قد يبدو من الخارج مجرد فيلم معتاد عن غزو الفضائيين للأرض و الصراع ما بين الغزاة و البشر و لكنك سترى منذ الدقائق الأولى أن الأمر مختلف تماماً فى فيلم District 9 بل هو الاتجاه المعاكس تماماً لما توقعت.
قصة فيلم District 9 :
تدور أحداث الفيلم بعد وصول مجموعة من الفضائيين إلى كوكب الأرض ب 30 عاماً فى محاولة منهم لإيجاد مأوى بعيداً عن كوكبهم الذى يعاني من الفقر الشديد و نقص الموارد ليقوم البشر بعزلهم فى المنطقة 9 حتى يستطيعوا فهم التكنولوجيا الخاصة بهم للسيطرة على أسلحتهم و لكن تحدث حادثة ينتج عنها أول تحول لواحد من البشر إلى أحد الكائنات الفضائية .
– قصة الفيلم غير معتادة وسط مئات الأفلام التى قدمت فكرة الفضائيين بصورة شريرة شرسة عانت من التكرار على مدار السنين و لكنها على الرغم من ذلك كانت تضمن نجاحاً جماهيرياً و لكن صناع هذا الفيلم قرروا أخذ المخاطرة و محاولة تقديم شئ جديد.
– يتبنى الفيلم الأسلوب الوثائقي لطرح قصته و بداية الأمر من وجهات نظر علمية و بحثية و إعلامية من خلال لقاءات مع عدة شخصيات و منها الشخصية الرئيسية فان دير ميرف و هو ما يساعدنا على فهم الوضع سريعاً .
– قدم الفيلم نصف ساعة أولى ممتازة فاستطاع تقديم كل ما نحتاج معرفته عن الشخصية الرئيسية و خصائص الفضائيين و مكان إقامتهم و ما إلى ذلك من معلومات هامة و كثيفة إلى حدٍ ما فاستطاع تقديم كل ذلك بوقت قياسي بالإضافة لانطلاق أحداث الحبكة الفعلية للفيلم .
– مع بداية تحول بطل الفيلم تبدأ فصول الفيلم الأكثر سخونة مع محاولات البطل للهروب من الجنود المُطالبين بالقبض عليه من ناحية و كذلك بحثه عن وسيلة للعلاج من تحوله فى صراع مع الزمن حتى يعود إلى طبيعته و حياته .
– الثلث الثانى من الفيلم على الرغم من حقيقة أنه غنى بالأحداث لدرجة تقسيمه إلى عدد من الفصول القصيرة و لكن هذا الأمر صنع عيباً ليس بالبسيط يتمثل فى التسرع فى تقديم هذه التحولات الكثيرة و الفصول دون أن تأخذ الوقت اللازم على الشاشة مما جعلها مجرد أحداث عابرة على عكس حقيقتها كأحداث محورية بالقصة .
– حالة التسرع العامة فى الفيلم تسببت فى انتقاص زمن كل مرحلة من مراحل الفيلم نظراً لضيق وقت الفيلم الغير متناسب مع كثافة أحداثه و حاجتها إلى وقت أكبر ليتم تقديمها بأفضل صورة درامية ممكنة بالإضافة لإرساء أفكار و رسائل الفيلم التى لم تجد فرصة لكي تختمر بالشكل الأمثل رغم جودة الأفكار نفسها و حسن اختيار القالب التى قُدمت فيه.
– يعيب الفيلم كذلك تخليه بالكامل عن الأسلوب الوثائقي الذى أرساه فى الفصل الأول بالفيلم ، ربما كان القرار لإتاحة حرية أكبر فى تقديم الأحداث و المواجهات و لكن الانتقال الحاد من الأسلوب الوثائقي للأسلوب الدرامى المعتاد ما زال غير مريح.
– فى الثلث الأخير من الفيلم يجتمع أطراف الفيلم و نشاهد مواجهة قوية متعددة الأطراف متغيرة النتائج مع مرور الوقت مما رفع معدلات الإثارة و الحماس فى الفيلم إلى درجة مرتفعة للغاية بالرغم من استمرار مشكلة التسرع .
– الأداء التمثيلي فى الفيلم لم يكن أحد العناصر التى تلقت اهتماماً خاصاً لتلمع ببريقٍ خاص و لكن المستوى العام كان فوق المتوسط خاصة عند الحديث عن شارلتو كوبلى فى دور فان دير ميرف؛ قدم أداء ممتاز جسد فيه مراحل التحول و الهلع المصاحب لذلك ببراعة كبيرة كما قدم تحول درامي لم يكن بالبسيط لشخصيته على مدار الفيلم.
– تصميم أشكال الفضائيين كانت جيدة جداً و كانت العيون معبرة للغاية عن مشاعرهم و بشكل عام المؤثرات البصرية فى الفيلم كانت جيدة جداً .
– على مستوى الرمزيات فالفيلم يقدم لنا الفضائيين و هم يعيشون حياة غير آدمية يتم استنزافهم بكل الطرق الممكنة لتصبح حياتهم مختلفة تماماً عن البشر و تصبح ملذاتهم أدنى بكثير مما قد يحتمله المرء ، شاهدنا الأفارقة يستغلون جهلهم و فقرهم و حاجتهم فى استنزاف التكنولوجيا الخاصة بهم بأبخس الأثمان ، إسقاط حاد و قاسى على الطبقات الفقيرة فى المجتمعات المختلفة التى تعيش حياة معزولة عن الباقين دون وجود فرصة للتحرر و يبقى الأمل فى أن يظهر كريستوفر لهذه المجتمعات أيضاً عسى أن ينجح فى جلب المساعدة و تحرير أبناء طبقته.
– فى النهاية يحسب لصناع الفيلم محاولة التجديد و تقديم شئ مختلف عن الشائع يحمل قيمة فنية حقيقية بقصة مثيرة للاهتمام و بها قدر مقبول من الإسقاطات على المجتمع و النفس البشرية و فى رأيى فهذا المشروع كان لا بد أن يتم تقديمه على هيئة مسلسل قصير ، فبتوسيع عالم الفيلم و بشرح أكثر توسع عن حقيقة الفضائيين كان بالإمكان مشاهدة تحفة فنية لا تنسى.
تقييم فيلم District 9 هو 7/10