مراجعة فيلم no time to die
مقارنةً بالأجزاء السابقة من السلسلة، يرتبط الكثيرون بشكلٍ كبير برباعية “جيمس بوند” التي يلعب من خلالها دور البطولة النجم البريطاني “دانيل كريج”، وذلك لأنها تحملُ طابعاً خاصاً عن سائر أعمال السلسلة الكلاسيكية والقليل الذي قدم بداية الألفية.
معلومات لا تعرفها عن دانيال كريج ” بطل سلسلة جيمس بوند “
فبدايةً من “Casino Royale” وحتي “Spectre” تتسيد تلك الأفلام الكثير من المواقف الدرامية التي تضيفُ كليتاً لعناصر القصة المطروحة، والاتوائات المفاجئة التي تُحدث تحولاتٍ جوهرية بالحبكة وتنقل العمل إلي مستويً آخر من الإثارة والتشويق، وأجواء الجدية التي لا تحمل لحظات الاغراء والاغواء التي كانت تيمةً لا تخلو منها الأفلام السابق، و تجعل من “جيمس بوند” دنجواناً يسحر النساء ويفتنهم بوسامته.
هنا في فيلم no time to die (الذي يعتبر الظهور الأخير للنجم “دانيال كريج” بشخصية العميل 007) تتجلي مكونات الأفلام الأربع الأخيرة بشكلٍ مكثف أكثر بكثير مما سبق تقديمه، وذلك لوعي صناع الفيلم بأنها نهاية تلك الرحلة التي بدأت من عام ٢٠٠٦ ولا يمكن إطالتها أكثر من ذلك، ونهاية مسيرة “كريج” منتحلاً شخصية “بوند” يخوض المهمات وبتحرق حواجز المستحيل من أجل إتمامها.
وبالفعل هي كانت الختام الامثل لرحلة “دانيال كريج” الذي نال تقدير الجمهور ومحبتهم الكبيرة علي تفانيه في اداء الشخصية، وتضع حداً فاصلاً لذلك الصراع الشرس والشخصي الذي خاضه “جيمس بوند” ضد ماضيه السابق بأسراره الخفية، وخبايا الأمور الذي تفاجأ بها “بوند” وحملت معها ملامح خطراً أصعب بكثير مما قد خاضه العميل من قبل 007 في عالم المخابرات و الجاسوسية.
قصة فيلم no time to die
يشهد فيلم no time to die عودة العميل “جيمس بوند” من التقاعد بناءاً علي طلب من صديقه عميل الاستخبارات الامريكية “فيليكس لايتر” من أجل البحث عن أحد العلماء المفقودين من المخابرات البريطانية، ولكن لم يكن يدري انه سيكون في مواجهة قوية ضد أحد الأشرار الخطيرين والمتسلحين بتكنولوجيا فائقة الخطورة.
كما ذكر مسبقاً، فيلم no time to die يحمل الكثير من التفاصيل علي مستوي السيناريو والحبكة مستفيداً كليتاً من ما قدم في فيلم “Spectre” ويبني عليه المزيد من الأحداث والتحولات المحورية التي يتسارع معها النسق والايقاع العام لفيلم no time to die، ويصل لأعلي درجات الحركة والأكشن في لحظة الذروة بتسلسل النهاية.
النقطة الإيجابية في السيناريو التي ساهمت في الحفاظ علي إهتمام المشاهد حتي الرمق الاخير من فيلم no time to die هو العمل علي احتواءه باللحظات التي تضيف لقصته دون أن تكون مجرد حشوٍ زائد لا فائدة منه، هنا كل جزئية من الأحداث تحدث فارقاً في السياق القصصي، وذلك ساعد كثيراً علي بلوغ الهدف المنشود وهو إنهاء تواجد “دانيال كريج” في السلسلة بأفضل طريقة ممكنة.
