مراجعات

مراجعة فيلم The Lost Daughter – دراسة شخصية تعتمد موهبة ماجي جيلنهال في الكتابة والإخراج

فيلم The Lost Daughter

في بداية مراجعة فيلم The Lost Daughter، عرفناها نجمة صاحبة موهبة كبيرة في التمثيل، ومن عام 2001 تنطلق في إثبات وجودها في “هوليوود” بأدوار وشخصيات تثقل من مسيرتها، هذه هي “ماجي جيلنهال” البالغة من العمر 44 عاماً وهي شقيقة النجم “جيك جيلنهال” الكبري التي بدأت معه جنباً إلي جنب في فيلم “Donnie Darko”، ثم إنطلقت بعدها تصنع سجلها الخاص من الأعمال السينمائية والتلفزيونية أيضاً، والذي يبقي أهمهم ظهورها في ملحمة المخرج “كريستوفر نولان” العظيمة “The Dark Knight” عام 2008.

فيلم The Lost Daughter

                           شرح فيلم Donnie Darko .. شرح تفصيلي للفيلم ونهايته

ولكن بمرور الوقت نكتشف إعلان إستحواذ “ماجي جيلنهال” علي حقوق أحد الروايات الأدبية من أجل تحويلها إلي عملٍ سينمائي من كتابتها وإخراجها دون مشاركةٍ منها علي مستوي التمثيل، وذلك أثار إنتباهٍ شخصي عما إذا ستستطيع “جينلهال” أن تقوم بهذه المهمة وهي التي لم تمارس أية مهامٍ سينمائية أخري بخلاف التمثيل فحسب.

ولكن علي عكس كافة التوقعات، تتمكن “ماجي جيلنهال” من تقديم فيلم The Lost Daughter الذي يعد واحداً من أفضل أفلام الدراما في 2021 كتابتاً وإخراجاً وإدارةً حكيمة لأدوات صناعة السينما المختلفة، وكذلك قيادة فريق تمثيلي من الأسماء المعروفة إلي الظهور بشكلٍ لائق، وإرثاء الحس الدرامي بطريقةٍ فعالة علي مدار العمل بأكمله، والأهم من ذلك أنه تنهي العام بإنطباعاتٍ جيدة وإيجابية علي محيا الجمهور وعند خبراء الجوائز وترشيحاتها بكافة المهرجانات السينمائية المختلفة.فيلم The Lost Daughter

قصة فيلم The Lost Daughter

تدور أحداث فيلم The Lost Daughter عن “ليدا كارسو” الأستاذة الجامعية التي تقضي إجازة صيفية في أحد الأماكن،إلي أن يلفت إنتباهها سيدة صغيرة في العمر عنها تدعي “نينا” ومعها إبنتها الصغيرة، فتبدأ في إستحضار ذكريات ماضيها حينما كانت أماً لبنتين، و في نفس عمر “نينا”.

مراجعة فيلم The Lost Daughter

يعتمد سيناريو فيلم The Lost Daughter خطين متوازيين في الأحداث، أحدهما الرئيسي الذي يبدأ العمل به منذ البداية، والأخر فلاش باك عن شخصية البطلة “ليدا” مكثف في تفاصيله ويهتم بتغطية جوانب مهمة في حياة “ليدا” كي يدرك المشاهد سببية تصرفات الشخصية والإحتقان النفسي الذي تعاني منه أثناء فترة الإجازة.

هنا أجادت “ماجي جيلنهال” التنقل بسلاسةٍ تامة بين الخطوط تلك، وعرفت في الغالبية إختيار الأوقات المناسبة التي تطلق العنان لتفاصيل مهمة عن الشخصية في البروز لفترةٍ معينة من الوقت ،بما يضمن سيادة الحالة الدرامية علي كافة أحداث فيلم The Lost Daughter، وسهولة التعاطف مع الشخصية وفهم بعض المعطيات التي منها نتعرف علي “ليدا” أكثر فأكثر بمرور تسلسلات الفيلم واحداً تلو الأخري.فيلم The Lost Daughter

النقطة الإيجابية الأخري التي تصب في مصلحة السيناريو هو تصاعد رتم الأحداث وتقدم الحبكة للأمام في كافة الخطوط، ففي الماضي نري “ليدا” تقدم علي قراراتٍ عصيبة وتدخل في دائرة الإيثار وتفضيل الذات علي حساب الأخرين، وتجلي ذلك في كثير من المواقف والعلاقات مع بعض الشخصيات كما سنري في منتصف الأحداث، وفي الحاضر نري “إيدا” وهي تشتعل من الداخل وتقدم علي فعل ما هو غريب وغير عقلاني وفي نظرها هو الصحيح الذي يريح مشاعرها المضطربة داخلياً.

لهذا يمكن القول أن سيناريو فيلم The Lost Daughter ليس بالضئيل أو المحدود في أفكاره، بل هناك زخماً كبيراً من التفاصيل التي تنأي بالفيلم عن أية مطٍ أو تطويل، وتساهم في إعلاء الحالة الدرامية وبتأثيرٍ كبير متواصل خلال المتابعة من البداية إلي نزول تترات النهاية.Inside Maggie Gyllenhaal's Radical Directorial Debut, 'The Lost Daughter' |  Vanity Fair علي عكس السيناريو، تتميز فلسفة “ماجي جيلنهال” بإختيارات موسيقية مناسبة، وتلاعب مناسب بالكاميرا من أجل إبراز حالة التشوش والإضطراب التي تعاني منه شخصية “إدا”، بالإضافة إلي الكادرات المركزة علي الشخصيات كاشفة لكافة تعبيراتهم الجسدية، وكذلك المونتاج الذكي الذي من خلاله تنقطع اللقطات وخصوصاً التي تخص الماضي والحاضر بسهولة ودون إحساس بوجود تقنيات مستخدمة.فيلم The Lost Daughter

الأداء التمثيلي الأفضل يذهب أولاً للنجمة “أوليفيا كولمان” التي مازالت تعي إختياراتها التمثيلية بعد حصولها علي الأوسكار الأول في فيلم “The Favourite” مع المخرج “يورجوس لانتيموس”، وتقدم تجسيدٍ قوي ومحكم درامياً مبرر علي المستوي الإنفعالي وخالي تماماً من أية مبالغاتٍ في التعبيرات والحس العاطفي.The Lost Daughter FIRST LOOK: Weeping Olivia Colman forced to confront her  troubled past in trailer - PakkiKhabar

وثانياً للنجمة “جيسي باكلي” التي كان عليها الحمل الأكبر فيما يخص الشق الحركي بالفيلم المبني علي بعض الأفعال والهياج الزائد في التعامل مع بناتها، وقدمته بإمتياز وببراعة فائقة يكافئ تماماً أداء “كولمان” الدرامي والأوسكاري إن جاز التعبير.فيلم The Lost Daughter

في الختام، ربما نجاح فيلم The Lost Daughter يمنح فرصاً كثيرة في المستقبل ل”ماجي جيلنهال” من أجل إثبات إمكانياتها كمؤلفة ومخرجة واعدة شريطة أن تتنوع في الأعمال التي تقدمها، وتستفيد من التقد الموجه لها من أجل الظهور دائماً بأفضل طريقةٍ ممكنة فيما هو قادمٍ في مسيرتها.

اسامة سعيد
كاتب وناقد سينمائى بموقع بيهايند وطبيب بشرى، محب للفن بشكل عام والسينما بشكل خاص.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *