مراجعات

مراجعة فيلم the irishman … رؤية أكثر نضجا للفساد

فيلم The Irishman

• لم تكن الحياة رحيمة بك أليس كذلك؟

 – أم أن الرحمة كلمة مقتبسة من الحياة القادمة ؟

• وثق الدموي المجنون كوينتن ترانتينو منذ شهور حقبة تاريخية عاصرها والتي بدورها كان لها فضل كبير لنضجه كصانع أفلام وكما نعلم أن للفيلم مكانة مرموقة لدي صانعه وكأنه كان يغازل ماضيه وما آل به إلي ما هو فيه وأن الأمر ككل مبني علي الشغف وما دخل به الشغف لا مبرر له ومن هنا ستتيم أنت كمشاهد بما عرض بناء علي تقبلك لرؤية الصىانع الشغوفة التي ربما ستثاير شغفك أو قد لا تتفق مع ما قدمه وفقا لما عاصره ولم تطلع انت عليه أو م تتقبله ومن هنا لن تقلل أيضا من شغفه الذي قد وثقه في تجربة ستخلد شئت أنت أم أبيت وفقا لرغبتك في مشاهدة عمل يثاير متطلباتك لا رؤية صناعه.

• عاصر الكبير مارتن سكورسيزي عصر الغارات الأمريكية علي الغير والتي اصطحبها حرب نفسية لشعب قد فسد فيه غالبية شبابه نظرا لتجربة الحرب وما بها وهنا أقصد بالتجربة… التجربة ذاتها ولن اتطرق عن أحقية الجيش الأمريكي من عدمها بالخوض في تلك التجارب، وبديهيا بما أنك تملك ضحايا فلا بد من وجود جاني، وبالنظر للماضي أيضا سنجد مارتن سكورسيزي وثق تحفته الأكثر شهرة في مسيرته السينمائية ” Taxi driver ” ، والتي قدم فيها فساد الرأسمالية ورجال السلطة والعصابات ولون الحياة في المدن الذي وصل لذروته من الإحمرار، وما كان هذا إلي بعين جندي سابق في الجيش الأمريكي لم يعد يحتمل الحياة بعد الحرب، و نتيجة ذلك اصبح جسد صلد يأمل في تطهير مدينته من القذارة التي تعتريها.

• وبعد بضع عقود من الزمن يعود سكورسيزي بزاوية أكثر نضجا كرؤية ولا اقصد أبدا جودة الفيلم من عدمها ، اقصد الرؤية التي قد تيم بها روبرت دي نيرو من عقد من الزمن وذهب بروايتها لمخرج لا حرمه من شئ يوم ومن هنا باتت النية لصنع عمل ضخم لرواية الكاتب الكبير ” تشارلز براندت ” والتي تسمي “ I Heard You Paint Houses ” ومن هنا بدأت رحلة سكورسيزي للبحث عن منتج يتحمل ذاك العبئ والمخاطرة في نفس الوقت، وبعدما فقد الأمل في التمويل فجاء دور نتفليكس التي وضعت للفيلم ميزانية كما يشاء ليبدأ سكورسيزي في سرد رؤيته المستعصية منذ عقد ورغبة دي نيرو في تجسيد أخر ليكون قد عرض لنا بكاميرا سكور ما حدث في تلك الحقبة الزمنية أمام الكاميرا وخلفها.

اعلان فيلم The Irishman

• يقدم فيلم The Irishman السيرة الذاتية للقاتل المستأجر فرانك شيران والذي بدوره مشتبه فيه بقتل السياسي المشهور جيمي هوڤا، وينقل الفيلم ماهية العالم الإجرامي وكيفية سير الأمور فيه وإلي أي حال يؤثر العنصر الرأسمالي في توجيه البقية وكيف يستخدم العنصر السياسي للتماشي مع الصالح العام لتلك الفئة، الفيلم كتب السيناريو الخاص به ” ستيفين زايليان ” عن رواية الكاتب ” تشارلز براندت ” والتي قدمها علي الشاشة المخرج الأيقوني مارتن سكورسيزي.

• مهنيا لا يتواجد أفضل من سكورسيزي قادر علي تنفيذ عمل إجرامي في تلك الظروف بناء علي أفلامه التي قدمها في عالم الجريمة غير أنه قدم رؤية مختلفة من تلك الحقبة بأعين ترافيس بيكل قديما وإضافة لكل ذلك فهو قد عاصر تلك الليالي فلا وجود لأحد ينافسه في تقديم هذا فيلم The Irishman حتي وإن كان أخر أفلامه في تلك الفئة منذ عام ٢٠٠٦ ، يفضل سكورسيزي دائما روبرت دي نيرو كشخصية رئيسية وما خير الأخير ظنه يوما ، واشترك الثلاثي جو بيشي و روبرت دي نيرو و سكورسيزي قديما فكان إختيار بيشي صائب فهو له بصمة في عالم الجريمة ، أما الأخير والأكثر فجأة آلباتشينو، الذي قدم واحد من أجمل أدوار العام في مشاركته الأولي مع سكورسيزي وفي سن كهذا… من أين لك هذا يا ألفريدو؟.