بالرغم من الثقل الدرامي الذي يتمتع به فيلم no time to die، إلا أنه أحب “كاري فوكوناجا” أن يخفف من وطأة الأحداث بشئٍ من الكوميديا الطفيفة الغير مبتذلة تدرج داخلها دون أن تحوذ علي الكثير من الوقت المحدد للفيلم،وذلك يعد عنصر الإختلاف الوحيد بفيلم no time to die عن سابقه من أجزاء، وبالإضافة للعناصر التي تم الخوض في تفاصيلها، يكون من السهل تصنيف الفيلم كاحد أفضل الأعمال التي قدمت شخصية “جيمس بوند” سينمائياً، وفي المركز الثاني أو الثالث بعد “Casino Royale” و”Skyfall”.
إخراجياً، يثبت “كاري فوكوناجا” بعمله انه الشخص المناسب لتواي مسؤولة فيلم no time to die ويؤديها علي اكمل وجه، فقد احلي بأفكارٍ جنونية ومعقدة في مشاهد الأكشن بالفيلم، وإختيار الأماكن الواعية التي تجعل من الجزء الحركي تحدٍ صعب علي “دانيال كريج” في تنفيذها إن نُفذ بطريقة صحيحة سيكون أفضل عنصر يقدم بالفيلم ويناسب أهميته كعمل ختامي لمرحلة هامة بعالم “جيمس بوند” السينمائي، هناك أيضاً إجادة كبيرة من الناحية التصويرية في وضوح التفاصيل الصعبة بالمشاهد، وساعدت كثيراً موسيقي “هانز زيمر” علي إضفاء إحساس الخطر المحدق ب”جيمس بوند” في سعيه لتخطي حواجز الصعب والعسير في تلك المهمة الخطيرة.
النجم “دانيال كريج” يؤكد علي أنه يتفوق بمراحل كثيرة علي نجوم السلسلة السابقين أمثال “شون كونري” و”روجر مور” علي وجه التحديد، فهو يمتلك المقومات الأزمة لتقديم أداء درامي جيد كبعد مختلف لشخصية “جيمس بوند” عن تلك الأسماء التي لم تكن لتفعل مثلما أبدع “كريج” في الأفلام الخمس، قد يعتقد البعض أن السيناريو لم يحسن استخدام “كونري” و”مور” علي عكس ما استثمر موهبة “كريج”.
تلك اراء صائبة بكل تأكيد، ولكن تشعر منذ الوهلة الأولي ان “كونري و”مور” سيصعب عليهم إرتجال الاداء الدرامي الجاد في الكثير من الأوقات، وهنا يكمن ارتباط الجمهور أكثر ب” دانيال كريج” الذي كان علي مستوي ضخامة حدث فيلم no time to die الذي خطط لأكثر المواجهات تعقيداً لشخصية “جيمس بوند”.
علي الجانب الاخر ، يسجل “رامي ماليك” حضوراً مميزاً في دور “لوتسيفر سافين” يعوض به ما قدمه من اداءٍ مخيب في فيلم “the little things”، وكذلك النجمة “ليو سيدو” التي تقدم نسخة فريدة و مختلفة من الشخصية النسائية في فيلماً ل”جيمس بوند”، بالإضافة إلي التواجد المهم والمحور للنجوم “رالف فينيس”، “انا دي ارماس”، وأيضاً “بين ويتشو” في دور “Q”.
في الختام، لن ينسي الجمهور مساهمات “دانيل كريج” القوية في سلسلة أفلام “جيمس بوند” حتي وإن أُعلن أن بديله سيكون من أبرز نجوم الساحة الفنية في الوقت الحالي، فقد أعطي “كريج” رونقاً خاصاً للعميل 007 قد يكون أفضل بكثير مما قدم سابقاً، ويتفوق عليه تماماً في التجسيد المتميز للشخصية والذي يعتبر العنصر الأهم لنجاح الأفلام الجديدة بما فيلهم بالطبع فيلم no time to die.