ينتمي فيلم Pearl الجزء الثاني في سلسلة أفلام “X” لنوعية من الأفلام تدعي أفلام التقطيع أو “Slasher Movies”، وهي مشتقة من أفلام الرعب حيث تضمن قاتلاً مضطرب عقلياً يستخدم أدواتٍ حادة مثل السكين أو المنشار وغيرهما من أجل حصد الأرواح وتقطيعهم وتشويه جثثهم بطرقٍ عنيفة ما تحمله الكلمة من معني، وتلك النوعية من الأفلام بدأ ظهورها فترة الستينيات وأهمها كان فيلم “Psycho” للمخرج الكبير “ألفريد هيتشكوك”، وإزدهرت بشكلٍ ملحوظ خلال الفترة بين عامي 1978 و1984 التي تعرف بإسم “الفترة الذهبية” لأفلام التقطيع، وإمتدت أيضاً للسينما الحديثة في الوقت الحالي وإشتهرت حينها عديد الأعمال مثل “Texas Chainsaw Massacre” و “Halloween” و “Friday the 13th”.
قائمة افلام رعب 2022 التي لا بد من مشاهدتها هذا العام
بالمرور علي هذه الأعمال ، يمكن القول أن هناك قاسماً مشتركاً بينهم من ناحية تصميم شخصية القاتل، حيث نجده دائماً في الوضع النشط الذي منه يرتكب جرائمه وأفعاله بشكلِ متسمر علي مدار الأحداث، وهذا قد يجعل البعض من تلك الأفلام متشابهة في الأفكار إلي حدٍ كبير، ولكن مع ظهور المخرج الشاب “تاي ويست” بفيلمه “X” الذي عرض أيضاً هذا العام مع فيلم Pearl … إتضح وجود عناصر تجدد تنعش نوعية أفلام التقطيع وتعطيها أبعاداً أخري خصوصاً فيما يتعلق بشخصية القاتل كبطل رئيسي للقصة والفيلم.
وذلك ما شجع شركة “A24” علي إستثمار أفكار “ويست” إلي جانب تحقيق فكرة التنوع في إصداراتها السينمائية، وتعطي الجمهور وجبة سينمائية صادمة وقاسية تضاهي ما تم تقدميه في الفيلم الأول “X”، وستساهم في حماس الجمهور للجزء الثالث الذي سيحمل إسم “MaXXine” المكمل لأحداث “X”، ومن المتوقع أن يكون بنفس روح العملين السابقين وأو أكثر قليلاً.
قصة فيلم Pearl
تدور أحداث فيلم Pearl قبل فيلم “X” بفترةٍ طويلة عن “بيرل” التي تحلم بالشهرة والخروج من دائرة عائلتها المنعزلة بإحدي المزارع الريفية، ولكن دوافع “بيرل” ورغباتها الشخصية تسببت في تحويل الأمور لكوارث كبري ومأسوية في الوقت ذاته.
مراجعة فيلم Pearl
يكمن عنصر إختلاف فيلم Pearl عن سائر أفلام التقطيع الأخري في تصميم الشخصية نفسها والحديث هنا عن شخصية “بيرل”، نحن لسنا أمام قاتل مجنونٌ بدرجةٍ كبيرة لا نراه سوي يفتك بضحاياه علي مدار ساعتين أو أقل قليلاً من الوقت المحدد للفيلم، بل نجد أن “بيرل” تتمتع بخلفية إجتماعية ووضعية معينة تتطرق إليها السيناريو وأعطاها المساحة الكافية كي تكون برهاناً كافياً للتحولات التي تطرأ عليها وعليها تقوم بمثل هذه الأفعال المشينة تجاه من حولها، الموازنة بين عناصر الرعب والإثارة والجوانب الدرامية كانتت مميزة بحق وحتي تشكل عاملاً للتفوق علي فيلم “X” التابع لتلك السلسلة.
وفي الفيلم نجد مشاهد القتل والتقطيع موضعة داخل الأحداث بذكاءٍ شديد لا تتبع فكرة الكم وليس الكيفية، القليل من تلك المشاهد كان كافياً لتصوير التغيرات التي طرأت علي “بيرل” وإكتملت بظهورها في فيلم “X” الذي نجد من المبرر أن تكون الشخصية بصورةٍ حادة وقاسية كل ما في الأمر أن تقضي علي باقي شخصيات الفيلم بالطرق التي رأينها في فيلم Pearl، ومن هذا الكلام أيضاً هناك تأكيد علي ترابط العملين مع بعضهما البعض حيث يمهد فيلم Pearl لما شاهدناه في “ْX” ، والأخير إن شاهده أحد في البداية سيزداد فضولاً لمعرفة هوية “بيرل” ومسببات أفعالها.
من المفاجئات المهمة التي تم تقديمها في الفيلم هو الجانب الدرامي الذي من الغريب أن يتقد البعض وجود مثل هذه النوعية من المشاهد داخل فيلم للرعب والتشويق، ولكن كما ذكرنا مسبقاً العمل ككل يحاول تجديد دماء أفلام التقطيع وطرح بعض الأفكار المختلفة التي لا تجعل العمل مجرد مسيل ممتع سينمائياً للدماء فحسب، والجميل في الأمر أن هذه الأحداثرغم هدوئها النسبي تمهد فجأة لتحولاتٍ كبيرة في صلب الأحداث وإزدياد نزعات الشر بداخل شخصية “بيرل” وإرتكابها لأفعال العنف والقتل.
ومن هذا الكلام يحين الحديث عن أداء الممثلة “ميا جوث” في دور “بيرل” الذي يمكن أن يقال عليه أوسكاري بإمتياز، هناك أحد المشاهد الحوارية مع شقيقة زوجها “هاورد” بالفيلم يعد من أفضل المشاهد التي قدمت في عام 2022 سينمائياً، حيث نري “جوث” في تعايش تام مع الشخصية من ناحية إنكسارها النفسي والمعنوي، ونبرات الحزن والإنفعالات التي تعبر تماماً عن الأزمة الكبيرة التي تمر بها الشخصية، وشكلت الدافع الأكبر للتحول الذي طرأ علي “بيرل”، وأجادت تجسيده “جوث” بطريقة مرعبة إلي حدٍ كبير تعكس كيف تم محو إنسانية “بيرل” وتحولها لشرٍ مطلق يقتل دور رحمةً أو شفقة.
في الختام، يضيف فيلم Pearl للجودة الجيدة التي تتمتع بها أفلام الرعب في موسم 2022 سينمائياً، ويعد الفيلم أيضاً تأكيداً كبيراً علي ذكاء شركة “A24” في إختيار الأعمال المتعلقة بالإثارة والتشويق التي تحمل بعض اللمسات الفنية مثل فيلم “The Lighthouse” و “The Witch” سابقاً، وثنائية “X” في الوقت الحالي.