مراجعات

نظرة على الفيلم الاسباني Cria cuervos – مراجعة فيلم Cria cuervos

مراجعة فيلم Cria cuervos

كم من المواقف مرت بجوارك دون أن تُحدث فى قلبك أثر..وكم من الأحداث تمضي وكأنها لم تكن.. إلا تلك الذاكرة العابثة بأحشاء عقلك والتى تُرديك قتيلا بمواقف كنت فيها مُجبر لا مُخيرا أن تكون تلك اللحظات والتى حينها مرت عليك دون أن تفهم السبب..

والغرض دون أن تدرى لم كل تلك المهاترات والشقاء الموجود أتذكُر عُزلتك الضعيفة والمقهورة وحدك فى ركن من أركان نافذة غرفتك لتتشتكى إلى الله متخوفا..من عواقب التذمر من عواقب القدر

لماذا أنا يا الله؟لماذا وضعت فى هذا العذاب تتسائل بخوف كما أخبرتك أمك يوما أن ذلك النوع من العواء خاطئ فلا يحق لنا التذمر لم كتبه الله..

قصة فيلم Cria cuervos

ولكنك بعقلك الضئيل الطفل الخائف المرعوب لا تدرى أى عواقب تلك .. أنا خائف يا الله كن معى أو ابعث لى الأموات اجعلنى اصدق أن المعجزات تحدث.. انقذنى يالله بالهشاشة والوحدة تأكلان حيا.. أتحدث عن مرحلة تحدد هويتك وحياتك ورغباتك ونفسك كيف أن أحزاننا تتوحد وتتشكل منذ الخليقة منذ البداية نولد ونستلم على عاتقنا ما سنعيش به حتما.. اتذكر تلك اللحظات التى علمت فيها أن القراءة ورأسك تهتز تسبب فقدان للذاكرة.

حينها قررت أن اجلس بأرجوحتى واقرأ قصته المفضلة كى يحدث كما سمعت من أصدقائي الساذجين.. ظللت أقرأ واحرك ارجو حتى بقوة الرياح.. بداخلى كنت اخشى فقدان ذاكرتي المعتقة بالقليل من المرح ولكن فرحة بشعور نسيان كل شئ وكأنى لا أعلم شئ.. داومت القراءة هكذا ولم افقد الذاكرة بعد.. الأرجوحة تآكلت والصدأ نخر بفولاذ لم تعد تتحمل الألم وهنت كثيرا ولم تذهب الذاكرة بعيدا. 

مراجعة فيلم Cria cuervos
مراجعة فيلم Cria cuervos

فيلم Cria cuervos الذى أشار بواقعيته المؤلمة عن حياة طفلة تفقد الأهل.. بل عايشت ماهو أكبر من طاقتها وأكثر من اختزالها واحتمال روحها الصغيرة.

من قال أن الطفولة هى أسعد لحظات الانسان وانها الجنة الطفولية الحالمة المُختطفة من وحشية العالم.. من كتب هذه الكلمات لم يعرف الفقد.. الفقد هو الألم الذى يجعلك تفقد التوقيت والزمن والشعور بقيمة الأشياء.. التعرض للفقد يبشرك بمتاهة من أشباه البشر يلتحمون حولك فأصبحت طفل شريد تركه العزيز لم يبقى له سوى الانتماء لكل غريب احمق ساورت له نفسه أنه الحارس الشخصى.

آنا..فتاة المواقف الصعبة تعيش بمنزل وسط أختيها هى اوسطهم ولكنها أُختيرت بعناية لا نعلم حقيقة من يختار لنا ذلك أم نحن من نختار ولكنها أُضطرت أن تعايش ما لم يره اخويها وذويها.. لتتغير حياتها للأبد تعتقد أنها عدة مشاهد لا تتعدى الذاكرة القصيرة المؤقتة..

ولكنها خارطة تسير عليها باقى حياتها.. فقدت آنا القدرة على الشعور الطفولى الساذج انتشل منها بقوة.. كان عليها التصرف برشد قبل أن تكون راشدة.. أدركت معنى الموت والمرض والانتهاء ..وهو مالا يعلمه أى طفل طبيعى..

فى أحد المشاهد العبقرية فقدت آنا حيوانها الأليف فقررت أن تعامله كما علمتها الأيام عن الموت وقدسيته.. احضرت تابوتا واقامت القداس للأرنب المفقود.. وقررت الصلاة لروحه .. وهى تردد الصلوات وتناجى روحه وكأنها تعلم الموت و تدرسه جيدا .. داعبتها روح الطفولة التى تتلاشى عن وجهها يوما وراء الآخر .. فلم تكمل صلاتها و لطخت وجهها بالطين وللحظة نسيت أنها بالغة ومارست الطفلة الدفينة المتلاشية..

مراجعة فيلم Cria cuervos
مراجعة فيلم Cria cuervos

فيلم Cria cuervos يعكس الصراع الحى لمن يدركه الله بقليل من الحس والشعور والانتباه وكيف يستيقظ هؤلاء وينامو على آلامهم وكيف تقع عيونهم على ما يربك حياتهم “آنا” الطفلة العطوفة لجدتها تعلم أن لا أحد يهتم بها وتهتم بتسليتها والتحدث معها.

تجلس آنا الشغوفة بأغنيتها المفضلة تسمعها مرار وتكرار.. تنشد منها الأمان تستمد الحب من تلك الموسيقى العازفه وكأن يد امها تحتضنها وتهون عليها المعاناة.. لم يتركها البشر لفرحتها البسيطة و ملجأها المسكين لتصرخ عليها خالتها لتغلق الموسيقى يا آنا …..

في نهاية فيلم Cria cuervos اقتبس كلمات الرائع “لويس بونويل” عليك البدء في فقدان ذاكرتك إلى أجزاء و فتات حتي تدرك أن الذاكرة هي ما تصنع حيواتنا. حياة بلا ذاكرة هي ليست حياة… ذاكرتنا هي منطقنا، سببنا ، شعورنا حتي أفعالنا. بدونها نحن لا شئ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *