نَظَرًا لكون فيلم Suspiria ضمن كلاسيكيات السينما الخالدة في أذهان الكثيرين، هناك عدد كبير من الأفلام القديمة التي تعتبر إرث سينمائي لا يمكن المساس به سؤاء بالتحريف في قصصها او اعادة احياءها بِشَكْلٍ او بآخر ولهذا يجب أن يعي منتجي هولييود بضرورة التريث قبل العمل علي اعادة إحياء مثل هذه الأفلام نظرا للأهمية الكبيرة التي اكتسبتها والشعبية الجارفة التي تحققت من حب الجمهور لهم ولصناعهم
و في الآونة الأخيرة امتلكت “ديزني” ذمام المبادرة في اعادة تقديم ابرز أفلام الرسوم المتحركة التي اشتهرت بها في السابق ولكن بصورة حية معتمدة علي المؤثرات البصرية بشكل كبير فاستطاعت بالإعداد الجيد والوقت الكافي أن تجذب عشاق تلك الأفلام من جديد
وتحقيق المكسب المادي الجماهيري التي مكنها من تكرار تلك التجارب مع كسب الخبرات الازمة للوصول الي أعلي مستويات الجودة والاتقان في اخراج المشاريع القادمة بصورة مناسبة.
مراجعة فيلم Suspiria
– علي النقيض التام، فصناع فيلم Suspiria ارتكبوا خطأ كبيرا بخوض مغامرة غير محسوبة النتائج وذلك عن طريق تقديم فِيلْمًا تم انتاجه لاول مرة عام 1970 وحقق نجاحا منقطع النظير مما نتج عن فشل نقدي و وابل من الهجوم الحاد علي الفيلم نظرا لتواجد لعدة عوامل لم تشأ لذلك العمل ان يكون ضمن طليعة افلام عام 2018 الذي لم يكن ليتحمل وجود اي فيلم آخر نظرا لتصنيف ذلك العام علي انه “متوسط” سينمائيا بالاضافة الي كون مخرجه “لوكا جواداجنينو” احد المرشحين لجائزة الإخراج في كثير من مهرجانت الجوائز في السنة الماضية.
– فيلم Suspiria عاني من ضُعْفٍ كبير علي مستوي تقديم الشخصيات وتطورهم بشكل يلفت انتباه المشاهد فبرغم تشابك احداث الفيلم عند الوصول لنقطة النهاية إلا انا الإرتباط بالشخصيات والتفاعل معهم كان مفقود تَمَامًا حتي عند الوصول الي اللحظات الصعبة التي تملأ اغلب احداث الفيلم و تعم بالتعقيد الشديد غير ذلك من كثرة عدد الشخصيات وعدم فهم حيثيات ومبررات أفعال الكثير منهم فكانوا أشبه ب”العالة” أولوية وجودهم مبهمة و لا يمتلكون أي طريقة ﻹحداث أي تَأْثِيرٍ بالغ علي الاحداث بل يعدوا سَبَبًا وَاضِحًا من حشر الفيلم بمشاهد إضافية الجمهور في غني عنها لتصل مدة عرضه لقرابة الساعتين ونصف الساعة !!!!!!!.
– ليس هذا فحسب بل إمتدت المشاكل لتسود الأحداث نفسها والتي كانت كثيفة الحوار ومعقدة في الاستيعاب وغير قادرة علي إمداد المشاهد بالوعي الكامل عن الطبيعة المحيطة بشخصيات الفيلم مما تسبب في فشل تام بضمان متعة من يشاهد العمل والتلهف علي متابعة التسلسلات المتلاحقة والمشبعة بأفظع لحظات الرعب وأكثرها تَلْطَخُ بالدماء فذلك لم يكن متواجد قَطُّ في نسخة السبعينيات التي لم تكن لتصدر تلك الحالة من الارباك وعدم فهم أبعاد ذلك العالم الذي يسوده غموض أركانه وغرابة أناسه والقائمين عليه بل كانت تمتلك تَوَازُنًا مَقْبُولًا بين الحبكة ومشاهد الرعب التي للمفارقة كانت ذات مَفْعُولًا كَبِيرًا ضمن أحداث النسخة الجديدة برغم ما بها من عيوب بارزة.
– ربما الإمكانيات الإخراجية الهائلة التي يتمتع بها “لوكا جواداجنينو” تشفع له شيئا عن سقطات الفيلم الكثيرة فقد نجح في عكس أجواء الرعب بشكل ملفت عن طريق كادرات التصوير المختلفة التي جمعت زوايا عديدة لكشف تفاصيل الحالة الجنونية التي تمر بها شخصية معينة وسط فترة عصيبة ليست بالأمر الهين إطلاقا بالإضافة الي التصميم الناجح لخلفية الاحداث والتي تعود الي زمن انقسام ألمانيا في سبعينات القرن الماضي مع العمل وإن كان هناك قرارات علي مستوي تكوين الشخصيات لم تكن في صالح العمل بِتاتاَ حتي وإن كان الأداء التمثيلي لِكِلَا من “داكوتا جونسون” و “تولدت سوينتون” كان جيدا رغم عيوب الكتابة المذكورة سلفا ويستحقوا الثناء علي ما قدموه من جهد مبذول لنيل أَيَّةِ إشادة وسط حالة النقد الازع التي نالها الفيلم والقائمين عليه.
– في المجمل، لا ينصح فيلم Suspiria بالمشاهدة العائلية فهو يحتوي علي مشاهد حادة قد تثير الاشمئزاز نظرا لجرأتها في خلق أجواء الإثارة والتشويق لكن بِطَرِيقَةٍ مُثِيرَةٌ للعنف قد تسبب حالة من الانقسام بين محبي افلام الرعب النفسي وكارهيها لكن في المقابل لا يمتلك الفيلم أَيَّةِ حظوظ في إمكانية خوض تجربة المشاهدة لِمَرَّةٍ اخري أَمَرَا مُمْكِنًا نَظَرًا لِعَوَامِلَ عدة لم تكتب النجاح النقدي والجماهيري لصناعه الطامحين لإعادة أمجاد الفيلم القديم مُجَدَّدًا.