مراجعة فيلم the irishman ... رؤية أكثر نضجا للفساد 1

• لم يقع سكورسيزي في النمطية حيث صنع عمل يشبه سابق بل قدم شئ مبتكر بتلك الفئة من الأفلام، تخيل أنك ستشاهد عمل لأحد رواد الفن السابع في نهاية طريقهم… اول ما سيأتي ببالك أنهم سيقدموا عمل مكرر نظرا لسنهم وأكثر من عامل أخر ولكن كل عنصر في العمل أثبت بجدارة أن العمر كان عنصر إيجابي ليس إلا نظرا للنضج المهول الذي وصل له تلك الشخصيات، روبرت دي نيرو راوي لفيلم كامل مدته ثلاث ساعات ونصف ، ألفريدو آلباتشينو رجل سياسي لفئة إجرامية يتحكم بسيرها جو بيشي… وكأنك تسمع حديث لا يمت للواقع بصلة، إلي أن يبدأ الفيلم وتنسي كل ما كنت تعتقده. • اخذ سكورسيزي اسلوب سرد متنقل من عقد لأخر لإبراز أهم الأحداث التي حدثت في كل عقد فيهم وكيفية إلتقاط فرانك شيران لذلك العالم وترويضه بالكامل للعمل لصالحهم إلي أن تتطور الأمور ويلتقي بچيمي هوڤا ويصبح أحد أكثر الناس إخلاص له ويقوم له بأعماله وحتي يصبح مقرب من أسرته، والعكس صحيح فكان فرانك شيران شخص يميل للجدية أكثر من چيمي هوڤا الذي يفضل أن يتعامل مع الناس حتي يتلاشي المفاجآاات منهم، وبين هذا وذاك يجلس الرجل الرأسمالي ” جو بيشي ” يلقي بالأوامر التي لا خيار غير تنفيذها.

• أفضل سيناريوهات العام إلي الأن بدون منافسة في رأيي هو ما قدمه ” ستيفين زايليان ” ، فلم يكن من السهل أبدا معالجة رواية كتلك وتقديم كم مهول من الشخصيات في مدة زمنية كهذه دون الوقوع في الأخطاء ، بل كان الإبتكار سبيله الوحيد لصنع عمل طال انتظاره وكان قدر التوقعات تماما، كما أن لعنصر الأزياء كامل الإشادة علي ما تم تقديمه والذي قد يراه البعض شئ بسيط ولكن تقديم تلك الحقب الزمنية المتوالية بتلك الأزياء والحفاظ علي التطور والتفاصيل كان شئ مبهر بحق. • تقنيا كانت خاصية التصغير أكثر إفادة مما أعتقدنا، فلا أتخيل الفيلم بدونها ولن اتقبل رجل بتلك الصفات في نهاية عمره، كمان أن الموسيقي بـ فيلم The Irishman لها سحر خاص وتستحق بكل تأكيد قدر الجهد الذي بذل في تحضيرها مع وجود بعد الإقتباسات الأيقونية والتي ساهم في إستحضارها عنصر التصوير الذي وصل للإبداع بالفيلم وكأن صناع العمل قد وجدوا خصيصا لصنع ” الأيرلندي “.

مراجعة فيلم the irishman ... رؤية أكثر نضجا للفساد 2

• كسر سكورسيزي نقاط الخوف التي كانت تسيطر علينا في كيفية مشاهدة عمل بتلك المدة ، الراوي وهو يتحدث أنت كمشاهد تنتظره كلما صمت، النقلات الزمنية التي كانت تحدث كانت تشعرك وكأنك في فصل مختلف من الرواية بالإضافة إلي التنوية للشخصيات التي تظهر والذي كان له تأثير سحري مزاجيا وعلي المستوي المعرفي وأخيراً المشاهد الكوميدية التي قدمت في أجمل شكل ممكن.

• قدم روبرت دي نيرو أداء في منتهي الروعة كرواي وكممثل وأثبت أن لديه المزيد بتقديمه لتلك الشخصية + شخصيته المحورية بفيلم الجوكر، جو بيشي تفوق علي نفسه كما يفعل دائما ولن تجد الشخصية تجسيد لها أبدا بتلك الجودة ، أنا آلفريدو فكان الأفضل من وجهة نظري المتواضعة وله نصيب الأسد إلي الأن في أوسكار الدور المساعد، الأداء التمثيلي بالفيلم فاق التوقعات للأسباب التي ذكرتها سابقا، كما أن أفضل عناصر الفيلم من وجهة نظري كان السيناريو المتقن، وسنشاهد الفيلم بدون أدني شك بقوة في موسم الجوائز.

مراجعة فيلم the irishman ... رؤية أكثر نضجا للفساد 3

• وأخيراً قدم سكورسيزي رؤيته الأكثر وضوحا لواقع أمريكا في تلك الحقبة وكيف آلية الأمور بينهم والخوض في أنفسهم وما تؤول بهم الأحوال، ألم يقل ترافيس بيكل قديما أن المطر سيأتي يوما ويزيل بتلك القذارة؟ جميعا نتذكر ولكن هل الأمطار تأتي في الصيف أم لكل فصل ظروفه التي تحكمه!.

Bata Louny (احمد علي)
عاشق للسينما الواقعيه وعاشق لكرة القدم.

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *