طالما كان العالم يمتاز بوحشيته الكاسرة تختلف حدة التوحش والتربص من مجتمع لآخر من فروض زمنيه وأفكار ايدولوجية تفرضها البيئة المحيطة ولكن بالنهايه الجميع يقع تحت طائلة الأذى.
مراجعة فيلم Judy
تدور احداث فيلم Judy قصة حياة فنانة تدعى فرانسيس وهو الأسم الحقيقى لجودى غارلند.. فتاة مراهقة صغيرة خرجت من اسرة فقيرة ينقصها الكثير وجدت ضالتها فى الوقوف أمام الكاميرات وحصاد الشهره.
وُضعت تلك الفتاة الصغيرة فى مواجهة مجموعة من المسُوقين والمرُوجين وكأنها أحد التحف أو الدُمى السخيفة يتم الترويج لها وتحريكها بخطوات محددة سابقا.
مأساة الفقدان تلخصت فى فقدان جودى لذاتها و حياتها فقدت هويتها.. لم تكن تنتمى إلا لذلك المكان ولا تعرف من هى فهى ليست طفلة صغيرة مُحاطة بالعائلة والرعاية ولكنها فى خضم صراع قوى ووضع نفسى لا تحتمله فتاة في عمرها ..حتى إنها تعرضت لنكسة نفسية حادة فى عمر الثامنة نتيجة للضغط العصبى والنفسى.. وخضعت لجلسات علاج نفسى فى مرحلة صغيرة من العمر.
تم التلاعب بها وتوجيهها إلى ذلك العمل دون أى قوانين تحميها كإنسانة أو دون مراعاة لحقوقها النفسية والجسدية.. ذلك التشبع النفسى والطقوس الفنية والتردد ع المسارح والعروض والوقوف أمام الكاميرا صنع من جودى فردا مختلف يهوى الشهرة والجمهور فقد نما فقط لديها هذا النوع من الشعور.. ولكن هل تلك الجماهير الغفيرة تشفع أو ترحم ؟..هل يشفع للفنان تألقه السابق وأوجه ونجمه الساطع؟ هذا ما ظهر بالفعل لابد وأن يتم معاملة المشاهير أو الفنان كإنسان طبيعى يفقد رونقه وقدراته كثير من الأحيان..أنه كائن حى يمر بتعاسة حقيقة وحياة تزجره بالأزمات خارج اطار المسرح والشاشات.
جودى هى ذلك الشخص العنيد القوى المحارب تمتلك جودى خامة صوت تدعى” كونترالتو” وهى خامة صوتية نادرة تُتطلق على صوت النساء العميق والنادر الوجود.. وذلك ما كان يميزها أنها نادرة الحدوث والوجود بذلك الصوت الرائع.. حاولت جودى عبثا التنقل والعيش.. حياة طبيعية تزوجت خمس زيجات انتهت بالطلاق.. لم تشعر جودى بالحب والاستحقاق والأمان الحقيقى فى وجود أى من هؤلاء.. فى النهاية اكتشفت جودى أن حبها الحقيقى هو للغناء والجمهور لم تجد الحب الحقيقى ولا دقات قلبها الحقيقية إلا فى لحظات الهتاف والتشجيع الجماهيرية.
تُجبر الحياة أحيانا على الإختيار والتواجد الفعلي فى قالب واحد مُخطئ من يظن أنه قد يستطيع التلاعب والوصول لكافة الأحلام.. فقدت جودى كل شئ كل شئ حقيقى يمتلكه البشر من أسرة مستقرة وبيت وعائلة حقيقية.. ولكنها نجحت فى ذلك المجال برزت قوتها فى الظهور وابهار العالم بصوتها الرائع وحضورها المميز.
خارج أحداث فيلم Judy ولم يتم ذكره بالفيلم هو أن جودى انتهت حياتها إثر جرعة زائدة من عقار تتناوله كمهدئ أو مساعد للتخلص من التوتر والأرق ماتت بعمر السابعة والأربعين…اعتقد أن لقسوة العالم المحيط يدا كبيرة فى القضاء على حياتها فهى أفنت نفسها وحياتها للفن والغناء بينما ترنحت قليلا واجهت…موجات عنيفة من الرفض وعدم القبول وهذا ف الأصل الهدف من الرؤية المُقدمة وهو تقبل الأخرين والتعامل برحمة… تليق الكيان الإنسانى وعدم قولبة الممثل أو الفنان فى شكل معقد من المثالية المفرطه…فى النهاية هم بشر.. ومن الواضح انها دعوة عامة تُطرح مؤخرا عن مشاق حياتهم كما أشار تارانتينو فى فيلمه الأخير فالنقد والتربص والتعسف بحياة هؤلاء قد يودى بهم إلى هوة الإقبال ع الموت والإنتهاء من الحياة فقد حدث مع الكثيرين أشهرهم الراحلة الفرنسية” داليدا” وليس الأمر ببعيد فتلك الحياة المرفهة والشهرة والنفوذ كما كانت رائعة فتعد النقمة لصاحبها أحيانا كثيرة.