علي الرغم من أنه أدرك ذلك بعد إنقضاء فترةٍ طويلة من مسيرته، إلا أنه إتضح أن النجم “آدم ساندلر” بظهوره في فيلم Hustle علي منصة “نتفليكس” يخبئ موهبة فذة في الأداء الدرامي ، ويعرف التحكم بطريقةٍ مناسبة في الشخصية وأبعادها المتعددة كي تُخرج “ساندلر” بهيئةٍ مختلفة ناضجة درامياً كأنها تمتلك باعاً طويلاً في مثل هذه النوعية من الأدوار ولا تنحصر نهائياً في نوعية واحدة من السينما كحال “ساندلر” الشهير بأعماله الكوميدية السطحية التي تتفاوت بين الجيد و المحبط نهائياً.
قائمة افلام نتفليكس 2022 التي لا بد من مشاهدتها هذا العام
بالطبع هذه ليست المرة الأولي الذي يقدم فيها “ساندلر” شخصية في فيلم درامي نظراً لتألقه بصحبة الإخوة “بيني وجوش صافدي” في فيلم “Uncut Gems” عام 2019 ، ولكن هنا في فيلم Hustle التصور العام المطروح من قبل صناعه يسهل علي “ساندلر” توفير المعالجة المناسبة لدوره بكل سهولة ، وبما يعكس كليتاً التحول الكامل له من كوميديان إلي نجمٌ درامي يرتجل اللإنفعالات والمشاعر المناسبة ، ويتفاعل بجدية وحماس في الموقف الحوارية ، وكذلك ينخرط في الشخصية ويثبت ذلك النمط الدرامي علي مدار أحداث الفيلم بأكمله.
ولهذا بات ينظر الآن ل”أدم ساندلر” علي أنه عرف معادلة التغيير وإنقاذ مسيرته من التدني الدائم لها مؤخراً ، ويكمل ما بدأه في “Uncut Gems” بأداءٍ متميز وأوسكاري في فيلم Hustle الذي يحسب له ذلك الإختيار المثالي لهذا العمل الملهم والواقعي الذي يجسد قصةً درامية عن المجد والمسعي المتخذ للوصول إليه ، ويقدم نظرة مناسبة علي عالم كرة السلة للمحترفين في أمريكا دون تأثيرٍ علي الهدف الرئيسي للفيلم.
قصة فيلم Hustle
تدور أحداث فيلم Hustle عن “ستانلي شوجرمان” كشاف لاعيبي كرة السلة الذي يكتشف أحد الاعبين الإسبان البارع جداً في الرياضة، ليقرر الإشراف عل تدريبه وصناعة نجمٍ منه في الوقت الذي يسعي فيه لتحقيق حلمه والعمل كمدربٍ لكرة السلة.
مراجعة فيلم Hustle
قد يبدو أن قصة فيلم Hustle تقليدية وتم تقديم المثيل لها من قبل، وذلك ملاحظٌ بالفعل ولكن في المقابل هناك جانبٍ معين تم الإسهاب فيه جيداً علي مستوي السيناريو وهو ما منح العمل صفة التفرد في ذلك العنصر بالتحديد، إلا وهو تسليط الضوء علي فترة التدريب التي جمعت “ستانلي” بالإسباني “بو كروز”، وشهدت مجموعة من المواقف الدرامية والحوارية التي يصعب التصور للحظات أنها طرحت بذلك الأسلوب المحكم فنياً وتنفيذياً.
وهناك تعمد فعلي بالإسهاب والتطويل الذي للمفارقة كان سيكون من المطلوب وجوده حتي لا ينسدل الفيلم تحت بند المكرر الذي لم يضيف الجديد لنوعية أفلام الرياضة بشكلٍ خاص والدراما علي نحوٍ عام، وما يحسب أيضاً لكتاب السيناريو “تايلور ماتيرني” و”ويل فيترز” إعطاء المساحة المناسبة لشئٌ من الكوميديا الخفيفة والغير مبذلة التي لا تؤثر علي الحالة العامة التي قد تكون الأكثر إمتعاعاً عن سائر أفلام الرياضات السابقة.
ذلك لا يعني أن لحظات الحسم لعدة أمور بالفيلم ليست بالجودة المطلوبة أو ضعيفة المستوي مقارنةً بالهيكل الرئيسي للقصة، بل علي العكس هي تحمل القدر الكافي من الإثارة التي يحدث معها التفاعل من قبل المُشاهد الراغب في تحقيق “ستانلي” و”بو” لأهدافهما الساعيين لها، وتساهم في وضع الخطوط المناسبة التي تبرر كافة المواقف المتعلقة بالتدريب وكذلك تنهي الفيلم بطريقة مناسبة وكنتاج عامٍ لتسلسلات أحداثه المتعددة.
بالطبع لا يمكن لكل هذه التفاصيل أن تبرز بهذه الكيفية والإجادة دون ذكر العمل الإخراجي المميز الذي قام “جيريمايا زاجر” الذي يستحق الثناء علي المونتاج خصوصاً الذي عن طريقه تم مزج لقطات التدريب والتنقل والقطع بينهم بسلاسةٍ كبيرة، بالإضافة إلي تقديم تكوينات بصرية وتصويرية تُعيش المتلقي الحداث كأنه بداخله حاضراً لمباريات السلة المختلفة، وتجسد إنفعالات وتعابير وجه الشخصيات عند حدوثٍ شئٍ ما من عراقيل وتحدياتٍ صعبة وخشونةٍ لفظية ومعنوية، تلك العناصر لابد أن ينظر إليها بعين الإعتبار وقت ترشيحات الأوسكار القادمة لخلوها التام من أية مشكلات قد تعيق إستحقاقها للتكريم وقت موسم الجوائز.
النجم “آدم ساندلر” كما ذكر مسبقاً يفيض بالحيوية في تجسيد شخصية “ستانلي” بعدما عرف طريق الحراك الصحيح لمسيرته الفنية، وهناك أحد المشاهد بالفيلم الذي يتحدث فيها بلسان الشخصية عن عشقها الكبير لرياضة كرة السلة بطريقةٍ تعكس فعلياً مدي الرصانة والحالة النفسية المثالية ل”آدم ساندلر” التي تمكنه من إدارة موقف حواري بذلك الكم الكبير من الحمية و التعصب ، و يعبر فيه عن حالة الشخصية كما لو كان يبعث برسالة أنه يحب السينما ويعشق العمل بها ومستعد للتغيير كما يحب “ستانلي” العمل داخل عالم كرة السلة ويُتيم به.
في الختام، ربما يكون عام 2022 عام “آدم ساندلر” بإمتياز ، لأنه سيقدم قريباً عملاً آخر ينتي لنوعية الدراما والخيال العلمي يدعي “Spaceman”، و إن تمكن من حصد نفس نجاح فيلم Hustle …فهنيئاً ل”هوليوود” عودة أحد أبنائها الضالين في غيابات الكوميديا والسفاهة إلي الواجهة واللمعان الفني والسينمائي من جديد.
