول إليه شباك التذاكر الأمريكي، ولكن بالنظر إلي معطيات العمل وتفاصيله بالإضافة إلي قرار “وارنر بروس” الغير موفق بعرض الفيلم سينمائياً وعلي منصة “HBO MAX”، فقد لا يمكن لتلك الغاية أن تتحقق، وسيكون هناك إكتفاءٍ تام بما تم تقديمه في السلسلة علي مدار أربعة أجزاءٍ كاملة.