قبل الخوض في تفاصيل مراحعة فيلم Deep Water، يمكن القول أنه من المعروف أن آكثر ما يقتل العلاقات الزوجية هي الخيانة ومقابلة الحب والمعاشرة بالميول للآخرين من أجل الإستمتاع بلذةٍ ما غائبة في الحياة التي لم يكتب لها أن تكون مثالية بالدرجة المنشودة، و تلك الظاهرة تسود المجتمع حالياً بصورةٍ مخيفة وينتج عنها الكثير من النزاعات والمشكلات والتصرفات الغريبة آيضاً التي من شأنها أن تتسبب في هدم بيوتٍ وتفككٍ آسري و فتور المحبةٍ و الود الذي كان من المفترض أن يكون محتدماً تماماً لفترةٍ طويلة أو للأبد إن صح التعبير.
كل ما سبق يتم تجسيده بصورةٍ سينمائية خالصة في فيلم Deep Water الذي يقدمه المخرج الإنجليزي “آدريان لاين” العائد من جديد للسينما بعد غياب طويل دام لأكثر من 20 عاماً، والمعروف آيضاً بأعماله الصارخة في محتواها القصصي التي تسلط الضوء لي الجوانب المظلمة في العلاقات الزوجية والإجتماعية وتأثيرها علي جميع الأطراف خصوصاً علي الجانب السلبي.
أفضل افلام دراما 2022 .. افلام درامية عالية ستؤثر على عواطفك
عودة هي جيدة إلي حدٍ كبير من ناحية القصة والمحتوي، ولكن كان ينقصها بعض التفاصيل من أجل أن تكتمل الصورة المراد تقديمها، والتي من شأنها أن تقرب المشاهد أكثر فأكثر مما يحدث من لحظاتٍ مثيرة للغرابة، وواقعية بدرجاتٍ كبيرة تقارب التصور الذي من الممكن تخيله عن فكرة الخيانة وما يشابهها، ولكن بالنظر لما قدمه “آدريان لاين” من قبل…فإن فيلم Deep Water هو تكملة للرحلات السينمائية التي سطرها “لاين” عبر مسيرته الطويلة، ومقاربة للغاية من ذلك المحني السينمائي و الإنساني الرهيب.
قصة فيلم Deep Water
تدور أحداث فيلم Deep Water عن الزوجين “فيك” و”ميليندا” الذان لا يتمتعا بعلاقة مثالية تقليدية كسائر البشر، ويقومان بإرتكاب العديد من التصرفات التي تارةٍ تكون مزعجة، وتارةً تميل للعنف والإغواء الجنسي المستمر.
مراجعة فيلم Deep Water
سيناريو “زاك هيلم” و “سام ليفنسون” رسخ بطريقةٍ جيدة وبعديد التوصيفات لمراحل العلاقة الغريبة بين “فيك” و”ميليندا” مشدداً بالذات علي تصرفات “ميليندا” التي تميل لأشخاصٍ آخرين علي حساب زوجها بطريقةٍ مثيرة للتساؤل ومثيرة في الوقت ذاته لهؤلاء الذين تعتبرهم أصدقائها وتقيم معهم العلاقات الجنسية دون أن تعباً بشعور زوجها، كذلك يهتم السيناريو بالتركيز علي ردود فعل شخصية “فيك” صاحب النظرات الحاقنة والتعبيرات التي تحمل معاني الدهشة والإستعجاب من أفعال زوجته، إلي أن نلتقي مع التحولات الأساسية للشخصية النتاجة عن قراراتٍ صدامية من “فيك” مع تلك المسببات التي تعيق محبته وولعه ب”ميليندا”.
ولكن المشكلة التي تعيب سيناريو فيلم Deep Water هو غياب أصل الحكاية، والأسباب الحقيقية التي جعلت علاقة “فيك” ب”ميليندا” شائكة للغاية مبنية كليتاً علي الخيانة والامبالاة والاتوائات الكثيرة في العلاقة نفسها التي تقتل الإستقرار العاطفي بين الطرفين، أحداث فيلم Deep Water تمر بالصورة التي تم ذكرها في الفقرة السابقة ولكن بمرور الوقت يبقي السؤال مطروحاً دون أن يتم الإجابة عليه عن ماهية الإشكالات التي قتلت الحب بين الطرفين و لم تمنع ميول واحدٍ منهم لفعل ما يفعله من سلوك مروع.
حتي علي مستوي النهاية، يفترض أنه قد حدث شئٍ ما يضع حداً لما قدم بتسلسلات الأحداث كلها، ولكن الشكلية التي ظهر بها لم تكن مقنعة بالدرجة الكبيرة، وعاب السيناريو عدم الإهتمام بها كي تكون الختام الذي ينهي القصة بتحولٍ مهم علي الرغم مما سبقها من تفجرٍ بالأحداث وإنكشاف حقيقةٍ غائبة ومشكوكٍ فيها منذ البداية، ولهذا يمكن تلخيص ما سبق أن سيناريو فيلم Deep Water كان يحتاج إلي عديد التعديلات من أجل أن يظهر القصة بالشكل الأمثل لها.
ولكن يتم تعويض ذلك بالآدائات التمثيلية المتميزة من الثنائي “بين آفليك” و “آنا دي آرماس”، هنا ينجح “أفليك” في عكس مشاعر الغضب المحتبس بداخله من خلال التعبيرات الدقيقة التي سادت أوقاتٍ كثيرة من الأحداث، وتمكن آيضاً من إظهار برود شخصية “فيك” حينما يتعامل مع الآخرين وخصوصاً هؤلاء الذين تعرفهم زوجته “ميليندا”، تقابله علي الجانب الآخر الفاتنة “آنا دي آرماس” التي جسدت مظاهر الإغراء والتحرر النفسي والجسدي بطريقةٍ مثالية تعكس المستوي الفني الرهيب التي وصلت إليه موهبتها عقب العمل بكثرة في الكثير من الأعمال الهوليودية.
في الختام، لن يعد فيلم Deep Water التجربة التي يمكن العودة إليها ومشاهدتها مرةً ثانية أو يمكن تصنيفها في طليعة أفضل أعمال 2022 حتي الآن، ولكن مما قدمه قد يعتبر نظرة سينمائية لا بأس بها علي مشكلةٍ مشينة من شانها أن تهدد سلامة الحياة الإجتماعية بين الناس، وتبدد في الوقت ذاته مشاركاتهم الوجدانية والعاطفية مع بعضهم البعض .